التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

التربية الجنسية للأطفال واليافعين.

نعلم أن الأطفال ممتلؤون بالفضول، ودائمًا يكون لديهم تساؤلاتٌ لا تنتهي عن كلِّ ما يوجد في هذا العالم، وبقدر ما يشعر الوالدان بالسرور عند يبدأ أطفالهم طرحَ الأسئلة عن العالم من حولهم، بقدر ما يشعرون بالارتباك عندما يتساءل الأطفال عن أجسادهم!

وكثيرًا ما يدور النقاش حول ماهية التربية الجنسية وأهميتها، وعن الوقت الواجب علينا به أن نبدأ بإدخال هذه المفاهيم للأطفال، وعن إمكانية تسبُّبِ التربية الجنسية للأطفال بممارساتٍ خاطئة؟

هذا ما سنجيب عليه سوية..

التربية الجنسية الشاملة، ماذا تعني؟

تشير التربية الجنسية الشاملة إلى التربية الجنسية الموجهة للأطفال واليافعين والتي تقدِّم معلومات دقيقة وملائمة للعمر عن السلوك الجنسي والصحة الجنسية والإنجابية، ويُقصَدُ بصفة "شاملة" أنها تشمل مختلف الجوانب المتعلقة بالصحة والحياة الجنسية، وتقدَّمُ من خلال برامج مبنية على أسسٍ علمية ملائمة للمرحلة العمرية (3-1).

وتشمل الموضوعاتُ التي تغطيها التربية الجنسية الشاملة، والتي قد يُطلق عليها أيضًا اسمُ تعليم المهارات الحياتية، والإعداد للحياة الأسرية، وطيفٌ من الأسماء الأخرى، تشملُ الأُسرَ والعلاقات، والاحترام والتراضي والاستقلالية الجسدية، والتشريح والبلوغ والحيض، والحمل ومنع الحمل، والأمراض المنقولة جنسيًا، بما في ذلك فيروس العوز المناعي البشري، على سبيل المثال لا الحصر (3-1).

تزوِّد التربيةُ الجنسية الأطفالَ والشبابَ بالمعارف والمهارات والمواقف والقيم التي تساعدهم على حماية صحتهم، وعلى إقامةِ علاقاتٍ اجتماعية وجنسية يسودُها الاحترام، وعلى اتخاذ خيارات مسؤولة، وعلى فهم حقوق الآخرين وحمايتها (1).

وتشير البيّنات باستمرار إلى أن التربية الجنسية عالية الجودة تحقِّقُ حصائلًا صحية إيجابية، وتستمر آثارها طوال الحياة. وغالبًا ما يؤخرُ الشبابُ بدءَ النشاط الجنسي عندما يكونون أشد وعيًا بسلوكهم الجنسي وصحتهم الجنسية وحقوقهم (1).

كما تساعدهم التربية الجنسية على الاستعداد للتغيّرات البدنية والعاطفية وإدارتها أثناء نموهم، بما في ذلك في فترة البلوغ والمراهقة، وتعلُّمِهم الاحترام والتراضي وتعرُّفهِم إلى من يلجؤون إذا احتاجوا إلى المساعدة. ويؤدي ذلك بدوره إلى الحد من مخاطر العنف والاستغلال وإساءة المعاملة (3-1).

ولكن كثيرًا ما تواجه فكرةُ التربية الجنسية تخوفًا من قبل الوالدين ومقدمي الرعاية، للاعتقاد السائد بأن التربية الجنسية والحديث مع الطفل حول جسده والأعضاء التناسلية والصحة الجنسية قد يولِّد عند الطفل فضولًا لممارسات سلبية أو يدفع اليافعين لممارسة النشاط الجنسي في مراحل مبكرة (1).

لكن العلمَ والبيانات وخلاصة الكثير من الأبحاث تشير إلى إيجابية التربية الجنسية، وأثرِها في تمكين الطفل واليافع من معرفة سليمة حول جسده، وحدود جسده التي يجب أن يحترمها الآخرون، وكيفية المحافظة على هذه الحدود، وماهية آثار الممارسات الخاطئة (1,2).

وتبيِّنُ منظمة الصحة العالمية (WHO) (World Health Organization) كيفية مساهمة التربية الجنسية بحماية الأطفال من التعرض للاعتداء الجنسي:

"تجعل التربية الجنسية الأطفال والشباب أقل عرضة للاعتداء بتزويدهم بالمعارف الكافية حول حقوقهم وحول السلوكيات المقبولة وغير المقبولة. وتدعو الإرشادات الدولية للأمم المتحدة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و8 سنوات إلى التعرّف على التنمر والعنف وعلى إدراك أنهما لا يصحَّان. وتدعو هذه الإرشادات إلى توعيةِ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا إلى أن الانتهاك الجنسي والاعتداء الجنسي وعنف الشريك الحميم والتنمر تُعدُّ جميعها انتهاكاتً لحقوق الإنسان وأنَّ وزرها لا يقع على الضحية أبدًا (1)." 

ونظرًا للأهمية البالغة لهذه المفاهيم ودورها في حياة الإنسان، يجب علينا أن نحرص على أن تكون المعلومات التي ننقلها لأطفالنا علمية ودقيقة، أي:

1.دقيقة علميًا ومبنية وفقًا للمناهج العلمية المتخصصة.

2.تُطرح تدريجيًا.

3.ملائمة لعمر الطفل ومراحل نموه.

4.شاملة.

5. مراعية لحقوق الإنسان.

6. مراعية للمساواة بين الجنسين.

7. متوافِقة مع ثقافة المجتمع.

8. تدعم المهارات الحياتية للطفل واليافع (3).

إذًا التربية الجنسية جانبٌ هام جدًا، يجب على مقدمي الرعاية إيلائه اهتمامًا كافيًا بقدر الجوانب الأخرى خلال رحلة التربية، ورأينا كيف يمكن أن تسهم التربية الجنسية بتعرف الطفل على جسده وحدوده وتقيه من الممارسات الخاطئة وتحميه من التعرض للعنف الجنسي.

المصادر:

1.World Health Organization. Comprehensive sexuality education [Internet]. 2023 May 18. [cited 2023 Sep 4]. Available from: هنا

2. UNFPA. Comprehensive sexuality education [Internet]. United Nations Population Fund. 2021 [cited 2023 Sep 4]. Available from: هنا

3. Goldfarb ES, Lieberman LD. Three Decades of Research: The Case for Comprehensive Sex Education. Journal of Adolescent Health [Internet]. 2021 Oct 12 [cited 2023 Sep 4];68(1):13–27. Available from: هنا