المرأة نقطة الانطلاق لمستقبل أكثر استدامة

تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطةَ عامِ 2030 للتنمية المستدامة (SDGs) بصفتها الهيكلية المتفق عليها للتنمية العالمية، وهي خليفة الأهداف الإنمائية للألفية، ولكنها على خلاف تلك الخطة؛ قدّمت نطاقًا أوسع للتنمية يتناول التنمية الاقتصادية والبيئية، إضافة إلى أنها خصصت هدفًا مستقلًّا يُعنَى بالمساواة الجنسية وتفعيل دور النساء والفتيات (1).

المساواة الجندرية ودورها في تفعيل خطط التنمية 

تُعدّ المساواة الجندرية حقًّا وفرصةً لا تفوّت في محاولة حلِّ معظم التحديات الملحّة في زمننا هذا؛ من الأزمة الاقتصادية والافتقار للرعاية الصحية إلى التغيرات المناخية والعنف ضد النساء والنزاعات المتصاعدة، ولا تُعدّ النساء أكثر الفئات تضررًا من تلك التحديات فحسب، بل يمتلكنَ الأفكار والصفات القيادية الكفيلة بمواجهتها وحلّ إشكاليّاتها (2).

وبما يخص خطة التنمية في القارات، فقد أظهرت البيانات الأخيرة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية في أفريقيا التقدم الملحوظ لدى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في القارة، وعلى حد سواء مع هذا الإنجاز أثبتت أن إفريقيا لن تتطور إذا استمرت معاناة ملايين النساء والفتيات من المعاملة العنيفة غير المتكافئة والتمييزية (3)، وبسبب انعدام المساواة الجندرية نرى أن المزارعات -اللواتي تشكّل نسبتهنّ 43% في الدول النامية- لا يستطعنَ الإسهام في عملية الأمن الغذائي على الرغم من نسبتهن العالية (1)، وعلى إثر ذلك عملت هيئة الأمم المتحدة للمرأة على إقامة برامج تدريبية للنساء الريفيات لأن في أيديهن تطوير الأمن الغذائي العالمي على نحو هائل (4)، إضافةً إلى قيادة النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم -وخصوصًا في أفريقيا- لحملاتٍ تخاطبُ من خلالها أهداف التنمية المستدامة (3).

دور المرأة في مواجهة تغير المناخ

خضعت غلادنس غيلول و100 امرأة في شمال تنزانيا عام 2020 إلى دورة تدريب على ريادة الأعمال من خلال "Project Energize"، وأسهمت من خلالها في محاولات التكيف مع المناخ في بلادها؛ كتركيب معدات الطاقة الشمسية وبناء أنظمة مستدامة للغاز الحيوي.

وفي كوبا عُزّزت المساواة بين الجنسين عن طريق الزراعة المقاومة لتغيُّر المناخ، إذ كانت نسبة النساء العاملات في مجال الزراعة تبلغ 17.2% من قرابة 800 ألف مزارع، ولرفع تلك النسبة وتمكين دور المرأة في مجال الزراعة واقتصاد البلاد؛ نُفِّذ عدد من المشاريع لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ في مجال الزراعة، وكانت النساء أول من تعلمنَ من هذه البرامج، فحسّنت مواطنةٌ مزرعتَها الخاصة بالذرة من خلال تلك البرامج وحسنت أخرى القدرة على مقاومة الجفاف وبهذا وقفت عدة نساء في وجه القوالب النمطية التي تعد الزراعة كما الدور الريادي عموماً ليس مناسباً للنساء، وقالت إحداهن عن موضوع المساواة مع الرجال: "لديكم اقتصادكم وإنتاجكم وكذلك نحن".

ولم تُستثنَى البلاد العربية من تلك الحركات؛ إذ استلمت شابات مغربيات دورًا رياديًّا في مواجهة التغير المناخي، وكانت الشابة (حسناء) هي قائدة الوفد المغربي إلى مؤتمر الأمم المتحدة للشباب حول المناخ الذي عُقِد في أيلول 2021 في ميلانو، إيطاليا (5).

إنجازات المرأة في مواجهة النزاعات المسلحة وبناء السلام

قادت أربعُ نساء رائدات من شرق أوكرانيا التغييرَ داخل مجتمعاتهن وتحدَّينَ القوالب النمطية على الرغم من سوء الظروف وأسسّنَ مجموعات وجمعيات لحماية بلدهن ضد الصراع المستمر في شرق أوكرانيا (6).

أما النساء في غواتيمالا فقد أعدنَ بلورة سَيرِ الأعمال التجارية الزراعية، وصرّحت زويلا أنّ المرأة قادرة على فعل ما هو أكثر من الروتين اليومي لربّات المنزل بمحاولاتها في التصدي لمشكلة سوء التغذية المتفشي في البلاد (7).

كذلك تؤدي النساء دورًا قياديًّا في عملية بناء السلام؛ كما في كولومبيا، إذ قالت نائبة الأمين العام بعد زيارتها الافتراضية لكولومبيا في أثناء جائحة كورونا أنّ النساء بُناة السلام، وذلك بعد تلقّيها الإلهام من شجاعة ومرونة الجمعيات والقيادات النسائية اللواتي يمثّلنَ قوةً دافعة لبناء السلام (8).

أفعال بديهية ولكنها جوهرية 

القضاء على الفقر هو أول هدف من أهداف خطة التنمية المستدامة، وتسهم النساء في تحقيق هذا الهدف كل يوم عن طريق اعتنائهن بالمنزل والمشاركة في تأمين نفقاته، كذلك تحضّر النساء قرابة 90% من الوجبات في المنازل في أنحاء العالم كلِّه، ولكن في معظم الأحيان لا تحصل النساء والفتيات على كل حاجاتهن الغذائية (1).

وفي النهاية نخلص إلى أنّ خطة التنمية المستدامة تؤكد على تفعيل دور النساء والفتيات في كل العالم لما يمتلكنَ من قدرةٍ على إحداث التغيير الفاعل في المجالات كلها.

وأنتنَّ صديقاتنا، كيف ترينَ أنكنّ قادرات على خلق عالم أكثر استدامةً وسلامًا؟

المصادر: