جوقة الأرض؛ أحد أفرادها الهزات الأرضية!

كيف نشعر بالهزات الأرضية؟

عندما نستمع إلى الموسيقا، نستمع إلى نطاقٍ واسعٍ من الترددات الصوتية، وعندما نشعر بزلزال ما، نشعر بمدىً واسع من الترددات؛ لكن على عكس الموسيقا تكون النغمات أقل قدرةً على التمييز. يصف الأشخاص ما شعروا به في أثناء الزلزال أنه "هزة حادة" أو "حركة دورانية"؛ تنتج الهزة الحادة عن الترددات العالية، في حين تنتج الحركة الدورانية عن الترددات المنخفضة. ويُعدُّ ما تشعر به في أثناء الزلزال نتاجَ الزلزال نفسه ومدى بُعدك عنه وأنواع الصخور بينك وبين الزلزال (1).

وتبعًا لمؤسسة المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الهزات الأرضية القريبة من السطح التي تُصدر اهتزازاتٍ ذات ترددات عالية، تُصدر صوتًا مدويًّا (Booming)، أما الهزات الأرضية العميقة تُصدر صوتًا لكن لا يمكن سماعه بسبب عدم وصول الاهتزازات إلى السطح، وتستطيع الزلازل في بعض الأحيان إصدار أصوات قوية دون رصد أي اهتزازات (2).

مع العلم أن الموجات الصوتية الصادرة عن الأرض ذات تواتر مُنخفض لا يستطيع البشر سماعه ويتراوح بين 0.0000001 HZ إلى 50 HZ، في حين أن ترددات الزلازل حتى تكون ذات أهمية هندسية؛ يجب أن تكون ذات اهتزازات أقل من 0.2 HZ وحتى 20 HZ، وذات فترة زمنية من 5 ثوانٍ إلى 0.05 من الثانية على الأقل، فكل هزة تحت 20 HZ لا تسمعها آذاننا لكن تلتقطها مقاييس الزلازل مؤديةً دورَ أذنٍ اصطناعية (3,4). 

لكننا نستطيع تحويل الهزات الأرضية بتردداتها المختلفة إلى صوت مسموع؛ عن طريق تسريع الترددات الأساسية التي صدرت في أثناء الهزات الأرضية (2).

ولتقريب الفكرة، يمكن تشبيه الأصوات الصادرة عن الأرض بالأصوات البشرية؛ إذ تترتب الأصوات البشرية من الأعلى تواترًا إلى الأقل تواترًا وبطريقة مماثلة، لذلك نستطيع إعطاء أصوات الأرض الترتيب ذاته:

• سوبرانو (الصوت النسائي الحاد)؛ يشابهه من الأصوات الصادرة عن كوكب الأرض الأصواتُ الناتجة عن النشاط البشري وصوت المطر والرياح والهزات الأرضية الضعيفة.
• كونتراألتو (الصوت النسائي المُنخفض أو الثخين)؛ صوت قريب لصوت أمواج البحار والهزات الأرضية المتوسطة.
• تينور (صوت الرجال الأكثر حدةً)؛ يشابهه من الأصوات الصادرة عن كوكب الأرض الصوتُ الناتج عن التغيرات في الطبقات الجوية والهزات الأرضية القوية.
• باريتون (صوت الرجال متوسط الثخانة)؛ وهو صوت الأرض وهي في حالة الراحة.
• باص (صوت الرجال المنخفض أو الثخين)؛ ويمثّل صوت المد والجزر (3).

وهكذا تنتج لدينا جوقةٌ من الأصوات المتنوعة التي يصف فيها الجيوفيزيائي (أندرو مايكل - Andrew Michael) الأرض أنها "الموسيقي" وأن على المُحللين ومقاييس الزلازل سماعَ الموسيقا الصادرة عنها وفهمها. ومن هذه الفكرة نُظمت مجموعة من الأصوات الإلكترونية إضافةً إلى عزف مجموعة من الموسيقيين وغنائهم في مؤلفة موسيقية تدعى "رباعي الهزة الأرضية" التي سُجلت في شباط عام 2000 في مركز جامعة ستانفورد، التي تظهر فيها أصوات التشيللو والترومبون ومقياس الزلازل، إضافة إلى الصوت البشري للتعبير عن دورة الهزة الأرضية وعن المجتمع والثقافة، ففي القسم الثاني من المؤلفة، نستطيع سماع (Allemande) ليوهان سباشتيان باخ لكن مشوهًا؛ ولعلها رسالة مبطنة للتعبير عن الضرر والأثر الذي تُلحقه الزلازل بالبشرية (5).

للاستماع لرباعي الهزة الأرضية:

هنا

المصادر: