ظاهرة الهجرة القسرية

تُعرَّف الهجرة القسرية بأنَّها أية حركة هجرة إنسانية من مكان إلى آخر يترافق معها عنصر الإكراه، بما في ذلك ما يهدد حياة الإنسان أو سبل عيشه، سواء كانت الأسباب طبيعية أم بشرية (1). 

وتعود هذه الأسباب إلى ظواهر يمكن ملاحظتها تجريبيًّا، فمنها ما ينتج عن الصراعات العنيفة والحروب أو عند وقوع الكوارث الطبيعية، ومنها ما يأتي نتيجة لعملية الإخلاء الواسعة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية (2).

وفي كل عام، يضطر ملايين الأشخاص إلى مغادرة منازلهم قسرًا، وقد وصل العدد إلى أكثر من 108 مليون نازح في نهاية العام 2022م، واستُضيف ما يصل إلى 76% من النازحين قسرًا في بلدان منخفضة أو متوسطة الدخل، الأمر الذي يشكِّل ضغطًا على المجتمعات المضيفة ومواردها ويجعل بقاء النازحين على قيد الحياة معتمدًا على توافر المساعدة التي تقدمها السلطات والمجتمعات المحلية والمنظمات الإنسانية؛ إذ يواجهون تهديدات حياتية ويفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى المأوى والغذاء والخدمات الأساسية الأخرى (3).

وتُعد الهجرة القسرية الفلسطينية من أشهر قضايا التاريخ المعاصر التي اضطرَّ فيها الفلسطينيون إلى ترك منازلهم مُرغمين على ذلك، ويُعد هدم المباني والأحياء السكنية السبب الأكبر والمباشر للتهجير القسري (4)؛ إذ يذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الفلسطينيين قد فقدوا أكثر من 26 ألف وحدة سكنية منذ عام 1967م؛ عام نكسة حزيران (5).

ولهذه العمليات أثر إنساني خطير على النازحين والمهجرين؛ إذ يؤدي النزوح القسري إلى عواقب اجتماعية واقتصادية مدمرة على المدى القصير والطويل كزيادة الفقر وانخفاض مستوى المعيشة، ناهيك عن الأثر النفسي المتفاقم على مر السنين بسبب أن التهجير حدثٌ متكرر على الأجيال الفلسطينية منذ عام 1948م بحسب الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) (4).

توصَّلت إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2012م على 902 مواطن فلسطيني تراوحت أعمارهم بين 30-70 عامًا وشهد بعضهم تهجيرًا قسريًّا داخليًّا إلى وجود آثار صحية سلبية طويلة المدى للنكبة على النازحين منهم، واقترحت الدراسة أنَّ هذه الآثار نابعة من اضطرابات ما بعد الصدمة، والتي لم تلتئم لديهم بعد، وخوفهم من أن يصبحوا أقلية مهمَّشة على أرضهم وفقدانهم لهويتهم الاجتماعية (6).

المصادر: