إنستغرام > علوم طبيعية

الفلورا المعوية داؤك أم دواؤك ؟

لم يخطئ أجدادنا عندما قالوا بأن العقل السليم في الجسم السليم، فقد بيّنت الدراسات في السنوات الأخيرة أهميةَ علاقة الوصل الدماغي المعوي؛ إذ يُعدّ التوازن الجرثومي السليم في جهازنا الهضمي ضروريًّا لضمان تطورٍ دماغي سليم.

تُعدّ الفلورا المعوية سلاحًا ذا حدّين فيما يخصّ تفكيك الأدوية، على سبيل المثال: عند دخول دواء ليفودوبا (L.dopa) -الذي يُعدّ علاجًا لمرض باركنسون- لا تبدأ فعاليته حتى يصل إلى الدماغ، فتحوّله أحد الأنزيمات إلى مركب الدوبامين؛ وهو الناقل العصبي الذي يعاني مريضُ باركنسون انخفاضَه، ولكنّ العديد من جراثيم الفلورا المعوية تخرّب هذا الدواء قبل وصوله إلى الدماغ وتفعيله. بالتأكيد تختلف نسبة هذه الجراثيم من شخص إلى آخر؛ مما يفسر استجابات المرضى المتفاوتة لهذا الدواء.

تنطبق الحالة نفسها على دواء ديجوكسين المُستخدَم في علاج اضطراب النظم القلبي وعلاج الفشل القلبي.

ولكن دعونا لا نتسرع بالحكم على هذه الكائنات الصغيرة؛ إذ لا تقف الفلورا المعوية دائمًا عثرةً أمام علاجنا، فبإمكانها مساعدتنا في حالات عديدة، على سبيل المثال مركب السلفاسالازين المُستخدَم لعلاج الالتهاب لدى المصابين بداء الأمعاء الالتهابي والقولون التقرحي والتهاب المفاصل الروماتيدي، وهو مركبٌ غير فعال يتحوّل بفعل بعض الجراثيم المعوية المنتجة أنزيم "آزو ريدوكتاتيس" إلى شكله الفعال العلاجي، وكذلك الأمر في كثير من المضادات الحيوية الفموية التي تحمل زمرة السلفا.

بعد أن ذكرنا في مقالنا هذا كيفيةَ الاستفادة من الفلورا المعوية في العلاج الدوائي، وكيف يمكن لهذه الفلورا نفسها أن تمنع فعالية الدواء؛ تذكّر من الآن فصاعدًا عندما تتناول حبة دواء أنك لست الوحيد، بل إنّك لست أنت أول مَن سيهضمها.

حرر من مقالنا: هنا