بعد الاعتقاد بانقراضه؛ إعادة اكتشاف حيوان غريب بعد 60 عاماً!

بعد مرور أكثر من ستين عاماً على آخر ظهور مسجَّل له، أعاد فريقٌ من الباحثين اكتشاف حيوان ثديي بَيوض مميز في واحدة من أكثر المناطق غير المستكشفة في العالم.

وقد وُثّق ظهور هذا الحيوان الغريب المعروف باسم إيكيدنا أتِنبره طويل المنقار Attenborough's long-beake echidna أولَ مرة في الصور ولقطات الفيديو في صيف عام 2023 باستخدام كاميرات مراقبة مثبَّتة في غابات جبال سيكلوبس Cyclops بمقاطعة بابوا Papua الإندونيسية (1).

وسُجِّل وجود هذا النوع مرةً وحيدة من خلال بقايا لفرد ميت جُمِعَت في عام 1961 وسُمي علمياً Zaglossus attenboroughi على اسم المذيع البريطاني الشهير وصانع الوثائقيات البيئية "السير ديفيد أتِنبره - Sir David Attenborough" لجهوده في الحفاظ على التنوع الحيوي؛ وهذا يعني أنه على مدار الـ 62 عاماً الماضية كان الدليل الوحيد على وجود إيكيدنا أتِنبره على الإطلاق هو عيِّنة لفرد محفوظة في غرفة مشددة الحماية في متحف التاريخ الطبيعي في هولندا، ولذلك ساد الاعتقاد بانقراض هذا النوع في الفترة السابقة (2).

وقد أتى هذا الاكتشاف المذهل بعد جهود بحثية مُضنية من البعثة الاستكشافية التي ضمَّت باحثين من جامعة أكسفورد وجامعات وهيئات إندونيسية، وعملت البعثة مدةَ شهر لاستكشاف غابات جبال سيكلوبس بمقاطعة بابوا الإندونيسية في جزيرة غينيا الجديدة التي تتميز بتضاريسها الصعبة وبيئتها البرية القاسية والخطيرة.

ولزيادة فرصتهم في العثور عليه، نشر الفريق أكثر من 80 كاميرا لمراقبة الحياة البرية مثبَّتةً في أماكن مختلفة من هذه الغابات.

وطوال الأسابيع الأربعة التي قضاها الفريق في الغابة، لم تُسجِّل الكاميرات أية علامة على وجود الإيكيدنا.

وفي اليوم الأخير، ومع آخر الصور الموجودة على آخر بطاقة ذاكرة، حصل الفريق على لقطاتهم لهذه الثدييات المراوغة، والتي تمثل أولَ صور حية على الإطلاق لإيكيدنا أتِنبره.

لاحقًا، أكد البروفيسور (كريستوفر هيلجن - Kristofer Helgen) عالم الثدييات وكبير العلماء ومدير معهد أبحاث المتحف الطبيعي الأسترالي (Australian Museum Research Institute (AMRI، هويةَ هذا النوع (1).

ويملك إيكيدنا أتِنبره طويل المنقار أشواكاً مثل القنفذ، وخطمَ آكل النمل، وأقداماً تشبه أقدام الخلد، وبسبب مظهره الهجين أخذ اسمه (Echidna) من مخلوق من الأساطير اليونانية نصفه إنسان ونصفه الآخر ثعبان.

والسبب وراء مظهره المختلف كثيراً عن الثدييات الأخرى هو انتماؤه إلى رتبة أحاديات المسلك Monotremata التي تُعدُّ مجموعةً متميزة بَيوضة، انفصلت تطورياً عن الثدييات منذ قرابة 200 مليون سنة، وسُميت كذلك لامتلاكها فتحة واحدة مشتركة للجهاز الهضمي والبولي والتكاثري تُسمى المذرق Cloaca.

وتضمُّ هذه المجموعة أربعةَ أنواع من الإيكيدنا Echidna (ثلاثة أنواع طويلة المنقار، ونوع قصير المنقار) إلى جانب خلد الماء بَطيِّ المنقار  Platypus؛ ويُعدُّ هذا النوع مميزاً جداً كونه واحداً من خمسة أنواع فقط متبقية من أحاديات المسلك التي تعيش جميعها في أستراليا وغينيا الجديدة.

ومن الصعب جداً العثور على هذه الحيوانات لأنها ليلية النشاط وتعيش في جحور وتوصف بأنها خجولة جداً (1,3,4).

وتحمل أنثى الإيكيدنا طويلة المنقار البيضة في جراب جلدي موجود على البطن حتى تفقس، وعندها يجب على الصغار الذين لم يكتمل نموهم العثور على غدة ثديية والتمسك بها من أجل التغذية.

كذلك، يتغذى حيوان الإيكيدنا البالغ على ديدان الأرض بصورة رئيسة ويرقات الحشرات التي يلتقطها بواسطة لسان طويل نحيف قد يمتد لمسافة تصل إلى 18 سم من الخطم.

وليس لهذه الحيوانات أسنان، لكن اللسان وسقف الفم مُغطىً بأشواك تُستخدم لتمزيق جسد الفريسة. لم يُسجَّل وجود هذا النوع في أي مكان خارج جبال سيكلوبس، وهو مُصنف على اللائحة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض بشدة والصادرة عن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة IUCN Red List of Threatened Species.

ويأمل أعضاء الفريق البحثي أن تساعد إعادة اكتشاف هذا النوع على لفت الانتباه إلى احتياجات الحفاظ على جبال سيكلوبس وغينيا الجديدة الإندونيسية عموماً، وأشاروا إلى التزامهم بمواصلة مراقبة الإيكيدنا على المدى البعيد (1,3,4).

رابط الفيديو: 

المصادر: