الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

فيتامين "د" وعلاقته بالأمراض

نُشرت في بداية الـ 2014 م دراستان ضخمتان حول فيتامين "د" حيث جاء في نتائجهما أنه غالباً ما تحدث الوفاة لدى الأشخاص ذوي المستويات المنخفضة من فيتامين "د" بالسرطان أو الأمراض القلبية، بالإضافة إلى أمراض أخرى!

يعتقد الباحثون المشرفون على الدراسة أن مستويات فيتامين “د” مقياس جيد للصحة العامة و لكنه لا يجيب على سؤال ما إذا كانت المستويات المنخفضة منه تعتبر سبباً للأمراض أم أنها مجرّد مؤشر للسلوك الذي أدى إلى تدهور الحالة الصحية، كنمط الحياة الحضرية و التدخين و النظام الغذائي المليء بالأطعمة المصنعة و غير الصحية.

فيتامين “د” الملقب بفيتامين سطوع الشمس كما ذكرنا في مقالتنا السابقة يتم إنتاجه بالجسم عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس كما يمكن الحصول عليه عبر تناول المكملات الغذائية، بالإضافة إلى مجموعة ليست كبيرة من الأغذية كالسمك و البيض و اللحوم، مع العلم أن التدخين و السمنة و الحالات الالتهابية تؤدي إلى نقصان مستويات فيتامين “د” الدموية.

يقول أحد أخصائيي الطب الوقائي المشاركين في إحدى الدراستين اللتين تم نشرهما مؤخراً أن مستقبلات فيتامين “د” و الإنزيمات المرتبطة به موجودة في أنسجة و خلايا الجسم و يعتقد أنها تلعب دوراً حيوياً في العديد من الوظائف الفيزيولوجية، و يضيف أن فيتامين “د” يملك تأثيرات على المستوى الوراثي كما أن له دور في صحة الجهاز القلبي الوعائي و الجملة العظمية حيث توجد فرضيات مختلفة حول العوامل التي يقوم فيتامين “د” بتنظيمها من المورثات إلى الالتهابات، و هذا ما يجعل فيتامين “د” مركّباً واعداً للمستقبل.

شملت الدراستان المذكورتان ما يزيد على مليون مشارك، و تضمّنتا نتائج مبنيّة على ملاحظة العلاقة بين الأمراض و مستويات فيتامين “د” في الدم مع مرور الزمن، كما استعرض الباحثون أدلة من تجارب سابقة مضبوطة مُعَشّاة و هو المعيار الذهبي في بحثهم العلمي الذي جزم بأن تناول فيتامين “د” يومياً مفيد للصحة، حيث وجدوا دليلاً مقنعاً أن فيتامين “د” يحمي الجسم من الأمراض الرئيسية، فالبالغون ذوي المستويات المنخفضة من فيتامين “د” يملكون فرصاً أعلى بنسبة 35% للوفاة بمرض قلبي، و احتمالاً أعلى بنسبة 14% للوفاة بالسرطان، و خطر وفاة أعلى بشكل عام.

و عندما توجّه الباحثون إلى دراسة تناول فيتامين “د” عبر المكملات الغذائية وجدوا أن لا فائدة تجنى من أخذ فيتامين “د” بشكله (V.D2) ، و لكن البالغين بمتوسط العمر و الأكبر من ذلك الذين أخدوا مكملات V.D3 (و هو النمط الموجود بالسمك و مشتقات الحليب و الذي يتم تركيبه استجابة للتعرض لضوء الشمس) نقصت لديهم فرص الوفاة بنسبة 11% بجميع الأمراض، و ذلك بالمقارنة مع البالغين الذين لم يقوموا بذلك.

يقدّر أن أكثر من ثلثي السكان في الولايات المتحدة و أوروبا لديهم عوز بفيتامين “د”، فقد قال الباحثون في دراستهم أن 13% من مجمل الوفيات في الولايات المتحدة و 9% في أوروبا قد تعود إلى نقص مستوى فيتامين “د” و بالتالي فإن فيتامين “د” قد يكون خياراً جيداً لإنقاص الوفيات بالأمراض القلبية الوعائية و غيرها.

في الدراسة الثانية قدّم فريق من الباحثين رؤية أكثر دقّة حول فيتامين “د”، و خلصوا إلى وجود دليل لا بأس به يشير إلى أن المستويات العالية من فيتامين “د” تحمي الجسم من السكري و السكتة الدماغية و ارتفاع ضغط الدم و الكثير غيرها، و لكنهم أيضاً صرّحوا بعدم وجود دليل شديد الإقناع أن مكملات فيتامين “د” تؤثر على الخلاصة التي توصلوا إليها، فقد قال أحد المشرفين على الدراسة : بناءً على ما وجدناه لا يمكننا أن ننصح الناس بتناول مكملات فيتامين “د” بشكل واسع.

هذا و كانت الدراسة الثانية قد تطرقت إلى صحة العظام، فلطالما اعتقدنا أن فيتامين “د” يحمي من الكسور لدى المصابين بهشاشة العظام و لكن التجارب السريرية في السنوات الأخيرة تحدّت هذه الفكرة، أمّا الدراسة الأخيرة في الحقيقة لم تجد دليلاً يدعم هذه الفرضية.

و حسب أحد الباحثين المشرفين على الدراسة الثانية قد لا يكون فيتامين “د” أساسيّاً بالحفاظ على الكثافة المعدنية للعظم كما كنا نعتقد، و لم يكن وحيداً بنصح الناس بالتوقف عن تناول المكملات من فيتامين “د” في الوقت الراهن.

على الرغم من أن المشرف على الدراسة الأولى وجد المكملات مفيدة و لكنّه أكّد أننا ما زلنا بحاجة المزيد من الأبحاث لنعرف ما هي مستويات فيتامين “د” المثالية، و قال : بدلاً من تناول المكملات يمكن للناس أن يرفعوا مستوى فيتامين "د" في دمهم من خلال نظام غذائي ملائم و التعرض لأشعة الشمس لمدة 30 دقيقة مرتين أسبوعياً.

إن العوامل الأكثر أهمية عند الحصول على فيتامين دال هي ممارسة بعض التمارين في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس و اتّباع نظام غذائي صحي.

هذا و قد جاء في المقدّمة التي أرفقت بالدراسة أنه لا يجب أن ينصح الناس بمكملات فيتامين دال بشكل واسع حتى تنتهي التجارب السريرية التي تجرى حالياً فتلقي الضوء على فوائد المكملات و أثارها الجانبية المحتملة، و لكن حسب وجهة نظر المتحدّث باسم إحدى المجوعات التجارية التي تعنى بالمكملات فإنّ فيتامين دال لا يمكن الحصول عليه بسهولة من الطعام لوحده كما نوّه إلى أن التعرض لأشعة الشمس له مخاطره أيضاً، و قال أنه يتفق مع دكتور الدراسة الأولى بأننا نحتاج مزيداً من الأبحاث لتحديد الجرعة المثلى من فيتامين دال.

حاليّاً إذاً هناك ما يكفي من الأبحاث تشير إلى أهمية تناول مكملات فيتامين دال لتزوّد الجسم بمجموعة من النتائج الصحية الإيجابية.

المصدر: هنا