الطب > ‏معلومة سريعة‬

فيروسات الزومبي؛ خطر قادم أم ماذا؟!

تؤكد الدراسات الارتفاعَ المستمر لدرجة حرارة الكرة الأرضية، وربما النتيجة الأوضح لذلك هي الذوبان العالمي للتربة الصَّقِيعِيّة على أعماق متزايدة؛ مما يؤدي إلى إعادةِ تنشيط العديد من الكائنات الحية في التربة وتحلُّلِ المادة العضوية ضمنها، الأمر الذي يساهم في زيادة غازات الاحتباس الحراري. ولكنّ مصدر القلق الأكبر هو الإطلاق المادي للجراثيم الحية التي بقيت محصورة في التربة الصَّقِيعِيّة  -ولا سيما في سيبيريا- والمعزولة عن سطح الأرض مدةً تصل إلى مليوني عام.

وقد وثقت العديد من الدراسات تنوعًا كبيرًا في الجراثيم في التربة الصَّقِيعِيّة، ويُعتقَد أنّ نسبةً كبيرة منها لا تزال على قيد الحياة، ولحسن الحظ؛ يمكن السيطرة على الوباء الناجم عن الجراثيم بواسطة الصادات الحيوية الموجودة، لكنَّ الوضع سيكون كارثيًّا في الأمراض الناجمة عن إحياء فيروس قديم غير معروف، فليس هناك ما يسمى صادات حيوية للفيروس، ولذلك؛ من المنطقيّ التفكير في خطر بقاء الجزيئات الفيروسية القديمة مُعدية والعودة إلى الانتشار من خلال ذوبان طبقات الجليد (1).

وبالفعل قد أُجريت العزلة الأولى لاثنين من الفيروسات المعدية من التربة الصَّقِيعِيّة القديمة التي يبلغ عمرها 30 ألف عام وإحياؤها في المختبر، وذلك في عامي 2014 و2015 (1).

وبعد أكثر من 5 سنوات وفي دراسة حديثة أُبلِغ عن 13 فيروسًا جديدًا من عينات معزولة من 7 أماكن مختلفة من التربة الصَّقِيعِيّة لسيبيريا؛ عينة من نهر لينا في سيبريا الشرقية، وأخرى من شبه جزيرة كامشاتكا، ومعظمها لا يزال في مرحلة التوصيف الأولي (1).

وأكًدت هذه الدراسة قدرة تلك الفيروسات العملاقة -التي تملك جينوماً معقدًا وكبيرًا- على البقاء معدية بعد أكثر من 48500 سنة من وجودها في التربة الصَّقِيعِيّة، وجرى التحقق من ذلك بإصابتها للشوكيميبا Acanthamoeba؛ وهي كائنات حية وحيدة الخلية توجد في الغبار والتربة والبحيرات والأنهار والمستنقعات وحمامات السباحة وأنظمة مياه الشرب، ومن الممكن -بالنظر إلى تنوع هذه الفيروسات-  أن تصيب مجموعة متنوعة من العوائل خارج الشوكوميبيا في ظروف مماثلة؛ مثل الفقاريات، كالفيروسات التي تسببت بمجموعة متنوعة من الأمراض البشرية كالتي كُشِفت في دراسة واسعة على التربة الصقيعية القديمة؛ مثل الجدري وفيروسات الهربس (1,2). 

إنّ تحديد تأثير تلك الفيروسات العملاقة في صحة الإنسان بحاجة إلى مزيد من البحث؛ إذ تشير عدة تقارير عن وجود تسلسلات فيروسية عملاقة في دم الإنسان، إضافةً إلى أضداد لبروتينات تلك الفيروسات، كذلك تربط بعض الأبحاث بين إحدى الفيروسات العملاقة ومجموعة واسعة من الأمراض التي تصيب الإنسان، وغالبًا من دون معرفة السبب في ذلك؛ إذ لم يُكتشَف بعد تأثيرها الكامل في الإنسان (3).

ولا يزال من المستحيل تقدير المدة التي يمكن أن تبقى فيها تلك الفيروسات معدية عند تعرضها للظروف الخارجية، وكذلك تقدير مدى احتمال مواجهتها وإصابة مضيف مناسب في هذه الفترة، ولكن لا بد من أن يزداد الخطر في سياق الاحتباس الحراري عندما يستمر ذوبان الجليد في التسارع (1).

المصادر:

1. Alempic J-M, Lartigue A, Goncharov AE, Grosse G, Strauss J, Tikhonov AN, et al. An Update on Eukaryotic Viruses Revived from Ancient Permafrost. Viruses [Internet]. 2023 [cited 2023 Mar 15];15(2):564. Available from: هنا

2. Acanthamoeba [Internet]. U.S: Centers for disease Control and prevention CDC; [Last updated 2010 Nov 2; cited 2023 Mar 15]. Available from: هنا

3. Brandes N, Linial M. Giant Viruses—Big Surprises. Viruses [Internet]. 2019 [cited 2023 Mar 15];11(5):404. Available from: هنا