الهندسة والآليات > الطاقة

سيارات الجيل القادم الكهربائية قد لا تحتاج لتبديل البطارية بعد الآن

قسم أبحاث الطاقة الأمريكي أشار إلى أسباب فقدان بطاريات السيارات قدرتها على الاحتفاظ بالشحن مع مرور الزمن:

من الحواسيب المحمولة مروراً بالهواتف الذكية إلى الصناعة المزدهرة للسيارات الكهربائية، تحول عالمنا للاعتماد أكثر على البطاريات القابلة للشحن. ولكن كما يعلم أي شخص امتلك حاسوباً محمولاً لعدة سنين أن البطارية في النهاية ستخسر قدرتها على الاحتفاظ بالطاقة.

لم يفهم العلماء السبب وراء ذالك، مما جعلها مشكلة عصية على الحل، ولكن تبعاً لعدد من الدراسات الحديثة من قبل قسم أبحاث الطاقة الأمريكي التي نشرت في مجلة (Nature Communications) أننا اقرب من أي وقت مضى لصناعة بطارية لا تتحلل.

العمل كان مركزاً على بطاريات (Li-ion) ليثيوم-ايون الشائعة الاستخدام في الأجهزة المعدة للمستهلكين، وسبب استخدامها يعود إلى خفة وزنها وسعتها التخزينية (قدرتها على التخزين) الكبيرة.

قام العلماء باسقاط عملية الشحن والتفريغ على واحد بالمليار من المتر من البطارية وذلك لفهم أفضل لكيفية التحلل، اكتشفوا مسببين لتحلل البطارية، الأول نقاط ضعف مجهرية في بنية مادة البطارية توجه ايونات الليثيوم عشوائياً ضمن الخلية. تسبب تآكل البطارية بطرق تبدو عشوائية شبيهة بانتشار الصدأ في شوائب الفولاذ.

في الدراسة الثانية، المتركزة على إيجاد أفضل توازن بين الفولطية وسعة التخزين وذروة الشحن القصوى، لم يجد الباحثون فقط عيوباً مشابهة في تدفق الايون وإنما أيضا تراكمات صغيرة جداً لكريستالات نانوية الحجم نتجت بسبب تفاعلات كيمائية مما يسبب عدم انتظام لتدفق الايون بشكل أكبر بعد كل عملية شحن.

بالاضافة الى أن تشغيل البطارية بجهود عالية (فولت) أدى إلى شذوذ اكبر في تدفق الايون وبالتالي إلى تدهور حالة البطارية بشكل أسرع.

قد يبدو و كأنه على العلماء أن يكونو قد فهموا بشكل كامل منذ عقود مضت البطارية - تكنولوجيا استُخدمت بشكل فعال منذ العام 1800 وحتى الاّن- و لكن "هولين شين"، عالم المواد في مختبر بروكلين والمؤلف المشارك في كلتي الدراستين، قال بأن التوليفة الناجحة للتكنولوجيا الجديدة لم تصبح متاحة إلا مؤخراً.

العديد من الأجهزة المتطورة، مثل مجاهر تصحيح الانحراف الإلكترونية وتقنيات سنكروترون الأشعة السينية - حقل مغناطيسي قوي يزيد من طاقة الجزيئات للمحافظة على قطرها الدوراني ثابتاً- لم تكن متوفرة منذ 10 أعوام، كما يقول "شين". ولكنها أصبحت متوفرة لاستخدامها في دراسة بطاريات الليثيوم-ايون الاّن.

هذه المعطيات الجديدة توفر للباحثين تصور أفضل لكيفية عمل هذه البطاريات، مما سيؤدي إلى بطاريات أطول أمداً، خصوصاً في الكترونيات المستهلك، وذلك في المستقبل القريب. ولكن، يؤدي هذا لظهور مشاكل جديدة فحسب ما قاله "شين" فإن زيادة مساحة سطح البطارية ضروري لأداء أفضل، ولكن من المرجح أن السطح الأكبر سيساعد في تدهور البطارية أيضاً.

"لمنع (تدهور السطح)، يمكننا إما تغليف المهبط (القطب السالب) بطبقة حماية أو إخفاء هذه السطوح من خلال خلق حدود داخل المساحيق ميكرونية الحجم ]داخل الخلية["، كما يقول "شين".

الخطوة المستقبلية في هذا البحث ستكون لإيجاد أفضل الطرق لصنع أكثر البطاريات فعالية واقتصادية.

"دانيل إبراهام" عالم يركز في بحثه على مجال بطاريات (Li-ion) في مختبر أرجون الوطني بالقرب من شيكاجو، شكك في أن الدراسات الجديدة ستشكل قفزة نوعية، ويقول أن اسقاط عمل البطارية على مواد اخرى تم إنجازه في الماضي، بما في ذلك من قبل فريقه قبل نحو 12 عاماً. و يعتقد أيضا أن هناك المزيد ليتم كشفه عن تدهور البطاريات مما تم معرفته حتى الان.

وبحسب أبراهام، "هم الأن يحاولون إيجاد علاقة بين تدهور الأداء والصورة التي يرونها، والتي يمكن أن تكون خاطئة، فذلك جزء من القصة ولكنها ليست القصة الكاملة."

"شين" متفائل أكثر بالعمل الذي قاموا به في مجال تحسين البطاريات، وليس فقط لسيارات المستقبل الكهربائية ولكن أيضاً للإلكترونيات المحمولة.

وقد تم مؤخراً تحديد مهبط (الليثيوم-نيكل-مغنيز-أوكسيد) كالمادة الوحيدة المجدية تجارياً من أجل الجيل القادم من بطاريات (Li-ion) ليثيوم-ايون، هذا بحسب "شين" ويضيف أنه عن طريق حل مشكلة التدهور يمكننا أن نجعل بطاريات الجيل القادم أصغر حجماً وجعل شحنها وتفريغها أكثر موثوقية.

ومع ذالك فأن خبيري البطاريات هذين يتفقان على أن إيجاد وسيلة لجعل البطاريات لا تبلى بسرعة، لا يقل أهمية عن صنع بطاريات ذات سعة (قدرة) أكبر وذلك للعديد من التطبيقات المستقبلية المهمة.

ويشير "شين" إلى أن مشتري السيارات الكهربائية لديهم قلق مبرر حول فشل البطاريات بعد انتهاء فترة ضمانها، أما "إبراهام" فلاحظ أنه في حين أنك تحتاج إلى بضع سنوات من العمل لبطارية هاتفك الذكي أوحاسبك اللوحي، إلا أن معظم أصحاب السيارات الكهربائية يبحثون عن بطارية تدوم من 10 إلى 15 عاماً.

أما للاستخدام في الشبكة الكهربائية (لتخزين الطاقة الزائدة الناتجة عن ساعات غير الذروة) فينبغي للبطاريات أن تدوم 30 عاماً أو أكثر.

وهذا يجعل بناء بطارية أفضل لحاسبك المحمول أسهل بكثير من حل مشاكل طول العمر في مجالاتٍ أخرى.

"إنه لأمر جيد الحصول على كثافة طاقة أعلى، ولكن إذا كنت تحصل على كثافة طاقة على حساب عمر البطارية، فستكون الجدوى الاقتصادية لهذه التكنولوجيا محط استفهام"، ذلك تبعاً لإبراهام.

ويضيف : "في حين إذا كنت تملك تكنولوجيا جديدة وأنها يمكن أن تستمر مابين سنتين و 30 سنة، فذلك سيصبح قابل للتطبيق تجارياً على الفور".

في حين أن عمل "شين" وزملائه قد يساعد الباحثين على صنع بطاريات لا تتحلل بسرعة،فإنه من الواضح أن المزيد من الإنجازات سيكون ضرورياً قبل أن نتمكن من رؤية بطاريات قابلة للشحن تدوم لأكثر من عقدين من الزمن دون أن يكون لها تآكل يُذكر.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا