لنرقص على أنغام الفلسفة

الرقص؛ ذلك الفن الحيوي، كما يشير إلى ذلك انتشاره العالمي وعراقته القديمة والاستخدامات الجليلة التي سُخر من أجلها والأفكار والانعكاسات التي أحدثها في الأوقات جميعها، فالرقص فن مشتق من الحياة نفسها، لأنه ليس أكثر من حركة جسم الإنسان بأكمله ولا أقل؛ ولكن هذه الحركة تحولت إلى عالم أو نوع من الزمكان الذي لم يعد هو نفسه الحياة اليومية التي نعيشها تمامًا.

وفي الواقع، مُورِس الرقص عبر التاريخ لأغراض فنية وتعليمية وعلاجية واجتماعية وسياسية ودينية وغيرها، لكن ما علاقة الفلسفة بالرقص؟!

توفر المناهج الفلسفية بعضًا من الطرائق للتعامل مع الرقص من أجل فهم أفضل لماهية الرقص و لماذا يهمنا، فإمكانيات فلسفة الرقص هائلة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن الرقص نفسه متعدد الأوجه بما يكفي لجعله متصلًا بعديد من فروع الفلسفة.

ونجد الفلاسفة قد تناولوا موضوع الرقص منذ القدم؛ إذ إنه من المنطقي للفيلسوف أن يشاهد الراقص في أثناء رقصه، ويلاحظ أنه يستمتع به، ليحاول بدوره استخلاص متعة ثانوية عن طريق التعبير عن انطباعاته بلغته الخاصة.

ربط أفلاطون الرقص بالأخلاق مؤكِّدًا أنَّ "الإيقاع والانسجام يتغلغلان داخل الروح أكثر من أي شيء آخر، مما يؤثر فيها بشدة ويجلب لها الجلال"، وبرأيه يكون الشخص المتعلِّم قادرًا على الغناء والرقص على نحو جيد (1).

أكد الفيلسوف اليوناني لوسيان، أن الرقص يكون على ألحان الغموض، وعلى الرغم من أن الرقص غالبًا ما يكون تجربة خالية من الكلمات، ولكن يمكن أيضاً أن يكون وسطًا لتناقل المعرفة الجيدة (2).

وبالنسبة إلى الفيلسوف اليوناني دامون، تنشأ الأغاني والرقص بالضرورة عندما تتحرك الروح بطريقة ما؛ فالأغاني والرقصات الحرَّة والجميلة تخلق روحًا مشابهة، والنوع المعاكس منها يخلق شكلًا معاكسًا من الروح (3).

ويخاطب زرادشت الحياة في كتاب نيتشه: "ورشقتِ قدميَّ المصابتين بجنون الرقص بنظرة مسكرة مذيبة ضاحكة مستفهمة، وما قرعت يداك الصغيرتان ضربتين على دفِّك حتى تحفزت قدماي للوثوب وتنصَّت عقب كل منهما لأوزانك، وأُذن كل راقص مفتوحة في عقب قدمه" (6).

كما طُرحت تساؤلات عن بعض الفلاسفة إن كانوا قد مارسوا الرقص، وقد استلهم عديد من الراقصين من أفكار الفلاسفة، وترجموا الفلسفة في رقصهم.

وماذا عنكم، هل ترقصون على أنغام الفلسفة😉؟

المصادر:

مصادر مقدمة الفيسبوك: