التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

لِماذا لم يولد أحد في فرنسا بين يومي9 و20 كانون الأول1582 ؟!!

قد يبدو للوهلةِ الأولى سؤالُنا غريباً بعض الشيء..لكنّهُ سؤال مشروع : " لِماذا لم يولد أحد في فرنسا بين يومي9 و20 كانون الأول1582؟!"

كيف لهذا حقّاً أن يحدث؟ و كيف لِبلدٍ بحجمِ فرنسا لم يُولد فيه شخص لِمُدة عشرة أيّام كاملة؟! قد يتبادر إلى الأذهان أنّ حدثاُ جَلَلاً قد وقع في تلك الأيام حتى انتهينا إلى مِثل هكذا نتيجة.

في الحقيقة لم يحدث شيء.. لم يحدث شيء بكل معنى الكلمة بين العاشر من كانون الأول والتاسع عشر منه في عام 1582 لأن هذه الايام لم توجد على الرزنامة الفرنسية.. كيف ولماذا هذا ما سنوضحه في السطور التالية.

كان التقويم المستخدم في تلك الفترة في أوروبا والعالم والمسيحي هو التقويم اليولياني (الذي وضعه يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد). وهو تقويم شمسي تعادل فيه دورة واحدة للأرض حول الشمس وقد حُدد طول السنة فيه ب 365 يوماُ وربع اليوم. مشكلة ربع اليوم كان يتم حلّها بإضافة يوم كامل كل أربعة سنوات لتصبح السنة سنة كبيسة وهكذا نضمن ثبات دورة الشمس مع سنة التقويم.

اعتمد هذا القويم على رقم غير دقيق لطول السنة. فالسنة الشمسية الحقيقية ليست 365 يوما وربع (6 ساعات) بل هي 365 يوماً و5 ساعات و49 دقيقة و12 ثانية.. أي انها أقصر من سنة التقويم اليولياني بحوالي الإحدى عشرة دقيقة

ربط المسيحيون منذ القرن الرابع الميلادي (تحديداُ منذ مجمع نيقية 325 ميلادي) عيد الفصح لديهم بالاعتدال الربيعي (حدث فلكي مرتبط بدوران الأرض حول الشمس وفيه يتساوى طول الليل والنهار) وقد وقع الاعتدال الربيعي حينها في الحادي والعشرين من آذار. ولكن سنة التقويم الأطول من السنة الشمسية الحقيقية ب 11 دقيقة جعلت الاعتدال الربيعي يأتي قبل تاريخ ال21 من آذار. قبد تبدو هذه الإحدى عشرة دقيقة محدودة التأثير ويمكن إهمالها ولكن مع مضي القرون أصبح هذا التأثير يبدو جلياُ حيث يصبح الفارق بين التقويمين 3 ايام كل أربعة قرون.

في العام 1582 وتحت بابوية غريغوري الثالث عشر وقع الاعتدال الربيعي في 11 آذار أي أن السنة الفلكية وسنة التقويم قد ابتعدتا عن بعضهما بمقدار 10 أيام فكان لابد من اجراء ما لاصلاح هذا الخطأ. هنا أصدر البابا قانونه الشهير والذي سمي فيما بعد بالاصلاح الغريغوري والذي اعتمد فيه طول السنة الصحيح. وللتغلب على أخطاء النظام القديم تم تعديل قاعدة احتساب السنوات الكبيسة فلم تعد كل 400 سنة تحوي 100 سنة كبيسة كما في السابق بل أصبحت تحوي 97 سنة كبيسة وهكذا تم التغلب على مشكلة الأيام الثلاثة التي تنتج كل 400 سنة.

تم وضع الإصلاح البابوي حيز التطبيق في أوروبا وأخذت الدول بتطبيق هذا القرار تباعاٌ فكان على كل دولة أن تشطب عشرة أيام من التقويم حتى يتم تلافي الخطأ وتعود الأمور إلى نصابها في السنة التالية. وهكذا فقد اختارت فرنسا أن يكون اليوم الذي يلي الأحد الواقع في 9 كانون الأول 1582 هو يوم الاثنين الواقع في 20 كانون الأول من نفس العام. أي أن الأيام بين 9-20 لم توجد أصلا وبالتالي لم يولد أو يتوفى بها أحد.

يستعمل التقويم الغريغوري حول العالم في يومنا هذا في أغلب الدول. الا أن بعض الكنائس الشرقية والأرثوذكسية لانزال تستعمل التقويم اليولياني وبالتالي فهي تحتفل بعيد الميلاد بعد 13 يوما من احتفال بقية الطوائف التي تستعمل التقويم الغريغوري لأن التقويم اليولياني أصبح متأخرا ب13 يوما عن التقويم الغريغوري.

المصدر :

هنا

هنا