الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع

ما علاقة الشهرة بالاعتداءات الجنسية؟

في كل فترة يظهر عديد عن الاتهامات بالاعتداء الجنسي الموجهة نحو مشاهير نحبهم ونشعر بالإعجاب تجاههم، فهل كونهم مشاهيرَ يؤثر في موقف الجمهور من اعتداءاتهم الجنسية وسوء استخدامهم مكانتَهم الاجتماعية؟

ما أهمية موقف المشاهير من التحرش الجنسي؟ 

في عام 2017؛ انتشرت مقالات في صحف أمريكية تتّهم المخرجَ الأمريكي هارفي واينستاين بالاعتداء الجنسي والتحرش خلال ثلاثة عقود، وفاق عدد النساء اللواتي اتهمنه الثمانين من الممثلات المشهورات وغيرهن، ما دفع الضحايا لمشاركة الاعتداءات التي تعرضن لها على هاشتاغ وأنا أيضًا (MeToo#)، وكانت هذه القضايا تلقى اهتمامًا متقطعًا من الإعلام في السابق مثل قضايا التحرش ضد الرئيسين الأمريكيين السابقين بيل كلينتون ودونالد ترامب وغيرهما، وكون الضحايا من الممثلات المشهورات أعطى لهذه القضية بعدًا ثقافيًّا؛ إذ طالما أثرت قضايا المشاهير في حياتنا، مثل الإيدز والعلاج النفسي وفحوصات السرطان وغيرها، وتؤدي مشاعرنا تجاههم وروابطنا بهم دورًا كبيرًا في تأثيرهم فينا (1).

تنشأ هذه الروابط نتيجة قراءتنا عنهم ومشاهدتهم في الإعلام، ولأنهم لا يبادلوننا هذه المشاعر العاطفية والإدراكية التي نشعر بها، تسمى بالعلاقات ما وراء الاجتماعية (Parasocial relationships) وقد لا يكون هذا الارتباط متلازمًا مع حبنا المشاهيرَ، بل قد نكرههم، لكننا نشعر بارتباطنا بهم، مثل حبنا بعضَ الشخصيات الشريرة في الأفلام (1).

هذه المشاعر من الإعجاب والارتباط بالمشاهير تشكل انحيازًا يؤثر في تصديقنا وثقتنا فيهم، فكلما أحببنا شخصية مشهورة، صدقناها أكثر عند ادعائها بالتعرض لاعتداء جنسي، وبالعكس، كذلك يعزز موقفَ المشاهير من الاعتداء الجنسي نظرة العامة نحوه ورغبة الضحايا بمشاركة قصصهم وفضح المعتدين (1).

هل للشهرة والسلطة علاقة بالاعتداء الجنسي؟ 

تجتمع المكانة العالية والعائدات المالية الكبيرة والعلاقات الواسعة مع بعضها لتشكل الشخصَ الذي ندعوه نجمًا (superstar)، ونتيجة تأثيره في العامة قد ندعوه قائدًا، ويطور بعض منهم شعورًا زائدًا بأهميته، إذ إنه يحصل الفوائدَ من خلال تحصيل احتياجاته الخاصة، في حين يستفيد القائد بقدر ما يكون مفيدًا لفريقه، علمًا أن النجم قد يكون فنانًا أو بروفيسورًا أو مديرًا أو عالمًا أو طبيبًا.. (2).

ويتمتع النجم بالقوة والسلطة، وتشكّل القوة والسلطة دافعًا غيرَ واعٍ يدفع الرجال للاعتداء الجنسي على النساء، إذ لا يكون المعتدي واعيًا تمامًا لتأثير القوة التي يمتلكها والنفوذ في تنشيط الدافع الجنسي لديه، ما يدفعه نحو سوء استخدام السلطة من خلال الاعتداء الجنسي على الخاضعين لسلطته، وكأن هذه السلطة تجعله غافلًا عن كونه معتديًا (2,3).

ويرى الرجال الذي يملكون السلطة أن النساء أكثر جاذبية عندما يكنّ تحت سلطته، بالمقارنة مع كونهن مماثلات له في السلطة، ما يجعل البروفسور يرى طالبته والمدير يرى سكرتيرته موضوعًا جنسيًّا جذابًا، في حين تراهما الأخيرتان معتديان مسيئان لاستخدام السلطة (3).

ويكثر ذلك لدى الرجال الذي ينظرون للنساء بمعايير جنسية، ما يدفعهم لتفسير السلوكيات الودودة من قبل النساء الخاضعات لهم بأن دافعها جنسي، ويتعزز هذا الشعور بفعل العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية (2,3).

برأيكم ما خطر التغاضي عن اعتداءات المشاهير الجنسية مقابل ما قدموه من أعمال فنية وخيرية وجمالية؟

المصادر:

1. Cohen EL, Myrick JG, Hoffner CA. The Effects of Celebrity Silence Breakers: Liking and Parasocial Relationship Strength Interact to Predict the Social Influence of Celebrities’ Sexual Harassment Allegations. Mass Communication and Society [Internet]. 2020 [cited 22 May 2022];24(2):288-313. Available from: هنا

2. Beggan JK. Sexual harassment, The abuse of power and the crisis of leadership. [S.l.]: Edward Elgar publishing; 2019. p 208. Available from: هنا

3. Bargh JA, Raymond P. The Naive Misuse of Power: Nonconscious Sources of Sexual Harassment. Journal of Social Issues [Internet]. 1995;51(1):85-96. Available from: هنا