الكاليفورنيوم المُشِع

هو عنصر كبير التكلفة قليل الشهرة؛ فتح عالماً جديداً في الكيمياء النووية؛ وقد يغير الفكر المعتاد في تخزين النفايات المشعة، ويساهم في إعادة تدوير الوقود؛ إذ إنه يساعد في فصل الوقود الفعال إشعاعيَّاً..

إنه عنصر "الكاليفورنيوم" (1)!

إذاً؛ ما هو الكاليفورنيوم (Californium)؟

عنصر الكاليفورنيوم (Cf) هو عنصر مشع مصنَّع ( أي أنه لا يوجد بتلقائية في الطبيعة) ثلاثي التكافؤ؛ يمتلك الرقم الذري 98 في الجدول الدوري، وينتمي إلى الأكتينيدات (2,3).

يمكن للمعادن المُشعة أن تكون موجودة طبيعيَّاً أو مُحضرة صناعيَّاً، وتتميز بإمكانية إطلاق أشعة ألفا (α) وبيتا (β) وجاما (γ)؛ الأمر الذي استُغل بطرائق عدة لصالح الإنسان؛ فاستخدمت في توليد الطاقة، وبوصفها موارد طاقة للمركبات الفضائية والبطاريات النووية، وكذلك في علوم هندسة المواد وعلاج السرطان (4).

وما هي القصة الفريدة وراء هذا العنصر؟

بدأت القصة في عام 1950 في مدينة بيركلي في ولاية كاليفورنيا؛ إذ تضمنت تجارب فريق من الباحثين إطلاق نوى الهليوم (جسيمات ألفا) على عنصر الكوريوم-242؛ وهو عنصر شديد الإشعاع، فنتج النظير "كاليفورنيوم-245" الذي يمتلك عمر نصف يبلغ 44 دقيقة.

استغرق الفريق ثلاث سنوات لجمع المليغرامات القليلة اللازمة للتجربة، وفي الحقيقة؛ فقد استُخدِمت بضعة ميكروغرامات منها فقط؛ إذ أنتجت مساعيهم قرابة 5000 ذرة كاليفورنيوم، وكانت تلك الكمية كافية لإثبات ولادة هذا العنصر الذي سُمي على اسم الولاية التي صنع فيها لأول مرة؛ كاليفورنيا.

وقد قدرت كلفة تحضير 5 مليغرامات من هذا المعدن الصناعي 1.4 مليون دولار!

يعد عنصر الكاليفورنيوم باعثاً نيوترونيَّاً قويَّاً جداً، وهذا ما يجعله مفيداً لتشغيل المفاعلات النووية؛ فهي تستلزم تدفقَاً نيوترونيَّاً عالياً لبدء التفاعل المتسلسل، ويستخدم -أيضاً- في أجهزة الكشف عن المعادن المحمولة، وفي التعرف على خامات الذهب والفضة بتقنية تدعى "تفعيل النيوترون (Neutron Activation)"، وتحديد طبقات المياه والنفط الخام في آبار النفط، واكتشاف الإجهاد المعدني في الطائرات؛ فهو يتمتع بقدرات عالية على ربط المواد الأخرى وفصلها، بالإضافة إلى أنه شديد المقاومة للتلف الإشعاعي، أما طبيَّاً؛ فيَستَخدِم ما يسمى بالـ"معالجة الكثيبة أو العلاج بالإشعاع (Brachytherapy)" النظير 252 للكاليفورنيوم في علاج أنماط مختلفة من السرطانات (3-1).

المصادر: