التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

هيرمان هيسّه..قوّة روائية متعدّدة الجنسيات

لِنَدع هيرمان هيسّه يتكلم عن نفسه ونستمع إليه ..

وُلدِت في كالف في الغابة السوداء في الثاني من يوليو/تموز من عام ١٨٧٧

أبي بلطيقي قَدِم من إستونيا، أمّا أمّي فهي ابنة لزوج أحدهما سوابي والآخر سويسري فرنسي. جدّي من أبي كان طبيباً بينما كان جدّي من أمّي مُبشّراً دينياً وإيدولوجياً.

الهند جَمَعت أمّي و أبي حيث عَمِل أبي كمُبشّر هناك، في حين قَضت أمّي عدّة سنين من شبابها في الهند مؤدية بعض العمل التبشيري أيضاً.

هذا الّتنوع الغريب والخليط العجيب في عائلتي شكّل ما أنا عليه و أضاف غِنىً لشخصيتي إذ تعرّضت في سن مُبكرة لثقافتين مختلفتين في بلدين مختلفين يتحدث سكانهما لهجتين مختلفتين.

في مدرسة داخلية في فورتيمبيرغ كانت دراستي، بالإضافة لبعض الوقت قضيته في معهد لتعليم اللاهوت في دير في ماولبرون.

أذكر نفسي ذلك الصبي العنيد، مِمّن يصعب التحكم بهم، لكن في الوقت ذاته كُنت ذلك الطالب المُجد، أتعلم اللاتينية بشكل جيد، وأبلي بشكل متوسط في اليونانية.

ربّما ما يميز شخصيتي منذ الطفولة أنّي لم أستطع الانخراط في منظومة تعليمية تهدف لكسر روح الفرد.

في الثانية عشرة من عمري، شعرت بتلك الرغبة الحارقة لأن أكون شاعراً! هكذا بكل بساطة، اجتاحتني تلك الرغبة إلّا أنه لايوجد طريقة مُُحدّدة ليصبح المرء شاعراً بها، فكانت الحيرة هي كل ما جنيته في تلك الفترة وأنا أواجه الصعوبات في اتّخاذ قرار واضح في ما سأفعله بعد المدرسة.

تركت معهد الدير وذهبت للعمل لدى ميكانيكي، بينما انتقلت في عمر التاسعة عشرة لأعمل في محال لبيع الكتب والتحف في توبينغين وبازل.

في عام 1899 رأى أول عمل شعري مطبوع لي النّور، تَبِعه عدّة منشورات صغيرة لم تترك صدى كما لم تترك سابقتها. كل ذلك كان حتى عام ١٩٠٤ عندما لاقت روايتي التي كانت بعنوان "بيتر كامينزيند" والتي كتبتها في بازل وجرت أحداثها في سويسرا. تركت بعدها بيع الكتب وتزوجت من أم أولادي وانتقل لاحقاً معها للعيش في الريف. حينها كان العيش في مناطق ريفية بعيداً عن المدن والحضارة هو هدفي. عشت بعدها معظم أيامي الباقية في الريف.

حتى عام 1912 في غاينهوفين على بحيرة كونستانس، ثم لاحقاً قرب بيرن وأخيرا في مونتانيولا قرب لوغانو حيث قضيت بقية أيامي.

بعد أن استقريت في سويسرا في عام ١٩١٢ اندلعت الحرب العالمية الأولى، فأصبح خلافي مع الوطنية الألمانية يزداد ويكبر. فمنذ مشاركتي الخجولة في الاحتجاجات ضد العنف الجماهيري وأنا أتعرض بشكل مفرط للانتقادات اللاذعة من الألمان، وكان عزائي الوحيد في كرهي لألمانيا الرسمية تحت إمرة هتلر هو الأجيال الشابة التي أصبحت تفكر بطرائق سلمية. كما كانت صداقتي برومان رولان، والتي دامت حتى وفاته، عزاء لي في كل ذلك، بالإضافة لتعاطف رجال آخرين فكروا مثلي في بلدان بعيدة كالهند واليابان. بعد سقوط هتلر، عادت ألمانيا لتعترف بي، ولكني أعمالي لم تنشر بعدها إذ دمر بعضها الحرب ودمر بعضها الآخر القمع النازي.

تخلّيت في 1923 عن الجنسية الألمانية وحصلت على الجنسية السويسرية. وبعد انتهاء زواجي الأول عشت وحيداً لسنين عدة. ولكنني عدت لأتزوج مجدداً.

عشِقتُ السفر وكثيراً ما سافرت إلى إيطاليا، بل وحتى الهند، حيث قضيت فيها عدة أشهر. ولكنني بعدها آثرت الاستقرار، فلم أغادر سويسرا لأكثر من عشر سنين. وقد استطعت العيش خلال فترة الحرب العالمية الثانية من خلال انكبابي على عملي "غلاسبير-لينشبيل" (1943) رواتي التي تتكون من جزئين. ولكن وبعد انتهائي من هذا العمل الضخم، منعني مرض في عيني والهرم الذ ي أصابني لكبر عمري من أن أبدأ بمشاريع كبيرة كتلك الرواية.

الفلسفة والفن والموسيقى هذا الثالوث الذي ترك أثره عميقاً في نفسي وعلى أدبي. إن سُئِلت من كان ذا أثر علي من الفلاسفة الغربيين لقلت أفلاطون وسبينوزا ونيتشيه بالأضافة للمؤرخ يعقوب بورخهارت. ولكن تأثير هؤلاء لم يكن كتأثير الفلسفة الهندية ثم الفلسفة الصينية لاحقاً علي. وفاقي كان دائماً مع الفنون الجميلة، و علاقتي بالموسيقى كانت الأكثر حميمية وإثماراً. ألم يكن هذا جلياً في أعمالي؟

أكثر أعمالي تميزاً هي قصائدي (النسخة المجمعة، زيورخ 1942) والمجموعة القصصية "كنولب" (1915)، "دومين" (1919)، "سدهارات" (1922)، "دير شتيبينفولف" (1927)، "نارتسيز أوند غولدموند" (1930)، "دي مورغين-لاندفاهرت" (1932)، و"داس غلاسبير-لينشبيل" (1943) وبعض الأعمال والمقالات السياسية.

نلت جائزة نوبل للآداب في عام 1946، و جائزة غوتيه لفرانكفورت في 1946 وجائزة السلام للكتاب الألمان في 1955.

*توفي هيسه في آب/أغسطس من عام ١٩٦٢ عن عمر يناهز الخامسة والثمانين في سويسرا.

المصدر:

هنا

هنا

هنا