الدخن؛ كنز غذائي منسي

قد يتسبب تغيّر المناخ في زيادة التربة القاحلة والطقس الأكثر دفئًا، وتقليل توافر المياه، مما قد يؤثر بدوره مباشرةً في الأمن الغذائي. وهذا يزيد أسعار المواد الغذائية ويقلل توافرها. لذلك؛ فإن البحث في الإمكانيات التغذويّة والتكنولوجيّة للمحاصيل غير التقليديّة، ومقاومتها للحرارة والجفاف أصبح أمرًا ضروريًّا (1).

ومن هذه المحاصيل نبات (الدخن - Millet) الذي يُنتج حبوبًا صغيرةً مغذيّةً، التي قد تتحمل الحرارة والجفاف، وهو أحد الحبوب الأساسيّة في عديد من البلدان الأفريقيّة والآسيويّة، فعلى الرغم من أن هذا النوع قد زُرع في البرازيل مدة لا تقل عن 50 عامًا، فإنه يُستخدم فقط بصفة محصولَ تغطيةٍ وعلفٍ للحيواناتٍ، لكن ليس للاستهلاك البشري (1).

ويعدُّ الدخن محصولًا غذائيًا مهمًا على المستوى العالمي، وله تأثير اقتصادي كبير في البلدان النامية، وفوائد صحية تساعد على معالجة سوء التغذية، ويستهلك بصورةِ دقيقٍ أو حبوبٍ مسلوقةٍ (2).

وهو سادسُ أهم الحبوبِ في العالم بعد القمح والأرز والذرة والشعير والذرة الرفيعة، ويُزرع ويُستخدم إلى حد كبير في غرب إفريقيا، أيضًا في الهند وباكستان (3). وله أنواع عدة منها الكبيرة والصغيرة ومن أشهرها (الدخن اللؤلؤي - pearl millet) (4).

ويتميز الدخن بقيمته الغذائيّة العالية؛ إذ يحتوي كوبٌ واحدٌ منه على ما يقرب 207 سعرة حرارية و41 غرام من الكربوهيدرات و2.2 غرام من الألياف و6 غرامات من البروتين، وعديد من المعادن والفيتامينات (5).

وتتمتع هذه الحبوب بإمكانيات عاليةٍ بصفتها غذاءً للبشر؛ لأنها خالية من الغلوتين، ومحتوىً أعلى من الألياف الغذائية من الأرز، ومماثلة في محتوى الدهون للذرة، ومحتوىً أعلى من الأحماض الأمينية الأساسيّة كـ(الليسين والإيزولوسين واللايسين) أكثر من غيرها من الحبوب التقليديّة، كالقمح والجاودار. إضافةً إلى ذلك، فإن محصول الدخن منخفضُ التكلفة وأقلُ عرضةً إلى التلوث بالأفلاتوكسين مقارنةً بالذرة على سبيل المثال (1).

وأظهرت الدراسات أن تناول الدخن أحدث تحسنًا في نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وانخفاضًا في سكر الدم الصيامي والأنسولين (6,7).

وأظهرت دراسة على حيوانات التجارب قدرة الدخن الكبيرة على تخفيض مستويات الكوليسترول والشحوم الثلاثية في الدم، لذلك؛ يخفض خطر الإصابة بأمراض القلب (7,8).

ويحتوي الدخن أكثر من 50 مركبًا فينوليًّا، كالأحماض الفينولية ومشتقاتها والفلافونول، مما يمنحه خصائص مضادة للأكسدة (9). وبيّنت بعض الدراسات أن استهلاك الحبوب الصغيرة الكاملة خاصةً الدخن؛ خفّضت نسبة انتشار السرطان؛ بسبب محتواه من الأحماض الفينولية التي تحارب الخلايا السرطانية (1).

ويعدًّ الدخن بديلًا محتملًا لعديد من الحبوب بالنسبة لمرضى حساسية الغلوتين وتُصنع منه منتجات (gluten-free) عدّة، كالمعكرونة ومشروبات البريبيوتيك (1).

ومع ذلك، ومشابهًا لغيره من الحبوب، يحتوي الدخن على مواد (مضادة للتغذية - antinutrients) كـ(حمض الفيتيك، أبيجينين، فيكستين وغيرها) وهي تخّفض استفادة الجسم من المغذيات الموجودة في هذه الحبوب (1,3).

ويُزرع الدخن على نطاقٍ واسعٍ في المناطق الاستوائية شبه القاحلة كإفريقيا وآسيا ويعدُّ مصدرًا رئيسًا للكربوهيدرات والبروتينات للأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق. إضافةً إلى ذلك، ونظرًا إلى الإسهام المهم في الأمن الغذائي والفوائد الصحية المحتملة، فإن حبوب الدخن تحظى الآن باهتمام متزايد من علماء الأغذية والتقنيين وخبراء التغذية (9).

وفيما يخص كيفية الاستخدام، فيمكن طحن الحبوب وإزالة القشرة والإنبات والتخمير والطهي والبثق للحصول على منتجات، كالدقيق والبسكويت والوجبات الخفيفة والمعكرونة ومشروبات البروبيوتيك غير اللبنية (1).

المصادر: