الطب > الجراحة

أقدم الإجراءات الجراحية: البتر أسبابه ونتائجه

البتر هو فقدان جزء من الجسم أو إزالته كأحد الأصابع أو اليد أو القدم أو حتى كامل الطرف، ويُعدّ من أقدم الإجراءات الجراحية التي أجراها الإنسان إذ إن أقدم رفات بشري عليه آثار للبتر يعود لعام 4900 قبل الميلاد، وعلى الرغم من تلك المدة الطويلة فإنَّ عملية البتر لطالما كانت مليئة بالاختلاطات وذات نتائج سيّئة، وذلك بسبب النزف والعدوى، لكنَّ ظهور المطهرات وتطور الأدوات الجراحية والتخدير ساعد على تحسين هذه التقنية وتقليل نسب المراضة والاختلاطات (1,2).

يمكن تقسيم البتر إلى بتر رضّي وجراحيّ، ويُشكِّل الجراحيّ النسبةَ الأكبر من حالات البتر، ولكلّ منهما أسبابًا مختلفة، فالبتر الرضيّ يحصل نتيجة حوادث الآليات أو العمل التي تؤدي إما إلى قطع مباشر للطرف وإما تأذيه بشدة وفقدان وظيفته، أما البتر الجراحي فيكون اللجوء إليه نتيجة وجود حالات مرضية أخرى كالسكري والأمراض الوعائية وبعض أنواع السرطان (الساركوما) وحتى الخمج الشديد (1).

تتشارك معظم الحالات المؤدية للبتر الجراحي بتأثيرها في تدفق الدم (1)، نجد اختلاطات السكري وأمراض الشرايين المحيطية في مقدمة الأسباب المؤدية إلى البتر، إذ  تنتج أمراض الشرايين المحيطية غالبًا عن التصلب العصيدي، الذي يؤدي إلى تضيق الشريان و/أو انسداده ويقلل جريان الدم إلى الطرف المصاب، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة الأنسجة، وحدوث البتر (3)، أما عن السكري فيزيد الإصابة باعتلال الشرايين المحيطية، ويسرع من تطور وشدة المرض، لذلك فإن هؤلاء المرضى يكونون أكثر عرضة لإجراء البتر (4).

ويمكن للسكري أيضاً أن يسبب ما يُعرف بالقدم السكرية التي غالبًا ما تبدأ بتقرحات تسهم في تجرثم الطرف ومن ثم خسارته (5).

ومن الحالات الأخرى التي قد تنتهي بالبتر التهاب اللفافة الناخر، إذ يحدث فيه انتشار سريع للإنتان في النسج الضامة، مما يؤدي إلى التهاب الأوعية وانسدادها ومن ثم نقص في التروية وتموت النسيج، وفي حال التأخر بالتدبير قد تصل إلى البتر (6).

يمكن كذلك للبتر أن يحدث بسبب السرطان ولكنه يشكل نسبة لا تتجاوز 2% من حالات البتر، والسرطانات التي تستدعي البتر تشمل الساركوما، وهي مجموعة من الأورام النادرة، إذ كان خيار العلاج الأساسي لها عبر التاريخ هو البتر ولكن الآن نادرًا ما يُلجَأ إليه (1,7).

عادةً يتطلب البتر الإقامة في المشفى مدة تتراوح بين 5 إلى 14 يوم أو أكثر، ويُجرَى إما تحت التخدير العام الذي يكون فيه المريض نائمًا وإما التخدير الشوكي الذي يخدر القسم السفلي من الجسم، وفي أثناء العملية يزيل الجراح معظم الأنسجة التالفة مع الحفاظ على السليمة، وقد يناور عددًا من المناورات كصقل العظام الناشزة وإحكام إغلاق الأوعية والأعصاب وتعديل عضلات ما تبقى من الطرف ليدعم الأطراف الصناعية (8).

وكأي إجراء جراحيّ لا تخلو عملية البتر من بعض الاختلاطات، كالاختلاطات القلبية والخثار الوريدي العميق وتأخر شفاء الجروح وتلوثها، وأخيرًا ألم في الجزء المتبقي بعد البتر أو ما يسمى بالألم الشبحي، الذي يعبر عنه عديد من المرضى كإحساسات مؤلمة تبدو وكأنها قادمة من الطرف المبتور.

وتوجد عديد من الطرائق التي قد تساعد في التخفيف من هذا الألم كالأدوية مثل الإيبوبروفين ومضادات الاختلاج والمورفينات، أو تطبيق الكمادات الحارة أو الباردة على الجزء المتبقي بعد البتر، وكذلك التدليك لزيادة الدورة الدموية وتنشيط العضلات.

وقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يقضون 40 دقيقة يوميًّا في تخيل استخدام الجزء المبتور من أطرافهم مثل مد أصابعهم يكونون أقل عرضة للألم.

ومن المهم جدًّا الحفاظ على الجلد على سطح الجزء المتبقي نظيفًا، لذلك يجب غسله برفقٍ مرةً واحدة يوميًّا على الأقل بصابون غير معطر وماء دافئ وتجفيفه بعناية، وتجنب تركه مغمورًا في الماء فترات طويلة لأن الماء سيجعل الجلد أكثر لينًا وعرضة للتهيج والعدوى (9). 

إنَّ عملية البتر ليست إلا بداية مرحلة طويلة وصعبة لمساعدة المريض على استعادة معظم النشاطات التي كان يستطيع أداءها من قبل، وأهم عنصر في عملية التأهيل هي تعاون المريض وتوجد عديد من الأنظمة التي توافق ما بين العملية وتجهيز طرف صناعي بغية تحسين نتائج المرضى، ولكن الأطراف الصناعية ليست مناسبة لكل من خضع لعملية البتر، فلا بد من العلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل ووسائل مساعدة المرضى على التأقلم (9,10).

وأخيرًا فخسارة الطرف قد تحدث تأثيرًا نفسيًّا شديدًا، فقد يعاني المرضى بعدها الاكتئاب والقلق والإنكار، ومن الممكن أن تراودهم الأفكار الانتحارية، فلا بد من الأخذ بالحسبان أن هذا الإجراء يحمل في طياته معاناة وتعبًا على من قدر لهم خسارة جزء من جسدهم، فعلينا دعمهم وتشجيعهم على التأقلم مع جسدهم الجديد (9).

المصادر:

1. Amputation [Internet]. U.S: Johns Hopkins Medicine; 2022 [cited 2022 Sep 27]. Available from: هنا

2. Markatos K, Karamanou M, Saranteas T, Mavrogenis A. Hallmarks of amputation surgery. International Orthopaedics [Internet]. 2018 [cited 2022 Sep 27];43(2):493-9. Available from: هنا

3. Morley R, Sharma A, Horsch A, Hinchliffe R. Peripheral artery disease. the British Medical Journal (The BMJ) [Internet]. 2018 [cited 2022 Sep 27]; 360:j5842. Available from: هنا

4. Barnes J, Eid M, Creager M, Goodney P. Epidemiology and Risk of Amputation in Patients With Diabetes Mellitus and Peripheral Artery Disease. Arteriosclerosis, Thrombosis, and Vascular Biology [Internet]. 2020 [cited 2022 Sep 27];40(8):1808-17. Available from: هنا

5. Lavery L, Oz O, Bhavan K, Wukich D. Diabetic Foot Syndrome in the Twenty-First Century. Clinics in Podiatric Medicine and Surgery [Internet]. 2019 [cited 2022 Sep 27];36(3):355-9. Available from: هنا

6. Bonne S, Kadri S. Evaluation and Management of Necrotizing Soft Tissue Infections. Infectious Disease Clinics of North America [Internet]. 2017 [cited 2022 Sep 27];31(3):497-511. Available from: هنا

7. Erstad D, Ready J, Abraham J, Ferrone M, Bertagnolli M, Baldini E et al. Amputation for Extremity Sarcoma: Contemporary Indications and Outcomes. Annals of Surgical Oncology [Internet]. 2017 [cited 2022 Sep 27];25(2):394-403. Available from: هنا

8. Dunkin M. Amputation Overview [Internet]. U.S: WebMD; 2022 [updated 2022 Feb 5; cited 2022 Sep 27]. Available from: هنا

9. Amputation [Internet]. U.K: National Health Service (NHS); [updated 2019 Aug 12; cited 2022 Sep 27]. Available from: هنا

10. Klarich J, Brueckner I. Amputee Rehabilitation and Preprosthetic Care. Physical Medicine and Rehabilitation Clinics of North America [Internet]. 2014 [cited 2022 Sep 27];25(1):75-91. Available from: هنا