لماذا يتقاضى لاعبو كرة القدم أجورًا عالية؟

سجل كريستيانو رونالدو رقمًا قياسيًّا لأعلى راتب للاعب كرة قدم، إذ بلغ راتبه السنوي 200 مليون دولار مع نادي النصر السعودي، و60 مليون دولار أرباحًا من خارج المجال، ليأتي بعده كيليان إمبابي براتب 110 دولار سنويًّا و18 مليون دولار أرباحًا من خارج الملعب، فما الذي يجعل لاعبي كرة القدم يتقاضون رواتبَ عاليةً جدًّا بهذا الشكل (1)؟

المفسر لهذا الارتفاع الجنوني هو نظرية العرض والطلب:

نظرية العرض والطلب في الاقتصاد هي بمثابة قانون الجاذبية؛ يمكن أن تحدد سعر كل شيء بما في ذلك الرواتب، وفي حالة لاعبي كرة القدم الموهوبين الذين يمثلون العرض، يمثل الطلب الفرق التي ترغب في ضم اللاعبين إليها (2).

لكن؛ لماذا يتقاضى لاعبون مثل كريستيانو وميسي أعلى الأجور؟ 

الجواب هو الندرة؛ بحسب بنك إنكلترا فإن 180 لاعب من أصل 1.5 مليون من اللاعبين الشباب ينتقلون إلى الدوري الإنكليزي للمحترفين.

ويزداد الطلب على اللاعبين المحترفين لأنهم يزيدون فرصَ فرقهم بالحصول على الألقاب، وتحقيق ألقاب للفرق يعني كسبَ أموال أكثر من مبيعات التذاكر وحقوق البث والمنتجات المرافقة، لذلك تتنافس الأندية للحصول على اللاعبين المحترفين من خلال تقديم أفضل العروض سواء رواتب عالية أو قيمة عالية للصفقات. 

إضافة إلى الندرة، يمكن القول أن لاعبي كرة القدم يتقاضون أجورًا مرتفعةً لأن الأندية أصبحت تجني أموالًا أكثر؛ ذلك أن كرة القدم أصبحت أكثر شعبية من أي وقت مضى نتيجة التقدم التكنولوجي وبث المباريات على القنوات الرياضية، ونرى ازدياد هذه الشعبية بوضوح، ففي المواسم بين أعوام 1992-1997 في الدوري الإنكليزي الممتاز، بيعت حقوق المواسم بأقل من 200 مليون جنيه إسترليني، في حين بلغت قيمة حقوق البث للمواسم بين 2016-2019 أكثر من 5 مليارات جنيه إسترليني (2).

هل تنطبق نظرية العرض والطلب على كرة القدم فقط؟

بالتأكيد لا، إذ تخضع الوظائف جميعها لقوانين العرض والطلب لتحديد أجورها، لكن الاختلاف بين كرة القدم والمجالات الأخرى أنه في الوظائف العادية يتمتع كثيرٌ من الأشخاص بالمهارات المناسبة؛ أي لا تحتاج الشركات إلى عرض أجور عالية لجذب العمالة فتنخفض الأجور تلقائيًّا، إضافة إلى أن الوظائف التي لا تحقق أرباحًا عاليةً للشركات لا تكون أجورها عالية (2).

ماذا عن الصفقات؟

فضلًا عن الرواتب العالية، تشغل قيمة الصفقات المرتفعة جدًّا تفكير أغلب الناس.

إنَّ أعلى صفقة في التاريخ صفقة انتقال نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان في الموسم 17/18 بقيمة 222 مليون يورو، تأتي بعدها صفقة انتقال أمبابي إلى باريس سان جيرمان لموسم 18/19 بقيمة 180 مليون يورو، وصفقة انتقال كوتينيو إلى برشلونة بقيمة 135 مليون يورو (3)، فهل ترتفع الصفقات والرواتب لهذا السبب؟ 

في دراسة أجرتها جامعة هارفارد، وُجد أن شعبية اللاعبين على وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير في قيمة صفقات انتقالهم، وقد وجدت الدراسة أن أكثر اللاعبين شهرةً على وسائل التواصل الاجتماعي يحصلون على صفقات أعلى من اللاعبين الأقل شهرة (4).

وتبين في دراسات أخرى أن اللاعبين ذوي الأداء الرياضي المميز يتلقون قيمَ صفقات أعلى عمومًا، ويكون تقييم الأداء الرياضي بناءً على معايير مثل الأهداف المسجلة، والتمريرات، والتصديات، والأميال التي قطعوها وغيرها (5)، كذلك يؤثر كل من العمر، والمنافسة في السوق، وتأثير وجود اللاعب في الفريق في قيمة الصفقات (6)

في النهاية، يمكن القول أن المجتمع أصبح مصدرًا رئيسًا للصفقات الرياضية، وأن المشجعين ومجتمع كرة القدم بالمجمل من أهم العوامل التي تؤثر في إتمام قيم الصفقات في كرة القدم، كذلك فإن سوق الانتقالات يخضع لقواعدَ معينة، وتتحدد قيمة الصفقات بفعل عوامل عديدة، وليست أرقامًا توضع عشوائيًّا.

المصادر: