اللغة العربية وآدابها > شمس القصيد

بوح أنثى؛ اقتباسات من ديوان "أعلنت عليك الحب"

بوح عاطفي رقيق بأسلوب أنثوي يكسر تابوهات المجتمع ويعبر عن ذات أثقلت كاهلَها أشواقُها وكثيرٌ من الصدود. أتعبت أساورَها قسوةُ رجل، فقررت أن تصرخ معلنة الحب. من هذا العنوان "أعلنت عليك الحب" الذي يوحي بذاك الارتباط الخفي بين نيران الحب العنيفة وسلطة وسطوة الحرب. 

تبدع  الأديبة السورية غادة السمان بالخروج من العباءة التقليدية للمرأة، وتتحدث عن لواعج قلبها تتراوح بين أحاسيس طفولية وشجون شاعرية جعلتنا نمشي في أزقة قلب الأنثى المجهولة عبر كلماته وصفحاته مرات ومرات (1,2).

فازت روايتها "بيروت ٧٥" بجائزة جامعة أركنساس في الولايات المتحدة الأمريكية للترجمة العربية (1).

آه صوتك صوتك! 

وهذا الليل  الشتائي 

شفافًا ورقيًا ورقيقًا

وفي الخارج خلف النافذة 

لابد أن ضبابًا مضيئًا 

يتصاعد من زوايا العتمة 

كما في قلبي

آه صوتك صوتك!  

وكل ذلك الثراء والزخم الشاب

تطمرني به،

وأشتهي أن أقطف لك 

كلمات وكلمات من أشجار البلاغة 

ولكن.... (3)

أيها القريب على مرمى صرخة 

البعيد على مرمى عمر 

إني أعلنت عليك الحب

إني أعلنت عليك السلام 

إني أعلنت عليك الغفران

رغم كل ما كان 

وما قد يكون (3)

ها أنا أتسلق شجرة الذكرى 

وأقتحم مدينة الحلم 

وأضرم الحرائق في روتين الشرعية 

لتحتلني رياحك 

وأنطح صخرة الوضوح والمنطق 

بخصب الشوق 

في أصبعي ما يزال أثر حرق لفافتك

ها هو دليل محسوس على أننا كنا معا حقا 

أعلق مشنقة كلمة حقا 

حبنا فوق الأدلة المادية 

وسابق لها كما الإيمان (3)

أحبك أيها الغريب

وحتى حين تأتي إلي 

برقتك الشرسة  العذبة 

وتستقر داخل كفي 

بوداعة طفل 

فإني لا أطبق يدي عليك 

وإنما أعاود إطلاقك للريح 

وأعاود رحلة عشقي لجناحيك .. جناحاك المجهول والغرابة  (3)

دومًا تأتي إلي عبر إيقاع الأرض، ومع غليان التراب  

بالعطاء .. مع رائحة زهر الليمون .. مع رائحة الاحتضان

دومًا تأتي إلي من نزيف ذاكرتي 

وعبثا تفتح في جدار الفراق كوة 

وعبثا ننسى أننا صنعنا الربيع ذات مرة (3)

أصرخ من له قلب فليتبعني 

ولكن حين أعانق سواك أيها الشقي 

اكتشف أنني أعانق أجساد رجال مقطوعي الرؤوس 

وحتى رأسي 

أحسه ينفصل عني 

ليعوم مقطوعا فوق بحر الليل والحزن (3)

وأحبك كثيرًا

أكثر حرارة من البراكين الحية  

أكثر عمقًا من دروب الشهب 

أكثر اتساعًا من خيالات سجين  

أحبك كثيرًا 

أحبك حتى أكثر من عدد ذنوبي 

وكلما ابتسمت يا غريب 

أمتلئ غبطة  

لأنني أعرف أنك حين تبتسم 

تنبت الأزهار في قلب  الصخور بالجبال 

حين تبتسم 

تتناسب أسماك الشوق الملونة  

وتسبح داخل شراييني 

حين تبتسم

(3)

كانت القسوة خطيئتك

وكان الكبرياء خطيئتي

وحين التحمت الخطيئتان

كان الفراق مولودهما الجهنمي

طالما قررت: حين نفترق

سأطلق الرصاص على صوتك

وأربط جسد ذكراك

إلى عمود رخامي

وأضرم فيه النار

كما كانوا يحرقون السحرة وشرورهم

واليوم، وقد افترقنا

أفكر فيك بحنان

وحزن مليء بالصفاء

كهمس الصحراء للسراب (3)

مع كل فجر 

أعد نفسي للفراق

كعروس تزف  إلى حبيبها المرصود لها 

وبأحزاني أطعن وجه النهار 

وأقول لك انتهينا 

لكن حقل الجمر في وادي حبنا 

مازال يغلي تحت الرماد 

وشوقي إليك..

ما يزال مثل طيور البحيرات 

يهب نحو ضفافك (3)

المصادر:

1. جمعة حسين. مختارات من أعمال غادة السمان. دمشق: اتحاد الكتاب العرب؛ 2008. ص5-11.

2. حمود ماجدة. جماليات المغامرة الرواية. بيروت: دار الطليعة، ط١؛ 2005. ص٦٠.

3. السمان غادة. أعلنت عليك الحب. 10th ed. بيروت لبنان: منشورات غادة السمان؛ 1996. ص11، 37، 46، 47، 54، 83، 95، 97، 105.