كيف تعامل الفلاسفة مع السؤال الأزلي عن الموت؟

لطالما كان السؤال عن ماهية الموت ملحًّا، وقد نما بنمو الوعي الإنساني وأصبح البحث عن الأبدية والهروب من الموت مادةً لعديد من الأساطير القديمة، لتأتي الفلسفة وتجيب عن سؤال الموت بطريقة يتجاوز بها الإنسان التفكير الأسطوري. وقد تعيد مسألة الموت عدة تساؤلات منها: ما استعدادك لتلك اللحظة وكيف أثر ذلك في حياتك؟

دفع التزام أبيقور بمبدأ اللذة إلى الاعتقاد بأن الخير والشر مرتبطان بالإحساس، وبما أن الإنسان لا يشعر بشيء عند الموت -فهو حرمان من الإحساس- فبذلك هو ليس خير أو شر بالنسبة إليه، فعندما تكون أنت موجود؛ الموت لا يكون، وعندما يكون الموت؛ أنت لا تكون (1).

حتى قبل لحظات من إعدامه فإن سقراط لم يكن يرى الموت شيئًا يستدعي الخوف، بل هو شيء مرحب به؛ فما الحياة إلا تدريب عليه. وبعرِّف سقراط الموت على أنه فصل الروح عن الجسد الذي يصفه بأنه سجن مادي لها، وعقبة أمامها في اكتساب المعرفة والوصول إلى الفضيلة (2).

أما أرسطو فيعتقد أن الإنسان الميت يمكن أن تنفعه الأشياء التي تحدث في أثناء موته أو تضرُّه؛ فيحصل على الحظ الجيد أو السيئ، الشرف والعار وذلك من أبنائه وأحفاده عمومًا، كما لو كان حيًّا ولكن دون وعيه بذلك (1).

رأى مارتن هايدغر في الموت السمات الكاملة للإنسانية ونظر إليه على أنه يقين، ولكن هناك عدم يقين بشأن ما يعنيه هذا اليقين. ويعتقد أن معرفة الموت تؤدي إلى فهم الوجود وأن معرفة الوجود ستؤدي إلى معرفة الكون (3).

وبالطبع أراد فريدريك نيتشه الموت كمنتصرين، وهي الحالة بأننا إذا لم نعش في الوقت المناسب؛ فلا يمكننا أن نموت في الوقت المناسب. أراد موتًا حرًّا، فمعرفة كيفية الموت والحياة تعني الحرية في الموت والحرية في الحياة (4).

ينجح آرثر شوبنهاور في مواساة البشر بشأن الموت، فإذا كان ما يجعل الموت يبدو فظيعًا للغاية هو فكرة عدم الوجود في هذه الحياة ولكن اللاوجود قبل الحياة لا يختلف عن اللاوجود بعد الحياة؛ أي ما دام الوعي غير موجود فإن الموت ليس شرًّا، بل رأى أنه خير؛ إذ إن الحياة معاناة ونحتاج إلى خلاص، والموت هو هذا الخلاص (5).

يرى ميشيل دو مونتين الموت أمرًا طبيعيًّا ولا يمكن تجنبه؛؛ لذا نحن في حاجة إلى تخليص الموت من غرابته، ويجب علينا في أنشطتنا اليومية أن نكون مستعدين باستمرار له، فلا ندري متى سيقترب منا؛ فهو جزء منا منذ اللحظة التي نولد فيها (6).

المصادر: