الفلسفة وعلم الاجتماع > العنف الجندري يتفاقم في الأزمات

فقر الدورة الشهرية

يمكن أن تقضي المرأة البالغة من حياتها ما بين ثلاثة إلى ثمانية أعوام في فترة الحيض، وقد تواجه خلالها الاستبعاد أو الإهمال أو الإقصاء المرتبط بالحيض، وإنّ عدم المساواة بين الجنسين، والفقر المدقع، والأزمات الإنسانية، والتّقاليد الضّارة، كلّها عوامل يمكن أن تُحوّل الدورة الشهرية إلى وقت للحرمان والوصم وخاصةً عند النظر للدورة الشهرية على أنّها مُعيبة، ممّا قد يقوض تمتع النساء بحقوق الإنسان الأساسية.

وحقوق الإنسان هي الحقوق التي يتمتع بها كل إنسان بحكم كرامته الإنسانية، وترتبط الدورة الشهرية ارتباطًا جوهريًّا بالكرامة الإنسانية، فتسلب النساء كرامتهن عندما لا يتمكنَّ من الوصول إلى المرافق الصحية والوسائل الآمنة والفعالة للعناية بالدورة الشهرية، كذلك فإنّ المضايقات والإقصاء والعار المتعلق بالحيض يقوّض مبدأ الكرامة الإنسانية (1).

ويعدّ فقر الدورة الشهرية (Period Poverty) معضلة صحية مجتمعية عالمية تعرضت للتجاهل لفترة طويلة، وتعرّف هذه الحالة بأنّها غياب الوصول الكافي لمواد العناية الصحية والتّعليم والمرافق الصحية اللّازمة للدّورة الشهرية لأسباب مختلفة مثل سوء الأحوال الاقتصادية أو بسبب الكوارث، ممّا يعني أن ملايين النساء يتعرضنَ للظلم وعدم المساواة بسبب الدورة الشهرية (2).

ويمكن أن تؤدّي المعتقدات الثقافية دورًا أيضًا، إذ تفرض بعض المجتمعات قيودًا على ما يمكن أن يفعله الإنسان في أثناء فترة الحيض، ولا تشجع بعض التقاليد النساء على غسل الأعضاء التناسلية في فترة الحيض، مما يزيد تعرّضهنَّ للالتهابات ويؤثر ذلك في كرامتهن (1).

وإن فقر الدورة الشهرية ليس قضية اقتصادية فحسب، بل هو قضية اجتماعية وسياسية أيضًا، على سبيل المثال، دعا بعض مناصري حقوق المرأة إلى إعفاء المنتجات الصّحية اللازمة للعناية بالدورة من الضرائب، وأدت هذه الجهود في الهند إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الفوط والسدادات القطنية (1).

وقد يؤدي عدم الوصول لمنتجات الدورة الشهرية المناسبة إلى زيادة المخاطر الصّحية، فتظهر بعض الدّراسات أنّه في الأماكن ذات الرطوبة العالية، قد لا تجف الفوط القابلة لإعادة الاستخدام، ممّا يُسهم في زيادة خطر الإصابة بالالتهابات، وكذلك الأمر في منتجات أخرى كأكواب الحيض والسّدادات القطنية التي تتطلب التعقيم، ممّا يمثل تحديات كبيرة في ظل الكوارث البيئية والأزمات الإنسانية، ففي أحد تجمعات اللاجئين السوريين، أبلغ العاملون في القطاع الصحي عن مستويات عالية من الالتهابات المهبلية،  غيرَ أنّه لم توجد أدلة قوية عن مخاطر وانتشار هذه الالتهابات (1).

وفي بعض الحالات، قد لا تتمكن النساء والفتيات من الحصول على منتجات الدورة الشهرية، وقد يلجأنَ إلى استخدام الخرق أو أوراق الشجر أو الصحف وغيرها من المواد غير المناسبة وغير الفعالة، ممّا يعرضهنَّ للشعور بالعار أو الإحراج.

وتُشكّل النّساء نصف سكان الكرة الأرضية وأكثر من نصف طلاب الجامعات، فلا يمكن تجاهل قضايا الدورة الشهرية، ويُعدّ فقر الدورة الشهرية منهكًا ككافة أشكال الفقر الأخرى، ويمكننا دعم النّساء والحدّ من آثار فقر الدورة الشهرية من خلال دعم المبادرات التي تُعزّز الوصول إلى المعلومات والمنتجات اللّازمة، إضافةً إلى توفير المرافق الصّحية ومنح المرأة فرصة الحصول على تشخيص لاضطرابات الدورة والحصول على الرعاية الصحية اللازمة، والعمل على ضمان بيئة إيجابية داعمة تسمح للنساء الحائض بالمشاركة في جميع جوانب الحياة كالذهاب إلى المدرسة والعمل والرّياضة، إضافةً إلى عدم التّسامح مع النكات البذيئة عن الدورة الشهرية وتنظيم محاضرات تختصّ بهذا الموضوع لتطبيع الدورة الشهرية (3).

المصادر:

1. Menstruation and human rights - frequently asked questions [Internet]. UNFPA.  2022. [cited 2023 Dec 12] Available from: هنا

2. Jaafar H, Ismail SY, Azzeri A. Period poverty: A neglected public health issue. Korean Journal of Family Medicine. 2023;44(4):183–8. Available from: هنا

3. Michel J, Mettler A, Schönenberger S, Gunz D. Period poverty: Why it should be everybody’s business. Journal of Global Health Reports. 2022;6: e2022009. Available from: هنا