الطب > مقالات طبية

آتا

استمع على ساوندكلاود 🎧

و في خِضَم هذه المَعْمَعة، حازت فكرة أنّه كائنٌ فضائي على شعبية في بعض وسائل الإعلام. لكنَّ العلماء والباحثين المنخرطين في القضيّة لم يدعموا هذه الفكرة.

"آتا" هو الاسم الذي أُعطِي لهذا الهيكل، والذي يبلغ طوله 15 سنتيمترًا (6 إنشات) فقط، فالخصائص الآتية هي ما جعلت منه لغزًا علميًا:

يمتلكُ آتا 10 أضلاع فقط (مُقارنةً بـ12 ضلعًا في الهيكل الطبيعي للإنسان)، ويدلّ شكلُ الجمجمة على احتمال وجود تسنِّم الرأس (Turricephaly)، و هو عيبٌ وِلادي تكون فيه قمّة الرأس مخروطية الشكل، ولا يكتمل نمو عظام منتصف الوجه و الحنك.

على الرغم من صِغَر حجمه (15 سم أي ما يعادل حجم جنين في الأسبوع التاسع عشر من الحمل)، لكنَّه يمتلك بعضَ الأسنان الناضجة، بينما كانت العظام نامية جيدًا، وكثافة الصفائح المشاشية epiphyseal plates (صفائح النمو، وهي المواقع التي تنمو عندها العظام) تُوازي تلك الموجودة عند طفل عمره 6 – 8 سنوات.

واحتفِظَ بـ"آتا" في برشلونة حتى عام 2012، وأُتيحَت الفرصةُ للعلماء لدراسته من خلال تحليل الحمض النووي (DNA)، والتصوير بالأشعة السينية (x-ray)، والتصوير المقطعي (CT scan).

النتائج:

كانت نتائجُ فحصِ عينات الـ (DNA) حاسمة؛ فهيكل "آتا" هو بشريٌّ حتمًا، وعلى الرغم من أنَّ 9% من العينة لم تتطابق مع مرجع الجينوم البشري المُستخدَم، لكنَّ هذا قد يكون نتيجة تحللٍ في العينة، أو كأخطاء في عملية تحضير العينات في المختبر، أو حتى كنقص في المُعطيات.

و يقول قائد فريق الأبحاث غاري نولان: "إنَّ آتا هو إنسان، ولا يوجد أيُّ شك في ذلك"، ولمحاولة تفسير الخصائص التشريحية و البنيوية الغريبة في "آتا"، جاءت عدَّة تفسيرات مختلفة:

1- القزامة (Dwarfism): قد يكون "آتا" قد عانى من حالة شديدة من القزامة، و بالتالي وُلد كإنسان ضئيلِ الحجم، وعاش حتى عمر 6 – 8 سنوات.

2- الشُّياخ (Progeria): إذ تظهر علامات التقدِّم بالعمر والشيخوخة في مراحل مبكرة جدًا من الحياة، وبذلك ربما يكون "آتا" قد هَرِم، وتوفِّي داخل الرحم، أو بعد ولادة مبكرة (خداج)، ولكن لم يُعثر على دليل جيني يثبت الشياخ أو القزامة عند "آتا".

3- التسمّم: ربما تعرَّض "آتا" وهو في الرحم إلى مواد ضارة بالجنين (قد تكون كأدوية تعاطتها الأم، أو عقاقير، أو مُلوِّثات بيئية)، وينوي الفريق القيامَ بمسحٍ باستخدام مطياف الكتلة للعثور على مواد سامة أو ملوثات في العينة.

4- التحنيط: إذ يقترح هذا التفسير عدم وجود أي طفرات جينية عند "آتا"، وأن يكون قد أُجهِض أو وُلِد ميتًا، ومن ثُم تعرَّض لعوامل الجفاف أو التحنيط الطبيعية، مما ساهم في إحداثِ تلك التغيرات في شكل العظام والهيئة الخارجية. ولكنَّ هذا المُقترح يفشل في تفسير نقص عدد الأضلاع، وكثافة صفائح النمو.

و الآن، وبعد دحضِ الاعتقاد القائل بأنَّ "آتا" قد أتى من أصل فضائي، أو غير بشري، يستمر فريق نولان بالبحث من أجل الوصول لتفسيرات أكثر دقة، و يَعِدُ نولان أنَّه سيتم نشر النتائج بعد مراجعتها من قبل زملائه في الوسط العلمي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا