البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

لماذا يندفع المراهقون في تصرّفاتهم

Syrian Researchers

تعوّدنا وقت نسمع عن حدا عنده ولاد بعمر المراهقة إنو نقول بدون تفكير: "الله يعينه!! رح يتعب كتييير".

معقول المراهق هو بحب المشاكل وعنده طاقة زيادة و بدو يتسلى ويتخانق مع الناس حواليه وخلصت القصة؟ أو إنو هو مسكين ومالو ذنب والموضوع بيولوجي بحت من أوله لآخره؟؟

لماذا يرتكب المراهقون الذكور خاصةً جرائم بشكل متكرّر أكثر من الراشدين؟؟

قد تكون أحد التفسيرات لذلك هي أنّ المراهقين كمجموعة يتصرّفون بتهوّر في حالات التهديد، أكثر من الأطفال أو الراشدين، على الأرجح لأنّ أدمغتهم يجب أن تعمل بشكل أكبر لتكبح هذا السلوك.

سواءٌ تعلّق الأمر بقيادة السيارة بسرعة فائقة أو بتجربة المخدّرات، يُعرف عن المراهقين بأنّهم ينجذبون للخطر، وهذا يُعزى دوماً لعدم النضج أو الضعف في اتّخاذ القرارات.

ولكن لو كان الأمر كذلك، لكان الأطفال هم الأكثر ميلاً للمجازفة، إذ أنّ أدمغتهم ما زالت في مرحلة أقل تطوراً من النضج أو القدرة على المحاكمة السليمة، مقارنةً بالمراهقين! والحقائق تشير إلى أنّ الأطفال الأصغر يميلون ليكونوا أكثر حذراً من المراهقين، مما يعني أنّ هناك شيئاً ما مميّزاً في دماغ المراهق هو الذي يدفعه إلى ركوب الأخطار.

ولأنّ العديد من الجرائم التي يرتكبها المراهقون تشتمل على أوضاع اجتماعيّة مشحونة نفسيّاً كالصراعات،

قامت دكتور Caudle، التي قادت الدراسة، مع زملائها بإجراء اختبار اندفاعية (أو تهوّر impulsivity) لمجموعة من المراهقين لأداء مهمّة بمواجهة موقفٍ اجتماعي يتضمن تهديداً. تطوّع 83 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 6- 29 عاماً لتنفيذ مهمّة بسيطة (الذهاب /عدم الذهاب )، حيث كان عليهم مشاهدة سلسلة من تعابير الوجه المحايدة أو تعابير التهديد على شاشة كومبيوتر. طُلِب من المشاركين في كلّ مرّة يظهر فيها على الشاشة الوجه ذو الملامح المحايدة أن يضغطوا على زر معيّن، وأن يمتنعوا عن ضغط الزر عندما يرون الوجه الذي يحمل ملامح التهديد. راقب الباحثون نشاط المخ بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI.

على العموم ارتكب المراهقون أخطاء أعلى بنسبة 15% من الراشدين والأطفال عندما حاولوا منع أنفسهم من الضغط على الزر في حال رؤية أي ملامح تهديد على الشاشة؛ أي أنّهم لم يستطيعوا منع أنفسهم من الضغط عليه.

وكان أداء الذكور أسوأ من أداء الإناث، مما يعكس الاختلاف بين الجنسين في صفة الاندفاعية، وهو يتناسب مع عدد الجرائم التي يرتكبها المراهقون الذكور (بنسبة أعلى من الإناث).

تقول "د. كودل ": إنّ هؤلاء المراهقين الذين يتمكنون من السيطرة على أنفسهم يظهرون نشاطاً أكبر في منطقة في الدماغ تدعى "القشرة الأمامية الجبهية البطنية الإنسية Ventromedial Prefrontal Cortex (vmPFC).

هذه المنطقة مسؤولة عن قسم السيطرة على السلوك وكبحه؛ أي أنّ الدماغ يحتاج لأن يعمل بشكل أكبر قليلاً خاصّة في سنّ المراهقة، للحصول على استجابة أفضل لاحقاً. لذا فأنت لا تجد غالباً مراهقين يكررون الجرائم ثم يستمرّون بها عند بلوغهم سن الرشد، إذ تقلّ النسبة كثيراً عند اجتياز مرحلة المراهقة.

هذا العمل يشير بقوّة إلى أنّ الدماغ في سن المراهقة يسجل اندفاعاً عند مواجهة تهديدات، وإلى أنّ النشاط غير الاعتيادي في منطقة vmPFC في قشرة الدماغ من المحتمل أن يكون السبب البيولوجي الكامن وراء هذا الميل إلى السلوك الاندفاعي والمتهوّر عند المراهقين، وهو أمر مثير للاهتمام!

المرة الجاية فكر منيح وتذكر هاد البحث قبل ما تعصّب من أخوك أو ابنك المراهق، وتعطيه محاضرة طويلة عريضة تختمها بالجملة المألوفة: "شو إنت ما بيجي من وراك إلا المشاكل؟؟ إيييييمتى بدك تعقل!"

تصميم الصورة: مأمون الملاح

المصدر: هنا