الذكوريّة السامة (Toxic Masculinity)

على غرارِ ما تصوّره هوليوود عن أبطالها الذكور في أفلامها بأنّهم مسيطرون وعدوانيّون ومحبّون لخوض المخاطر (1)، تُنشئ المجتمعات الذكوريّة قوالبَ للرجولة، تُعرّض فيهم الصِبيةَ لضغطٍ مستمرٍّ لملائمة هذه القوالب التي تضعنا أمام مجموعةٍ من القيم والتصرّفات تُسمى بالذكوريّة السامة "Toxic Masculinity"؛ وهي نتاجٌ لفهمٍ قليلٍ غيرِ مواكبٍ لتطور الأدوار المنوطة بالجنسَين داخل المجتمع، يُصوَّر به الرجال على أنّهم -عادةً- قساة ومغايرو الجنس وقليلو العاطفة (2,3)، وغالبًا ما تترافق محاولات الرجال ذوي الذكوريّة السامة لإظهار هذه الصفات بالعنف وعدِّ المشاعرِ مظهرًا من مظاهر الضعف مع عدم إظهارها، إضافةً إلى التمييز والتعصّب (كالهوموفوبيا ورهاب الأشخاص البدينين) (3).

تبدأ آثار الذكوريّة السامة عند الفرد ذاتِه، ثمّ تمتدّ لتشمل المجتمع كاملًا، فقد أدّى هذا الموروث الثقافيّ إلى جعل أجيالٍ متعاقبةٍ من الرجال تُعدّ الشكاوى الصحيّة ضعفًا، فهم -مقارنةً بالنساء- يتجاهلون أعراضَ أمراضِهم ويتجنّبون مراجعة الأطباء ما أمكن، إضافةً إلى عدم أخذ الحيطة من المخاطر والتكتّم على مشكلاتهم قدر الإمكان، ممّا ينجم عنه:

• موت الرجال قبل النساء بخمس سنوات وسطيًّا.
• عيشُهم فترةً زمنيّةً أطولَ بمشكلات صحيّة قبل الوفاة.
• امتلاكُهم معدّلاتِ اكتئابٍ وانتحار أكبر.
• إنكار الرجال مشاعرَهم الخاصّة، الذي يمتدّ لإنكار مشاعر أصدقائهم وشركائهم (1).

أمّا عن الذكوريّة السامة وعلاقتها بالعنف؛ فغالبًا ما يلجأ الرجال إلى هذا الأخير عند شعورهم بأنّ رجولتهم قد أصبحت موضع خطر، فيغدو أداةً لفرض سيطرتهم على الآخرين؛ إذ تبلغ نسبة الأزواج الذين ارتكبوا جرائمَ قتلٍ بحقّ شريكاتهم العاطفيّات 38% من مجموع جرائم قتل النساء في أنحاء العالم، كذلك فإنّ الصورة النمطيّة التي تُرسم عن الرجال من صلابة وعدوانيّة، قد تدفع المراهقين إلى الانخراط في تصرّفات عنيفةٍ كالتنمّر والعنف الجسديّ أو اللفظيّ والاعتداء على الغير (2).

ما هي العلامات التي تدلّ على ازدياد احتمال نشوء الأفراد بفهمٍ خاطئٍ عن الرجولة؟

• ضعف الدور الأسريّ.
• التعرّض للعنف والضغط النفسيّ في المنزل والعلاقات والمجتمع وحتى عبر وسائل التواصل الرقميّ.
• وجود معاييرَ اجتماعيّةٍ تؤكّد على سيادة الذكور.
• التعرّض للرفض من قبل الأقران (2).

وعلى الرغم من التحدّي الكامن في تحديد هذه الأفكار ومواجهتها، فإنّنا قادرون دائمًا على تعريتها من الوصمة وكسر الحواجز بينها وبين الحلول التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر:

• إقناع الرجال بالعناية بأنفسهم على نحو أفضل وطلب المساعدة عند الحاجة إليها، بوصف ذلك جزءًا من خطّة مكافحة الأسباب القابلة للعلاج التي تُسبّب الموت أو العجز وذلك لردم الهوّة الطبيّة بين الجنسَين (1).
• توعية الأهل بالنتائج السلبيّة الناجمة عن تعنيف الأطفال وإهانتهم سبيلًا للعقاب، إضافةً إلى خلق بيئةٍ آمنةٍ تمكّنهم من التعبير السليم عن مشاعرهم وتنظيمها.
• إقامة حملاتٍ تقلّل من قبول المراهقين للصورة النمطيّة الموضوعة للرجال وتوعيتهم بشأن مخاطر العدوانيّة والعنف (2)

المصادر: