التاريخ وعلم الآثار > حضارة اسلامية

المعلّم الثاني..الفارابي

إنّهُ "المعلّم الثاني" عالم وفيلسوف العصر الإسلامي الذهبي، وعالم المنطق والسياسية والموسيقى أيضاً !

أما اسمه فهو أبونصر محمد بن محمد فارابي،.وُلِد في فاراب، كزاخستان عام 872.

وأما لقبه "المعلّم الثاني"الّذي عُرف به بين العرب فسمي بذلك لأنه اُعتبر المعلم الثاني بعد أرسطو ومن المؤسف أن الفلاسفة الذين تلوه، مثل ابن سينا، قد طغوا على إسمه، ومن الجدير بالذكر أن الفارابي كان أكثر إبداعاً من ابن سينا الذي حاول عبثاً فهم كتاب ميتافيزيقيا أرسطو.

لم يترك لنا الفارابي أي سيرة ذاتية ولذلك لم يعرف إلا القليل عن حياته. تقول الأسطورة التي صاحبت حياة هذا الرجل العظيم أنه تحدث مايقارب70 لغة.

كزاخستان كانت مسقط رأسه، انتقل إلى بغداد لدراسة اللغةِ العربية، وكانت تلك المدينة شاهدةُ على معظم كتبه التي كتبها هناك.

سافر إلى دمشق، مِصر، حران، وحلب حيث أصبح الحاكم الحمداني سيف الدولة راعيه وكفيله.

يُعدُّ الإرث الفلسفي الذي تركه لنا الفارابي إرثاً كبيراً. ففي مجال الميتافيزيقيا يُعتبر الفارابي "أب الأفلاطونية الحديثة الإسلامية" ومن الواضح في معظم أعمال الفارابي أن الأفلاطونية الحديثة تهيمن على جزء كبير من فكره ويظهر هذا جلياً في أشهر أعماله كتاب (المدينة الفاضلة) المُشبّع بفكر الأفلاطونية الحديثة عن الله . نجد في "المدينة الفاضلة" بعض العناصر الأفلاطونية ولكن النظرية اللاهوتية فيها ، خلافاً لسياستها، يضعها خارج إطار التيار الأفلاطوني الصافي.

يملك الفارابي كِلا البُعدان، الأرسطوي والأفلاطوني الحديث في نظرياته المعقدة عن المعرفة، كلا البعدان لا يندمج بشكل كلي مع الآخر.

تأثيره كان واسعاً وممتداً ليس فقط على الفلاسفة الإسلاميين الكبار مثل ابن سينا الذي أتى بعده، أو الأدنى منه مثل يحيى ابن عدي السجستاني ، العميري والتوحيدي، ولكن أيضاً امتد ليشمل مفكرين كبار في أوروبا المسيحية في القرون الوسطى بما في ذلك توما الأكويني.

حياته وأعماله :

شُهرة الفارابي لم تقتصر على كونه الفيلسوف والسياسي. فهو الموسيقي أيضاً. من كتبه المشهورة "كتاب الموسيقى الكبير" .

يبقى كتابه "المدينة الفاضلة" أشهر أعماله على الإطلاق ويُقارن بكتاب أفلاطون "جمهورية أفلاطون"

أيضاً من كتبه المشهورة: "رسالة في العقل" ، "كتاب الحروف" و "كتاب إحصاء العلوم"

الميتافيزيقيا (علم ما وراء الطبيعة):

وصف "ماجد فخري" الفارابي بـ"مؤسس الأفلاطونية الحديثة العربية" وأول شخصية مُهمة في تاريخ تلك الحركة الفلسفية منذ بروكلس. من الجدير بالذكر أن الفارابي كان أرسطي بالإضافة لكونه أفلاطوني. يقال أنه قرأ كتاب أرسطو "الروح" مئتي مرة وكتابه "الفيزياء" أربعين مرة لذلك استخدامه للمصطلحات الأرسطوية أمر غير مفاجئ.

حاول الفارابي إيجاد الاتفاق الأساسي بين أرسطو وأفلاطون في مسائل عدة مثل خلق العالم، وبقاء الروح، والثواب والعقاب في الآخرة.

في تصور الفارابي لله، الجوهر والوجود يندمجان تماماً مع عدم وجود إمكانية للإنفصال .ولا يمكن التهرب من حقيقة عنصر الأفلاطونية الحديثة الذي يسيطر على الكثير من أعمال الفاربي.

نظرية المعرفة

لنظرية المعرفة الفارابية كما ذكرنا كلا البعدين الأفلاطوني الحديث والأرسطي.

المصادر العربية الأولى في هذا الموضوع هي كتب "إحصاء العلوم" ، "رسالة في العقل" ، كتاب الحروف".

كتاب "رسالة في العقل" يعطينا المفتاح الأكثر إفادة في فهم نظريات الفارابي المعقّدة في التعقل. في هذا الكتاب يقسم العقل إلى فئات رئيسية في محاولة لبلورة الكلمة العربية "عقل"

أولاً: هناك ما يمكن تسميته فطنة أو حكمة، الشخص الذي يمكنه التصرف بشكل صالح يتميز بهذه القدرة.

ثانياً: ما يعرف بالحس السليم و هذا الفكر مرتبط بدلالات البداهة والتمييز الفوري.

ثالثاً: الفهم الطبيعي: وهو الذكاء الذي يسمح لنا أن نكون على يقين من الحقائق الأساسية، هو ليس مهارة مستمدة من دراسة المنطق ولكنه وراثي.

رابعاً: الضمير، حيث يمكن للشخص أن يميز الخير من الشر وهو ناتج من خبرة كبيرة في الحياة.

خامساً: هو الفكر الأكثر صعوبة والأكثر أهمية، ويقسم لأربعة أنواع مختلفة:

- عقل بالقوة

- عقل بالفعل

- عقل مكتسب

- عقل فعال

سادساً: إدراك إلهي أو ربّاني، مصدر كل الطاقة الفكرية.

لم تكن ظروف وفاة الفارابي واضحة، فالبعض يقولون أنه توفي بشكل طبيعي في دمشق والبعض يقولون أنه سُرق وقُتل على الطريق من دمشق إلى عسقلان عام 950 م.

المصادر:

هنا

هنا