الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا

مغالطة حرية التعبير؛ Free Speech Fallacy

"لكلٍ إنسان الحق في تشكيل وجهات النظر وله الحق في التعبير عنها"، هكذا تبدأ المادة ال 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مؤكدةً على قدسية حرية الفرد في تلقي المعلومات من المصادر التي يفضلها و حريته في تكوين وجهات النظر والأهم؛ التعبير عنها (1)، ودون حق حرية التعبير سيكون من المستحيل التمتع ببقية الحقوق الإنسانية، فمثلًا لا يمكن امتلاك حق التصويت في مجتمع يحظر التبادل الحر للأفكار والمعلومات سواء في الأمور العامة أو السياسية. ولكن حرية التعبير ليست حق مطلق (2)؛ كما يظن البعض! 

إذ إن هذا الحق لا يمنح وجهة نظرك حمايةً من النقد وإن كنت تعتقد ذلك فإنك وقعت في مغالطة حرية التعبير (Free Speech Fallacy)، وهي عندما يعتقد المغالِط أن حقه في حرية التعبير يتضمن حمايته من النقد، ويفترض المغالط هنا أن النقد هو رقابةٌ على رأيه أو أنه مساوٍ لفرض وجهة نظر على الآخرين (3)، مما يأخذنا إلى الحالات الخاطئة التي يُعتقَد فيها أن فرض وجهات نظر على الآخرين هو جزء من حرية التعبير أيضًا، لما فيها من مخالفة لمبادئ الديمقراطية والحقوق الإنسانية للآخرين (2).

مثال: قد يقول أحدهم: حرية التعبير هي أهم شيء في العالم؛ وبذلك لا يحق لأي أحد أن يخالفني.

والخطأ المحوري بهذه المغالطة هو أن حرية التعبير بحد ذاتها تتضمن حرية التعبير عن النقد (3)، إلا أنّه يجب التفريق بين نقد وجهة النظر وبين التهجم والتلفظ "بخطاب كراهية" (Hate Speech)، وهو الكلام الذي يسيئ للأفراد أو الجماعات على أساس خصائصهم مثل العرق والجنس والدين والإثنية والتوجه الجنسي (4).

أي أن مغالطة حرية التعبير تقع تحديدًا عندما يتهم المغالِط الآخرين بارتكاب مغالطة أو بأنهم مسيئون له عندما ينتقدون وجهة نظره، وعادةً ما يصل المغالِط إلى هذه النتيجة لسببين؛ الأول هو اعتقاده بأن الناقد لديه مشكلة مع تبني المغالط لوجهة نظرٍ معينة، بدلًا من النظر إلى أن انتقاده يكمن في صحة وجهة النظر هذه علميًا ومنطقيًا. والسبب الآخر هو أن النقد قد يعني أن متبني الفكرة قد أخطأ بطريقة ما في بعض الإلزامات المعرفية وبذلك يعني أنه كان سطحيًّا أو كسولًا أو متحيزًا عند اعتقاده بوجهة نظره، ومن هنا، قد يشعر المغالط بأنّه يتعرض لهجوم شخصي وبذلك يرى أنه الهدف من النقد هو التهجم على شخصه (3).

ومن العقبات التي تقف في طريق هذه المناقشات النقدية هي قاعدة قديمة تقول أنه من غير اللائق مناقشة السياسة أو الدين؛ ولكن هذا ليس صحيح ما دام جميع المعنيين لا يخلطون بين حقوقهم في قول ما يعتقدون به دون إكراه وبين حقوقهم في قول ما يعتقدون به دون نقد (3)؛ أي هنالك اختلاف بين أن يقول شخص ما يريد قوله في أي موضوع دون إجباره على قول ما يخالف رأيه الفعلي أو محاولة إسكاته، وهو جوهر حرية التعبير للفرد، وبين أن يقول رأيه الحقيقي الذي يمكن أن يتعرض للنقد من الآخرين، والتي تعبر عن حرية التعبير للمجتمع ككل.

المصادر:

1. Universal Declaration of Human Rights | United Nations [Internet]. un.org. [cited 7 June 2022]. Available from: هنا
2. Howie E. Protecting the human right to freedom of expression in international law. International Journal of Speech-Language Pathology. 2017;20(1):12-15. Available from: هنا
3. Aikin S, Casey J. Free Speech. In: Arp R, Barbone S, Bruce M, ed. by. Bad Arguments: 100 of the Most Important Fallacies in Western Philosophy. Hoboken: John Wiley & Sons Ltd; 2018. p. 348-350. Available from: هنا
4. Anderson L, Barnes M. Hate Speech.  In: Zalta E, ed. by. Stanford Encyclopedia of Philosophy [Internet]. The Metaphysics Research Lab, Department of Philosophy, Stanford University; 2022. Available from: هنا