الفنون البصرية > أعمال سينمائية

مراجعة فيلم A Hero

"الإغواء الأخير هو الخيانة العظمى: أن تفعلَ الصواب لغايةٍ خاطئة." يبدو أن فيلم "بطل" للكاتب والمخرج الإيراني أصغر فرهادي، والذي يتحدث في هذه الأسطر عن "جريمة قتل في الكاتدرائية"لـ(T.S.Eliot)، لنجده يناقش ملاحظة إليوت عن الفضائل في صراعٍ من التساؤلات عن الأخلاق والدوافع.

ويتحدث العمل عن فعلٍ أخلاقي وصائب يقدم عليه رحيم (أمير الجديدي) -خطاط وأب مطلق- الذي يقرر إعادة 17 عملة ذهبية لصاحبها فما الخطأ الذي يمكن أن يحصل في ذلك؟

وما يبدو لنا كثيرٌ، فلا شيء في هذه القصة المرهقة والمحبوكة جيداً بسيط كما نرغب به نحن أو الشخصيات، إذ يريد رحيم (أمير الجديدي) تصفية دينه الذي سجن بسببه ليعود إلى صديقته وأخته وابنه -وهو صبي لطيف يعاني إعاقة في الكلام- ليستأنف حياته.

ويكون اللقاءُ الأول لنا مع البطل في إطلاق سراحّ مشروط لمدة يومين من السجن المدني، فنشاهده يقفز من لقاء لآخر لتسوية ديونه مع دائنه -بهرام (محسن طنابنده)- صاحب المطبعة وشقيق زوجته السابقة، لنرى تشابك العلاقات العائلية والتجارية التي تشكل مركز الحياة الإيرانية، ومن خلال الفيلم نصل لحقيقة مفادها أن المال سبب وحل كل المشاكل في الحياة.

تعثر صديقة رحيم فرخونده (سحر غولدوست) على حقيبة يد مليئة بذهب قد يكون كافياً لسداد ديون رحيم وإخراجه من السجن، كانت هذه خطتهم في البداية ولكن عوضاً عن ذلك، يقرر رحيم أن يفعل الشيء النبيل ويبحث عن صاحب الحقيبة، وعند القيام بذلك تكون الإشادة به على نطاق واسع، وبمجرد أن يُشكك في الدوافع وراء هذا الفعل تتعقد الأمور، ويبدأ الناس من حوله في التساؤل عمّا إذا كان يستحق بالفعل الثناء. ومن جهة الجمهور، يبدأ بمرور الوقت في التساؤل أيضاً: هل يجب أن نشعر بالتعاطف مع رحيم أم التشكيك به؟ هل هو رجل جيد حقاً أم أنه كاذب بارع؟ 

 نستطيع ملاحظة أن فرهادي متناقض تجاه "بطله" أيضاً، ويسيطر على نبرة الفيلم ببراعة. فما يبدو لنا أنه مبهجٌ أو حتى مضحك للوهلة الأولى، سرعان ما يتحول إلى شيء أكثرَ حزناً وأكثرَ واقعية. يعلق فرهادي: "لم نرغب في أن تُوصل الكاميرا أي حكم لأفكار الجمهور سواءً كانت تأطيراً أو إضاءة"- لقد أردنا دعوةَ الجمهور للحكم على الشخصيات، وليس السماح للكاميرا بتوجيه تلك المشاعر- "إنّ الشخصية الرئيسة لدينا هي رجلٌ بسيط للغاية في وضع معقد للغاية، وأحاول إظهارَ بساطة هذا الرجل في حركات الكاميرا أيضاً، ليس لدينا أي حركات معقدة للكاميرا في الفيلم."

عموماً، مثل هذه التساؤلات -  إلى صف من أقف- هي سمةٌ تتسم بها أعمال فرهادي متعددة الطبقات والتي تميل إلى التعمق في النفس البشرية دون اجبارك على اتخاذ موقف صريح تجاه الشخصيات، بل تجعلك مهتماً بأسباب أفعال الأشخاص ونتائجها أكثر من اهتمامك بجوهرهم صالحاً كان أم طالحاً.

إنَّ الفيلم من كتابة وإخراج فرهادي، وأقل ما يمكن أن يُقال عنه أنه تجربة إنسانية معقدة ببساطتها وتستحق التوغل بها.

وأنت قارئنا ما رأيك بالفيلم ؟ وإلى أي صف كنت تميل؟ شاركنا في التعليقات.

معلومات الفيلم:

العنوان: A Hero

المخرج: Asghar Farhadi

الكاتب: Asghar Farhadi

سينماتوغرافي: Ali Ghazi

سنة إنتاج الفيلم: 2022

لغة الفيلم: فارسية

مدة الفيلم: 2h 7m