الهندسة والآليات > تكنولوجيا الفضاء

تلسكوب ويب الأعجوبة

تلسكوب جيمس ويب الأقوى والأعقد، وهو خليفة هابل في الفضاء فقد صُمِّمَ للإجابة عن الأسئلة البارزة التي تدور حول الكون، فرؤيته لن تقتصر على تكوين النجوم والكواكب، بل ستمتد إلى ولادة المجرات الأولى في الكون المبكر (1-3).

لصنع  تلسكوبٍ عملاق قادر على رؤيةِ مجرات تبعد مليارات السنين الضوئية عنَّا فنحن أمام تحديات هندسية عديدة نذكر بعضها:

 تتجلّى بدايةً في الحاجة إلى مرآة كبيرة، فحساسية التلسكوب، أو مدى التفاصيل التي يستطيع رؤيتها، ترتبط مباشرةً بمساحة المرآة التي ستجمع الضوء من الأجسام التي ستُلاحَظ لاحقًا.   

فقرَّر علماءُ ومهندسو ويب بناءَ مرآةٍ أساسية بقطرٍ يبلغ 6.5 متر والتي ستفي بغرض قياس الضوء من هذه المجرات البعيدة، إذ يعد استخدام مرآةٍ بحجم كهذا تحديًا حتى بالنسبة للاستخدام على الأرض، فلم تُطلَق مرآةٌ بهذا الكبر للفضاء من قبل!

كان على فريق ويب إيجادُ طرقٍ جديدةٍ لبناء المرآة على نحوٍ تكون فيها خفيفةً بدرجةٍ كافية وقويةً في الوقت ذاته، فصُنِعَت مقاطعها من البريليوم - وهو معدنٌ قوي لكنه خفيف يستخدم في التطبيقات الهندسية والتقنية – إذ تزن كل قطعةٍ حوالي 20 كيلوجرامًا، وقد بلغ قطر كل مقطعٍ من المرايا الثمانية عشر 1.32 متر على شكل سداسيٍّ لكل جزء من تلك المرايا لتشكل بتجميعها سويةً أقرب ما يكون للشكل الدائري لأن ذلك سيركِّز الضوء في المنطقةِ ذات الضغط الأكبر على أجهزة الكشف، فبنى مهندسو ويب تلك المرآة على نحوٍ قابلٍ للطي كي يُمكن وضعُها في صاروخٍ لتُفرَد بعد الإطلاق (4).

ثانياَ: كي نحصل على صورٍ واضحة للكون العميق يجب أن نتكلم عن الجزء المهم، ألا وهو الكواشف تحت الحمراء، فالمرايا تجمع الضوء من السماء لتوجهها إلى الأجهزة التقنية التي تُرشِّحُ الضوءَ أو تفرِّق طيفه قبل أن تركِّزه على الكواشف.

تُمتصُّ الفوتونات وتُحوَّلُ إلى فولتية إلكترونية قابلة للقياس، وليتم ذلك بدقة فنحن بحاجة إلى كواشفٍ بالأشعة تحت الحمراء ذات حساسية عالية لتسجل الضوء الضعيف من المجرات والكواكب البعيدة، لذا قام مهندسو ويب بإنتاجِ مصفوفاتٍ ذات ضجيج منخفضٍ وأشكال أكبر لتدوم وقتًا أطول من سابقاتها (5).

ثالثًا: يعتمد التلسكوب بعمله على ضوءِ الأشعة تحت الحمراء والتي هي أساسًا طاقةٌ حراريةٌ ولاكتشاف الإشارات الحرارية الخافتة للأجسام الكونية البعيدة جدًا عنا يجب على التلسكوب أن يبقى شديدَ الثبات والبرودة، بمعنى أخر لا يقتصر على المهندسين حماية التلكسوب من المصادر الخارجية للضوء والحرارة فقط بل ومن عناصر التلسكوب الحساسة نفسها وذلك بجعلِها شديدةَ البرودة وعلى درجة ثابتة للحفاظ على هذه العناصر و لتجنب تقلُّصِ المواد وتوسعها.

لتحقيق هذا صُنِعَ غطاء شمسي بحجم ملعب تنس مصنوع من خمس طبقات رقيقة من مواد تعكس الحرارة كالكابتون المطلي بالألمنيوم والسيلكون المعالج، إذ يُعَدُّ هذا الغطاء جزءًا مهمًا من تلسكوب ويب إذ تعمل كاميرات الأشعة تحت الحمراء والأدوات الموجودة على متنه غلى نحوٍ صحيح (6).

بعد أن نجاح إطلاق التلسكوب وتَمكُّنِه من التقاط صور بعيدة جدًا وبدقة أعلى من صور هابل فها هو يبهرنا بصورٍ مختلفة للسُدُم والمجرات البعيدة تجعلنا نسرحُ في عظمةِ هذا الكون البديع لتذكِّرنا بصغر كوكبنا وحجمنا مقارنةً به، فهل سينجح ويب في مهمته؟ هذا هو ما سيتبين لنا في الأيام القادمة.

المصادر: 

1.  Webb Spinoffs [Internet]. Nasa; [cited 30 July 2022]. Available from: هنا

2. James Webb Space Telescope: What’s New? [Internet]. Canadian Space Agency. 2022 [cited 28 July 2022]. Available from: هنا

3. Webb [Internet]. The European Space Agency. [cited 28 July 2022]. Available from: هنا

4. Webb’s Mirrors [Internet]. Nasa. [cited 28 July 2022]. Available from: هنا

5. Infrared Detectors [Internet]. Nasa. [cited 28 July 2022]. Available from: هنا

6. Sunshield Membrane Coatings [Internet]. Nasa. [cited 28 July 2022]. Available from: هنا