الاقتصاد والعلوم الإدارية > المصارف الإسلامية

المصارف الإسلامية ج1

على امتداد القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، كانت معظم البلدان التي تدين شعوبها بالإسلام محتلَّة من قبل الدول الأجنبية وبالأخص الأوروبية التي أدارت اقتصادات وثروات تلك البلدان بطرائقها الخاصة وبما يخدم مصالحها الخاصة. رفض معظم سكان تلك البلدان من المسلمين ( فيما عدا النخبة المحلية وأصحاب المناصب) الدخول في تعاملات مع المؤسسات المالية الأجنبية التي أنشأها المستعمر في بلادهم وذلك خشية التعامل بالربا الذي يعتبر جريمة في شريعة المسلمين.

مع حصول هذه البلدان على استقلالها بدءاً من منتصف القرن العشرين كثرت النقاشات حول كيفية تطوير وضعها الاقتصادي. وكان من بين الحلول المقترحة التحول من النظام الربوي إلى نظام مالي إسلامي متكامل. كان العلماء والكتاب في تلك الفترة ينتقدون الرأسمالية والشيوعية ويشيرون إلى عيوبهما، ويطرحون فكرة الاقتصاد الإسلامي الذي يحث على الاعتدال في الإنفاق، ومساعدة الفقراء وتجنب الهدر والعدالة والمساواة وغيرها من الأفكار المثالية.

في فترة لاحقة تركزت فكرة تطوير (نظام مالي اقتصادي إسلامي متكامل) ضمن إطار محدد هو تطهير البنوك من التعاملات الربوية وجعلها مبنية على العقود المسماة في الفقه الاسلامي.

في الستينيات بدأت فكرة البنوك الخالية من التعاملات الربوية تحظى بتأييد شعبي متزايد وذلك بفضل جهود العلماء والمفكرين في الترويج لها. كان النموذج الأول المقترح للتطبيق هو ( المضاربة المتوازية ) والتي تقوم على فكرة المشاركة في الربح والخسارة. هذا النموذج يساعد البنك في الحفاظ على وظيفته كوسيط مالي ولكن بعيداً عن الربا.

لم يحظ هذا النموذج بالتأييد الكافي من قبل المشتغلين في المجال المصرفي وذلك لعدة أسباب أهمها النظم القانونية التي لا تقدم أي شكل من أشكال الحماية للشخص المموِّل على عكس الحماية المعطاة للبنوك التجارية. والسبب الثاني هو مشكلة الاختيار الخاطئ. ولذلك فقد توجهت الأنظار نحو عقود أخرى كالمرابحة والسَّلَم والاستصناع..

منذ الثمانينات بدأت البنوك الإسلامية تحظى باهتمام أوسع حيث تبنت كثير من الدول فكرة البنوك الخالية من الربا، فتم انشاء أول بنك يقوم بدور الوساطة المالية الإسلامية (بنك دبي الاسلامي) في 1975 .. كما قامت العديد من الجامعات والمؤسسات العلمية العالمية بإحداث تخصص المصارف الإسلامية، بالإضافة إلى إنشاء عدد من المراكز البحثية المتخصصة في هذا المجال. لاحقاً، وفي التسعينيات من القرن الماضي طرأت الكثير من التعديلات والتحديثات على النظام المصرفي الإسلامي ومنها إنشاء صناديق استثمارية وطرح أوراق مالية وأسهم تتوافق مع تعاليم الشريعة الاسلامية، كما تم إطلاق مؤشر داو جونز الإسلامي كمعيار لقياس الأداء الاستثماري للأسهم المتوافقة مع الشريعة.

يا ترى ما هي طبيعة التعاملات البنكية الإسلامية؟؟ هل حققت المصرفية الإسلامية أهدافها كبديل عن التعامل بالربا؟؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير سيتم طرحها في الحلقات التالية..

مصطلحات وشروحات:

عقد المضاربة.. هو عقد بين شخصين.. الاول رب المال.. والثاني هو العامل..

يقوم الشخص الأول (أ) بتقديم رأس المال لصاحب الخبرة الاستثمارية (ب) .. يستثمر (ب) الأموال في مشروع ما.. وتكون نسبة الربح حسب الاتفاق فيما بينهما..أما الخسارة فيتحملها صاحب رأس المال.. ويخسر العامل (المستثمر) جهده.

المضاربة المتوازية.. لاتختلف عن سابقتها إلا أن المستثمر (ب) بعد أن يأخد الأموال من (أ) يدخل في مضاربة ثانية مع (ج) في هذه الحالة صار عندنا مضاربتين:

الاولى بين (أ) و(ب(

والثانية بين (ب) و (ج(

طبعا فكرة المضاربة المتوازية غير مطبقة في الواقع لما فيها من خطورة كبيرة والبنوك اجمالا تتجنب تتحمل هكذا مخاطر..

الاختيار الخاطئ.. عندما يعطي أحدهم أمواله للشخص الغير المناسب بغرض الاستثمار..

يعني صاحب المال مفكر انو الشب شغيل ومشروعه ناجح لكن الحقيقة ان مشروعه فاشل.. المشكلة في المضاربة هي أننا لا نعرف هل العامل (المستثمر) فعلا شاطر بمجاله او لا...

الاستصناع: أحد العقود المسماه في الاقتصاد الاسلامي.. الهدف من العقد هو شراء سلعة بمواصفات معينة.. لتبسيط الفكرة.. لنفرض أن أحدهم يريد شراء طاولة للمطبخ .. ويريدها أن تكون بمواصفات معينة.. سيذهب هذا الشخص الى المصنع ويطلب منه صناعة طاولة بالمواصفات التي يريدها.. والدفع طبعا اما مقدما.. او بعد تسليم الطاولة.. وقد يدفع طالب الاستصناع (المشتري) عربونا ثم يكمل الثمن لاحقا عند تسليم الطاولة..

السلم: من عقود التمويل الإسلامي، يستخدم لتمويل المحاصيل الزراعية.. هناك طرفين في هذا العقد (المشتري ويسمى أيضا رب السلم) و(البائع ويسمى أيضا المسلم إليه).. عقد السلم يشبه إلى حد كبير عقد الاستصناع.. حيث أن المشتري يطلب من المزارع ان يزرع المحصول الفلاني فالنفترض (قمح) ويحدد له الكمية فالنفترض أنها عشرة أطنان.. ويتفقان على سعر محدد.. السعر يدفع سلفا عند توقيع العقد.. وتسليم القمح يكون عند الحصاد..

المرابحة: هو عقد بيع وشراء، يقوم خلالها البنك (كتاجر) بشراء سلعة لنفرض أنها (سيارة) بسعر التكلفة ولنفرض أن كلفتها مليون ليرة سورية، ثم يقوم ببيعها للعميل بسعر التكلفة مضافا له ربحا محددا ولنفرض أن سعر البيع للمشتري مليون ونصف الليرة.. يعني البنك ربح في السيارة نصف مليون ليرة سورية..

المصدر:

هنا

مصدر الصورة :

هنا