الطب > ‏معلومة سريعة‬

التواصل الاجتماعي؛ رفاهية إنسانية أم حاجة حقيقية؟

هل تشعر بوجود شاغر في الداخل؟  مثل منزل قديم يفتقد نصف ألواحه الأرضية، فبينما تجوف الوحدة والعزلة قلوبنا، يتحدث قليلون عن هذا الوباء.

أصدرَ الجرّاح العامّ للولايات المتحدة الدكتور فيفيك مورثي (Vivek Murthy) نصيحةً جديدةً لفتت الانتباه إلى أزمة الصحة العامة المتمثلة في العزلة وانعدام التواصل، فقد أفادَ ما يقارب نصف البالغين هناك أنهم يعانون الوحدة، ويحذّر الخبراء من هذا القاتل الهادئ، فقلة الاتصالات تجعل الجسم يتحلل من الداخل، مما يزيد مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق في مرحلة الطفولة، ولاحقًا الإصابة بكلٍّ من أمراض القلب والسكتة الدماغية والخرف عندَ كبار السن، إضافة إلى أنَّ قلةَ التواصل تزيد خطرَ الوفاة المبكرة بنسبة تزيد عن 60٪ (1).

وفي دراسةٍ تجريبية لمعرفة تأثير العزلة في الأفراد واكتشاف إن كانوا يحنّون إلى التفاعلات الاجتماعية حين يضطرون إلى العزلة عن بعضهم البعض، وُضع 40 شخصًا من البالغين الأصحّاء المتصلين اجتماعيًّا الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا في غرف انفرادية لمدة 10 ساعات فقط، وفي جلسة منفصلة خضعوا ل 10 ساعاتٍ من صيام الطّعام الإلزاميّ، ثمَّ استُخدِمَ التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفيّ لقياس الاستجابات العصبية التي تثيرها الإشارات الغذائية والاجتماعية بعد العُزلة أو الصيام، إذ كانت الاستجابة متشابهة لكليهما عندَ شعور الأفراد بالرغبة بعد الحرمان، أي اشتهى ​​المشاركون التفاعلات الاجتماعية بالطريقة نفسها التي يشتهي بها الشخص الجائع الطعام (2).

ولفتت الدراسة الأنظار أيضًا إلى استجابتين متناقضين للبشر حين يتعرضون للعزلة، قد يؤدي ذلك إما إلى انخفاض في السعي وراء احتياجات أخرى أو إلى زيادة الدافع للبحث عن مصادر أخرى للمكافأة بوصفها شكلًا من أشكال التعويض، فمن الممكن أن تُسبِّبَ العزلة الحادة القصيرة تركيزًا مؤقتًّا على التواصل الاجتماعي، في حين أن العزلة طويلة المدى يمكن أن تؤدي إلى إيقاف هذه الجهود التكيفيّة، ومن ثمَّ الانسحاب الاجتماعيّ (2).

تسلط هذه الدراسة الضوء على حقيقة أن التفاعل الاجتماعي هو حاجة أساسية للإنسان، تمامًا مثل الطعام والنوم، بل يذهب بعض الأطباء النفسيين إلى مقارنة التفاعل الاجتماعي بالفيتامينات؛ مثلما نحتاجُها يوميًّا نحتاج أيضًا جرعة من الاتّصال الإيجابي مع أشخاصٍ آخرين (2). 

فأدمغتنا مصممة للعمل الجماعي. وتتطلب النفس جرعة يومية من التواصل، ومن الابتسامات والدردشة غير الرسمية. وبدونها، تثير الرغبة الشديدة، مما يدفعنا إلى ملء الفراغ بأية وسيلة (3)، ويبقى السؤال عن مقدار وأنواع التفاعل الاجتماعيّ الإيجابيّ الكافي لتلبية احتياجاتنا الاجتماعيّة والقضاء على استجابة الرغبة العصبيّة، ولا سيّما أنَّ التطورات التكنولوجيّة تقدّم فرصًا مستمرة للتواصل مع الآخرين بالرغم من الانفصال الجسديّ (2). 

وأيًّا كان هذا المقدار فإنّ الوقت قد حان حقًّا لجعل التواصل مع الآخرين جزءًا أساسيًّا من نمط الحياة (3).

المصادر:

1. New Surgeon General Advisory Raises Alarm about the Devastating Impact of the Epidemic of Loneliness and Isolation in the United States [Internet]. U.S Department of Health and Human Services; 2023 May 3 [cited 2023 Jul 9]. Available from: www.hhs.gov/about/news/2023/05/03/new-surgeon-general-advisory-raises-alarm-about-devastating-impact-epidemic-loneliness-isolation-united-states.html.

2. Tomova L, Wang KL, Thampson T, Mattews GA, Takahashi A, Tye KM et al. Acute Social Isolation Evokes Midbrain Craving Responses Similar to Hunger. Nature Neuroscience [Internet]. 2020 Nov 23 [cited 2023 Jul 9]; 23(12): 1597–605. Available from: هنا.

3. Martino J, Pegg J, Frates EP. The Connection Prescription: Using the Power of Social Interactions and the Deep Desire for Connectedness to Empower Health and Wellness. American Journal of Lifestyle Medicine [Internet]. 2015 Oct 7 [cited 2023 Jul 9];11(6): 466–75.

Available from: هنا.