الفيزياء والفلك > فيزياء

قيمة كتلتك يحددها مجال هيغز!

جميعنا يعلم أنَّ الكتلة هي مقدار ما يحويه الجسم من مادة، ووفقًا للنسبية الخاصة فإنَّ الكتلة كمية مصونة لا تفنى ولا تُستحدث من العدم، لكن هل فكَّرت يومًا في كيفية اكتساب هذه الكتلة فيزيائيًّا؟ وما الذي يجعل بعض الجسيمات يمتلك كتلة؛ كالإلكترونات والبروتونات، وبعضها الآخر لا يمتلكها؛ كالفوتونات؟

هذه الأسئلة الفضولية ناقشها ستة علماء؛ من بينهم العالم بيتر هيغز والعالم فرانسوا إنغليرت، فكانت بداية الطريق للوصول إلى اكتشاف الجسيم الفيزيائي الأهمِّ: جسيم هيغز.

تشكِّل تجمعات جسيم هيغز مجالًا أساسيًّا يدعى: مجال هيغز، وهو الذي يُكسِب الجسيمات؛ كالإلكترونات والكواركات، كتلتها.

 يعتمد ذلك على مقدار مقاومة الجسم لتغيُّر سرعته أو موقعه ضمن المجال؛ فالبروتون مثلًا يعاني في مجال هيغز أكثر مما يعاني الإلكترون، وهذا هو تفسير هيغز بأنَّ البروتون أكبر كتلة نحو 1840 مرة من الإلكترون.

من الغريب -والطريف أيضًا- معرفة أنَّ جسيم هيغز بحدِّ ذاته يملك كتلة يكتسبها من تأثير مجال هيغز عليه؛ تمامًا كبقية الجسيمات في الحقل.

 نستطيع أن نستنتج مما سبق أنَّ الجسيمات التي لا تملك كتلة؛ كالفوتون، لا تتفاعل مع مجال هيغز، وبذلك لا يؤثر عليها فتكمل حركتها دون كتلة.

يأمل العلماء أن يكون اكتشاف جسيم هيغز بداية الخيط لمعرفة المكوِّن الأساسي للمادة المظلمة، اللغز الذي طالما حيَّر العلماء (1).

تقترح النظريات أنَّ مجال هيغز قد ظهر بعد الانفجار العظيم مباشرةً؛ عندما تبرَّد الكون وانخفضت درجة حرارته نما الحقل تلقائيًا وأصبح أي جسيم يتفاعل معه يكتسب كتلة (2).

أُثبت وجود جسيم هيغز عمليًّا عام 2012 باستخدام مصادم الهادرونات الكبير "LHC" المصنَّف أعظمَ مصادم لطاقة الجسيمات في العالم؛ وهو الأداة الوحيدة التي يستطيع العلماء من خلالها توليد جسيمات هيغز ودراستها  (1,2).

يستخدم مصادم الهادرونات الكبير أربعة كواشف تجريبية كبيرة للجسيمات، اثنان منها مدعومان من قبل مكتب فيزياء الطاقة العالمية "ATLAS" و "CMS". 

(1)

إنَّ التجارب الحاصلة في مصادم الهادرونات تهدف إلى إجراء قياسات دقيقة لخصائص بوزون هيغز، واستكشاف جسيمات جديدة وتفاعلاتها وتحديد الفيزياء الجديدة للمادة المظلمة (2).

إحدى الخصائص التي لم يُتَحقَّق منها تجريبيًّا هي ما إذا كان بوزون هيغز قادرًا على الاقتران مع نفسه؛ أي قادرًا على الاقتران ذاتيًّا، إذ من الممكن محاولة البحث عن زوج بوزون هيغز مقترن بعد القيام بتجربة تصادم بروتون-بروتون عالي الطاقة في مصادم الهادرونات الكبير، علمًا أنَّ فرصة الحصول على زوج هيغز مقترن ضعيفة جدًا؛ أضعف بألف مرة من فرصة الحصول على جسيم هيغز وحيد. إنَّ العثور على جسيم هيغز مقترن ذاتيًّا بقياسات وقيم غير متوقَّعة قد يكون له تأثير كبير في تغيير القوانين التي تحكم تفاعلات الكتلة، ودليل على إمكانية أن يتحوَّل الكون من حالته الطاقيَّة الحالية إلى حالة طاقيَّة أقل (3).

في 8 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2013 مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء للعالمَين بيتر هيغز وفرانسوا إنغليرت لاكتشافاتهما النظرية التي أضافت الكثير ومهَّدت السبيل لتوضيح ظواهر عديدة بقي علماء الفيزياء والفلك عاجزين عن فهمها لفترة طويلة، وذلك بالإجابة عن أكثر سؤال بدهي قد يخطر على الأذهان: لماذا لا يمتلك الفوتون كتلة؟ 

المصادر:

1. Cooke M. DOE explains..The higgs boson [Internet]. Energy.gov. [cited 14 May 2022]. Available from: هنا

2. The Higgs boson [Internet]. Home.cern. 2022 [cited 14 May 2022]. Available from: هنا

3. ATLAS searches for pairs of Higg's Bosons in a rare particle decay [Internet]. Phys.org. 2021 [cited 14 May 2022]. Available from: هنا