الفنون البصرية > فن وتراث

سوريا -التألُّق والمأساة.. في روما.

هو معرضٌ بمثابة رحلةٍ تنقلنا بين 'الرّوعة' و 'المأساة' في أكثر من عشرين عملٍ في أكبر المتاحف الإيطاليّة، مُلقِياً الضّوء على الحضارات الّتي ازدهرت في سوريا. إنّه ليس بمعرضٍ عاديٍّ، بل هو حدثٌ يسعى إلى رفع الوعي العالميّ ولفت الانتباه لتدمير التّراث الثّقافيّ السّوريّ في الصّراع الحاليّ.

المعرض -الّذي يستمرّ حتّى 31 آب في قصر فينيسيا في روما- يُركُّز على الأضرارِ الحاصلةِ والخطرِ المستقبليّ الّذي يهدّد بقايا الماضي الإسلاميّ والمسيحيّ في سوريا كالآثار الرومانيّة في إيبلا وتدمر وقلعة حلب.

يقول فرانشيسكو روتيلي -وزير الثّقافة والسّياحة السّابق ورئيس بلديّة روما: "الجميع يتّفق على أنّ قيمة التّراث اليوم أكبر من أيّ وقتٍ مضى، ومع ذلك، فهم يكتفون بتقديم الدّعم الشّفويّ، ويقفون مكتوفي الأيدي أمام عمليّة تدمير مكانٍ يُعَدّ مهد 5000 سنةً من الحضارة. وخلال محاولتهم للوصول إلى الحقائق يتمّ تقليص حجم الحضارة باستمرارٍ."

"اليوم في سوريا، نحن نواجه دماراً كارثيّاً لإرثٍ غير قابلٍ للتّكرار، إرثٍ يتضمّن الكثير من الآثار والمواقع الأثريّة والمساجد والكنائس ومراكزَ تاريخيّةٍ ذات قيمةٍ لا تُقدَّر بثمنٍ. ومع ذلك كانت ردّة فعل المجتمع الدّوليّ أكثر إحباطاً، فالصّمت واللّامبالاة شكّلا نوعاً من الاستسلام، حيث كلّ المحاولات في مواجهة الأزمة السّياسيّة والتّطوّرات العسكريّة فشلت وأدّت إلى التّخّلي عن الحضارة."

وينوّه روتيلي: "بعد انعقاد مؤتمر اليونيسكو الدّوليّ في أيّار العام الماضي، وبالتّعاون مع باولو ماتييه Paolo Matthiae -عالم آثارٍ ومدير بعثة إيبلا ورئيس البعثة الأثريّة الإيطاليّة في سوريا- قمنا بإطلاق نداءٍ لنزع السّلاح في بعض أهمّ المواقع الأثريّة في العالم لتجنُّب التّدمير."

وحدّد روتيلي بعضاً من هذه المواقع، منها: قلعة حلب، الجامع الأمويّ وسوقه، بُصرى في جنوب سوريا، قلعة المضيق في أفاميا، إيبلا، وكنيسة القدّيس سمعان العموديّ -أقدم كنيسةٍ بيزنطيّةٍ باقيةٍ حتّى الآن.

"يمكن لليونيسكو تولّي مهمّة الحفاظ على هذه المواقع، ووضع هدف وقفٍ جزئيٍّ لأعمال عنفٍ أودت بحياة أكثر من 160 ألف ضحيّة، وشرّدت ملايينَ من اللاجئين، وسبّبت كارثةً للتّراث التّاريخيّ والأثريّ والدّينيّ الهائل الّذي هو جذور حضارتنا."

كما أكّد روتيلي أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة الّتي يمكن التّدخّل فيها الآن، فضلاً عن أهمّيّة مراقبة المواقع المختارة من بين المواقع الأخرى لحمايتها من عمليات التنقيب غير القانونيّة والتّهريب. فصورة الأقمار الصّناعيّة في المعرض تظهر بدايةً لحفريّاتٍ سرّيّةٍ تجري في جميع أنحاء سوريا.

تمّ التّرويج لهذا الحدث عن طريق وزارة الثّقافة الإيطاليّة، بتنسيقٍ من قِبَل دانييلا بورو Daniela Porro تحت رعاية اليونيسكو ومشاركة ماتييه Matthiae الحثيثة، هؤلاء كلّهم اجتمعوا معاً من أجل هذا الحدث الكبير.

جديرٌ بالذّكر هو حصاد هذا الحدث لاهتمام الملحّن الشّهير -الحائز على جائزة أوسكار- انيو موريكوني Ennio Morricone وتبرُّعه بموسيقاه لصالحه.

ويقول روتيلي في ذلك: "معلّمٌ وفنّانٌ حقيقيٌّ كـ موريكوني تبرّع بموسيقاه ليؤكّد على العاطفة والمعاناة وإرادة الشّعب."

ويُسهِب بالقول: "بدلاً من النّظر إلى أنقاض المآذن أو الحفريّات السّريّة، أنا شخصيّاً أُفضّلُ الغوص في لوحةٍ من تدمر أو التّمعُّن في وجه فتاةٍ سوريّةٍ تغنّي عن حبّها لوطنها. و في أحد المشاهد نرى طفلةً أُجبِرت على التّوقّف عن الغناء بسبب انفجار قنبلةٍ. كم نأمل أن تبدأ الغناء في يومٍ ما، يومٍ غير بعيدٍ عن هذه اللّحظة"

المصدر :

هنا