التوعية الجنسية > الصحة الجنسية والإنجابية

هل مشاهدة المواد الإباحية تسبب عجزًا جنسيًّا؟

على الرغم من أن مشكلة استخدام المواد الإباحية (PPU) سيكون قابلًا للتشخيص قريبًا من خلال التصنيف الدولي للأمراض، غير أن ملفه الشخصي السريري لا يزال مثيرًا للجدل (1).

كان باحثو معهد كينزي من بين أوائل الذين أبلغوا عن ضعف الانتصاب الناتج عن المواد الإباحية (PIED) وانخفاض الرغبة الجنسية انخفاضًا غير طبيعي الناجم عن المواد الإباحية عام 2007. في أثناء التحدث إلى الأشخاص المشاركين بالدراسة، اكتشف الباحثون أن التعرض العالي لمقاطع الفيديو الإباحية أدى على ما يبدو إلى استجابة أقل وزيادة الحاجة إلى إثارة مواد أكثر تطرفًا وتخصصًا و"غريبًا". 

أعاد الباحثون تصميم دراستهم لتشمل مقاطع أكثر تنوعًا وتسمح ببعض الاختيار الذاتي، فكانت النتيجة أن ربع المشاركين ما زالت استجابتهم الجنسية غير طبيعية (2,3).

 منذ ذلك الحين، ظهرت أدلة على أن المواد الإباحية على الإنترنت قد تكون عاملًا في الارتفاع السريع في معدلات العجز الجنسي. وبدراسة أخرى أجريت عام 2015 على طلاب المدارس الثانوية، وجدت أن المواد الإباحية على الإنترنت تسببت انخفاضَ الرغبة الجنسية لديهم. من بين أولئك الذين استهلكوا المواد الإباحية على الإنترنت أكثر من مرة في الأسبوع، أبلغ 16٪ عن انخفاض الرغبة الجنسية، مقارنة بـ 0٪ لدى غير المستهلكين (و 6٪ لأولئك الذين استهلكوا أقل من مرة واحدة في الأسبوع). وعندما أجريت الدراسة على الرجال (متوسط ​​العمر 41.5) الذين يبحثون عن علاج لفرط النشاط الجنسي، والذين مارسوا العادة السرية -عادةً مع استخدام المواد الإباحية بشكل متكرر للغاية- سبع ساعات أو أكثر في الأسبوع، وأن 71٪ لديهم اختلالات جنسية، مع 33٪ أبلغوا عن صعوبة هزة الجماع، وقد يدفع القلق بشأن الأداء الجنسي إلى مزيد من الاعتماد على المواد الإباحية بصفتها منفذًا جنسيًّ.

أما في دراسة أُجريت عام 2014 باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، أفاد 11 من مستخدمي المواد الإباحية القهريين على الإنترنت البالغ عددهم 19 (متوسط ​​العمر 25)، الذين فُحصت أدمغتهم بحثًا عن دليل على الإدمان، أنه نتيجة الاستخدام المفرط للمواد الإباحية على الإنترنت، فقد عانوا من انخفاض الرغبة الجنسية أو وظيفة الانتصاب على وجه التحديد في العلاقات الجسدية مع النساء.

في حين أن دراسات التدخل هذه ستكون الأكثر إضاءة، فإن مراجعتنا للأدبيات الطبية وجدت عددًا من الدراسات التي ربطت بين استخدام المواد الإباحية والإثارة والجاذبية ومشكلات الأداء الجنسي، بما في ذلك صعوبة النشوة الجنسية، وتناقص الرغبة الجنسية أو وظيفة الانتصاب، والآثار السلبية على الجنس مع الشريك، وانخفاض التمتع بالعلاقة الجنسية الحميمة، وانخفاض الرضا الجنسي في العلاقة، وتفضيل استخدام المواد الإباحية على الإنترنت لتحقيق والحفاظ على الإثارة على ممارسة الجنس مع شريك، وزيادة تنشيط الدماغ استجابةً للمواد الإباحية في أولئك الذين أبلغوا عن رغبة أقل في ممارسة الجنس مع الشركاء.

وبذلك يبدو أن العوامل التقليدية التي أوضحت ذات مرة الصعوبات الجنسية لدى الرجال غير كافية لتفسير الارتفاع الحاد في الاختلالات الجنسية وانخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجال تحت سن 40؛ إذ تؤكد التقارير السريرية على الحاجة إلى دراسات مكثفة في التأثيرات المحتملة للمواد الإباحية على الإنترنت على المستخدمين، من خلال جعل الأشخاص يزيلون متغير المواد الإباحية على الإنترنت من أجل إظهار الآثار المحتملة لتعديل السلوك. وعلى سبيل المثال وجدت دراسة أجريت عام 2015، انخفاض معدلات العجز الجنسي بعدما سعى المشاركون الأصحاء للتخلي عن استخدام المواد الإباحية على الانترنت مدة ثلاث أسابيع فحسب. في حين أن الاختلالات الجنسية غير العضوية يُفترض أنها نفسية في الأصل، وبمن ثم فهي من اختصاص خبراء الصحة العقلية، فإن الاختلالات الجنسية غير المبررة تزداد الآن ازديادًا حادًّا عند الشباب (الضعف الجنسي وصعوبة النشوة وانخفاض الرغبة الجنسية)، إلى الحد الذي يمكن عكسه عن طريق الإقلاع عن المواد الإباحية على الإنترنت، والتي لا تنشأ عن القلق من الأداء، على الرغم من أن القلق من الأداء قد يصاحبها بالتأكيد. لذلك يحتاج الباحثون المستقبليون إلى مراعاة الخصائص الفريدة وتأثير البث المتكرر للمواد الإباحية عبر الإنترنت اليوم (3).

تبرز الأبحاث والتقارير السريرية أيضًا الحاجة إلى أدوات فحص تأكَّدوا من صحتها لتحديد الوجود المحتمل لصعوبات جنسية غير عضوية، إضافة إلى الصعوبات المتعلقة بالمواد الإباحية على الإنترنت لدى الرجال الأصحاء. غالبًا ما يكون هذا الأخير قابلًا للعكس ببساطة عن طريق تعديل السلوك، ولأن الصعوبات الجنسية المتعلقة بالمواد الإباحية على الإنترنت لم تُضمَّن على وجه التحديد في التشخيص الرسمي، لا يقوم مقدمو الرعاية الصحية بفحصها على نحو روتيني، مما يجعل المرضى عرضة لخطر التشخيص الخاطئ. في هذا الصدد ومن أجل تقييم المرضى بشكل صحيح من المهم التمييز بين الاستمناء الخالي من المواد الإباحية والاستمناء بمساعدتها. لذلك، إذا لم يكن لدى المرضى صعوبة في الانتصاب والإثارة والنشوة في أثناء ممارسة العادة السرية، لكنهم أبلغوا عن مشكلات في أثناء ممارسة الجنس مع الشريك، فمن المفترض أن يكون لديهم مشكلات نفسية وليست عضوية. ومع ذلك، فإن المرضى الشباب الذين سُئلوا عن قدراتهم قد يفترضون أن "العادة السرية" تشير إلى "العادة السرية بمساعدة المواد الإباحية على الإنترنت" ، ومن ثم فهم يقيّمون على أنهم يعانون "القلقَ من الأداء"، عندما تكون الصعوبات التي يواجهونها في ممارسة الجنس مع شركائهم مرتبطة في الواقع بالمواد الإباحية على الإنترنت. ومنه فإن أحد الاختبارات البسيطة التي قد يستخدمها مقدمو الرعاية الصحية هو السؤال عن ما إذا كان يمكن للمريض أن يحقق ويحافظ على انتصاب مُرضٍ و وصول للنشوة عند ممارسة العادة السرية دونَ استخدام المواد الإباحية على الإنترنت. إذا لم يستطع، لكن يمكنه بسهولة تحقيق هذه الأهداف من خلال المواد الإباحية على الإنترنت، فقد يرتبط اختلال وظيفته الجنسية باستخدامه. دون استخدام مثل هذا الاختبار، هناك خطر التشخيص الخاطئ "لقلق الأداء"، وما يترتب على ذلك من خطر وصف الأدوية ذات التأثير النفسي غير الضروري وغير الفعال في النهاية (3).

إضافة إلى ذلك، في حين يجب على مقدمي الرعاية الصحية فحص مشكلات العلاقة وتدني احترام الذات والاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والتوتر ومشكلات الصحة العقلية الأخرى، يجب أن يكونوا حذرين من افتراض أن الصحة العقلية السيئة هي سبب الخلل الجنسي غير المبرر لدى المرضى الشباب (3).

في النهاية، لا يزال البحث الإضافي في هذا المجال ضرورة لا بد منها وله ما يبرره، لنتمكن من التشخيص الصحيح لكل حالة مرضية وتقديم التفسير الكافي والعلاج المرضِ.

المصادر

1- Ince C, Yücel M, Albertella L, Fontenelle LF. Exploring the clinical profile of problematic pornography use. CNS Spectrums. Cambridge University Press [Internet]. 2021 [cited 1 Dec 2022];26(6):648–57. Available from: هنا

2- Stein DJ, Black DW, Pienaar W. Sexual Disorders Not Otherwise Specified: Compulsive, Addictive, or Impulsive? CNS Spectrums. Cambridge University Press [Internet]. 2000 [cited 1 Dec 2022];5(1):60–6. Available from: هنا

3- Park BY, Wilson G, Berger J, Christman M, Reina B, Bishop F, Klam WP, Doan AP. Is Internet Pornography Causing Sexual Dysfunctions? A Review with Clinical Reports. Behavioral Sciences [Internet]. 2016 [cited 1 Dec 2022];6(3):17. Available from: هنا