هل للعنف مبرر؟!

يعرض لنا فيلم أوبنهايمر (Oppenheimer 2023) وفيلم (To End All War 2023) الوثائقي، نقاشًا أخلاقيًّا عن تبرير إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما وناغازاكي في اليابان عام 1945 لإنهاء الحرب العالمية الثانية حاملةً معها خسارة أكثر من 200 ألف مدني (1)، فهل الغاية الخيِّرة تبرر الوسيلة العنيفة؟

بدايةً، العنف هو الاستخدام غير المشروع للقوة ضد إرادة الآخرين بما ينتهك حقوق الإنسان من ناحية اجتماعية أو اقتصادية أو أخلاقية أو سياسية (2,3)، وفي هذا الإطار لا يمكن تبرير العنف إلا في صالح خير أعم أو منع شر أعظم، ويرى الفيلسوف برتراند رسل (Bertrand Russell 1872–1970) أن المصلحة الأهم هي الحفاظ على الحضارة، وأن بعض الحروب غير مبررة لأنها تستخدم العنف لأغراض سيئة، في حين يقول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو (Albert Camus 1913-1960): "لا يمكنني التمسك بعد الآن بأية عقيدة قد تجبرني على إرهاق نفس بشرية" (2).

ولكن، إذا كنا نستخدم وسائل غير مرغوبة للوصول إلى غايات مرغوبة -مثل الضرائب الحكومية التي تفيد الأفراد العاطلين عن العمل- فإن مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" ليس موضع النقاش، وإنما كيفية تطبيقه (2).

وبالعودة إلى فيلم أوبنهايمر، يناقش العالِم وجود وسائل بديلة أخرى لإنهاء الحرب بدلًا من استخدام القنبلة الذرية، فتقليل العنف قدر الإمكان هو الحل الأمثل بدلًا من عدم استخدامه إطلاقًا في بعض الحالات، واستخدامه مشروع للقضاء على شر أكبر من العنف، مثل المجاعة والفقر والمرض والإقصاء والخطر والعبودية في الحالات الاضطرارية التي لا تستوعب حلًا آخر مثل الديمقراطية والتفاوض والإقناع والحب وغيرها (2,3).

 وجديرٌ بالذكر أن الإيديولوجيا واللغة تؤديان دورًا في الحُكم على العنف، إذ إن كلمة العنف مرتبطة بمشاعر سلبية، واستبدالُها بكلمة القوة في سياقات تطبيقها للوصول إلى غايات جيدة، يمكن أن يجعلنا نتخطى المشاعر السلبية (3).

ولم يترك الفلاسفة استخدام العنف في حالات الحرب دون قيود تنظمه فيما يندرج ضمن أخلاق العنف، التي تسمح بالقتل والإصابة في الحالات الاضطرارية للوصول إلى عنف أخلاقي وحرب عادلة (4).

ويجب عدم نسيان أننا نستخدم شكلًا من العنف في حياتنا اليومية عندما نذهب إلى العمل ونتحمل ضغوطه وصعوباته (وسيلة عنيفة) في سبيل الحصول على الراتب (غاية جيدة)؟  كذلك نزور طبيب الأسنان (الذي يستخدم العنف ويسبب الألم) للمحافظة على صحتها (2).

أصدقاءنا، هل ترون استخدام القنبلة الذرية اليوم يمكن أن يكون مبررًا؟