الكيمياء والصيدلة > كيمياء

المواد الكيميائية الأبدية؛ ما هي؟ وهل وجدنا طريقةً للتخلص منها؟

يستخدم الإنسان عدداً هائلاً من المركبات الكيميائية يوميَّاً، ولعل أكثرها انتشاراً مركبات (PFAS) أو ما يُدعى بالمواد الكيميائية الأبدية (forever chemicals)؛ التي سُمَّيت بهذا الاسم لأن البكتيريا لا تستطيع أكلها، ولا يمكن للنار حرقها، أو تخفيفها بالماء. وإذا دفنت هذه المواد السامة؛ فهي تتسرب إلى التربة المحيطة وتصبح مشكلة مستمرة للأجيال القادمة (1,2).

تتكون مواد فوق ومتعددة فلورو الألكيل )Per-and polyfluoroalkyl Substances ) أو ما يُدعى (PFAS) من أكثر من 4000 مادة كيميائية، وقد اسُتخدمت لأكثر من 70 عاماً بوصفها عوامل مضادة للالتصاق ومقاومة للماء؛ فنجدها -مثلاً- في أواني الطهي غير اللاصقة، ومستحضرات التجميل المقاومة للماء، ورغوة مكافحة الحرائق، وتُستَخدم على نطاق واسع -أيضاً- بوصفها طلاء مقاوم للماء والبقع في العديد من المواد الاستهلاكية مثل الأثاث والسجاد والأحذية والمنسوجات وغيرها (4-1).

لماذا تسبب هذه المركبات قلقاً عالميَّاً؟

يمكن أن تتسرب PFAS من رغوة مكافحة الحرائق ومواقع التصنيع ومقالب القمامة وهواء المصانع إلى التربة السطحية، ويمكنها الوصول إلى المياه السطحية أو الجوفية أو إلى الأنهار والبحيرات، وتلويث مياه الشرب؛ وذلك بسبب قابلية هذه المركبات للذوبان بالماء. وكما ذكرنا سابقاً؛ فإن مركبات  PFAS تبقى في البيئة فترة طويلة ولا تتحلل بسهولة، ويعود ذلك إلى روابطها الكيميائية (5)؛ إذ تحتوي جزيئات PFAS سلسلة من ذرات الكربون والفلور المرتبطة معاً، وتُعد رابطة كربون-فلور واحدة من أقوى الروابط في الكيمياء العضوية؛ وذلك لأن الفلور هو العنصر الأكثر كهرسلبية في الجدول الدوري؛ فهو يحاول ضم الإلكترونات بشدة، في حين أن الكربون أكثر استعداداً للتخلي عن إلكتروناته (1,2). 

وقد ظهر أن التعرض للـ PFAS يرتبط ارتباطاً وثيقاً بانخفاض الخصوبة، ويؤثر في النمو عند الأطفال، ويزيد مخاطر الإصابة بالسرطان، ويُضعف المناعة ويزيد مستويات الكوليسترول. ونتيجة لهذه الآثار؛ فقد صنَّفت وكالة حماية البيئة الأمريكية the U.S. Environmental Protection Agency (EPA) العديد من مركبات PFAS على أنها غير آمنة؛ حتى عند مستوى الأثر (2,4).

هل وجدنا طريقة للتخلص من هذه المواد؟

حقق كيميائيون من جامعة Northwestern ما يبدو مستحيلاً؛ فقد استطاعوا باستخدام درجات حرارة منخفضة وكواشف شائعة غير مكلفة تطوير طريقة لتفكيك مجموعتين رئيسيتين من مركبات PFAS إلى مركبات نهائية غير ضارة. 

وجد فريق البحث لدى دراسة هذه المركبات نقطة ضعف فيها؛ إذ يحتوي PFAS في نهاية الذيل المكون من روابط الكربون والفلور مجموعة مشحونة تحتوي الأكسجين غالباً، وعمل على استهداف هذه المجموعة الرئيسية بهيدروكسيد الصوديوم (أحد الكواشف الشائعة) بعد تسخينها في ثنائي ميثيل سلفوكسيد (مذيب استثنائي لتفكيك PFAS)، وأدت هذه العملية إلى تدمير رأس المجموعة الرئيسية المشحون؛ تاركة ذيلاً متفاعلاًانفصلت عنه ذرات الفلور على شكل فلورايد (وهو أكثر أشكال الفلور أماناً).

يجدر القول إنه يمكن أن تكون هذه التقنية البسيطة حلَّاً نهائيَّاً للتخلص من هذه المواد الأبدية؛ التي ارتبطت على مدى سنين طوال بالعديد من الآثار الصحية الخطيرة في البشر والمواشي والبيئة (1,2).

المصادر:

1- Trang B, Li Y, Xue XS, Ateia M, Houk KN, Dichtel WR. Low-temperature mineralization of perfluorocarboxylic acids. Science [internet]. 2022 [Cited 25 October 2022]. 19;377(6608):839-845. Available from:  هنا

2- ‘Forever chemicals’ destroyed by a simple new method [Internet]. News.northwestern.edu. 2022 [cited 21 September 2022]. Available from: هنا

3- Center for PFAS Research [Internet]. canr.msu.edu. 2022 [cited 21 September 2022]. Available from: هنا

4- Perfluoroalkyl and Polyfluoroalkyl Substances (PFAS) [Internet]. National Institute of Environmental Health Sciences. 2022 [cited 21 September 2022]. Available from: هنا

5- Per- and Polyfluoroalkyl Substances (PFAS) [Internet]. Mass.gov. 2022 [cited 21 September 2022]. Available from: هنا