الأنظمة المدمجة Embedded Systems

تبهرنا دائماً التكنولوجيا التي نراها من حولنا في وقتنا هذا بقدراتها وإمكانياتها الكبيرة التي وصلت إليها، وتُعدّ "الأنظمة المدمجة" هي السر الذي يقف وراء هذا التطور الكبير في الأجهزة الإلكترونية التي تحيط بنا، فهي بمثابة "الدماغ" الذي يعطي الأوامر والتوجيهات لهذه الأجهزة.

ما هي الأنظمة المدمجة؟

يتوضّع "النظام المدمج" على شريحة واحدة، وهو مزيج من الأجهزة والبرامج الحاسوبية التي تُدمَج ضمن نظام ميكانيكي أو إلكتروني أكبر، وتكون مُصمَّمة لأداء وظيفة مخصصة (1).

يُستخدَم للتحكم أو المراقبة أو المساعدة على تشغيل المعدّات والآلات، وتكون هذه الشرائح المدمجة غير قابلة للبرمجة من قبل المستخدم (1).

تتميز "الأنظمة المدمجة" بحجمها الصغير وسرعة أدائها واستهلاكها المنخفض للطاقة، إضافةً إلى سعرها غير المرتفع (1).

وتُعدّ الموثوقية وقابلية النقل والصيانة وزمن التطوير وأمان النظام من المتطلبات الأساسية في أي "نظام مدمج" (2).

في أي جهاز توجد الأنظمة المدمجة؟

تتزايد أهمية "الأنظمة المدمجة" باستمرار في ظل التوسُّع الكبير في مجالات استخدامها، واليوم هناك المليارات منها تُستخدَم في مختلف المجالات والصناعات مثل:

1. المعدّات الطبية والصناعية.

2. أنظمة النقل (السيارات والطيارات والسفن…إلخ).

3. المعدات العسكرية.

4. الساعات الرقمية وأجهزة المطبخ (3).

5. الهواتف والحواسيب.

تاريخ ومستقبل

طوّرَ د.تشارلز ستارك درابر (Charles Stark Draper) أولَ "نظام مدمج" في "معهد ماساتشوستس" للتكنولوجيا في ستينيات القرن الماضي واستُخدِم في برنامج أبولو الشهير؛ إذ استُخدِم لجمع البيانات آليًّا وإجراء العمليات الحسابية المهمة لوحدة القيادة (4).

ومع بداية ثمانينيات القرن الماضي دُمِجت كلٌّ من وحدات الدخل والخرج ووحدة الذاكرة مع المعالج ضمن شريحة واحدة، ليُشكَّل النظام المدمج كما نعرفه (4).

ومع التطور المستمر في مجالات الذكاء الصنعي والواقع المعزز والواقع الافتراضي وتعلُّم الآلة وإنترنت الأشياء؛ يُتوقَّع أن تنمو صناعات الأنظمة المدمجة على نحو أسرع، فوفقًا لتقرير شركة QYResearch الذي نُشِر عام 2018؛ قد بلغت قيمة السوق العالمية للأنظمة المدمجة 68.9 مليار دولار في عام 2017، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 105.7 مليار دولار في نهاية 2025 (4).

كيف تعمل هذه الشرائح؟

يُوضَع معالج مصغّر "Microprocessor" أو متحكِّم مُصغّر "Microcontroller" في قلب الشريحة ويكون مسؤولًا عن أداء العمليات فيها (1).

تتفاعل الشريحة مع البيئة المحيطة بها وتستمد مدخلاتها منها، ومن ثم تعطي الشريحة الأوامر بناءً على عدة عوامل؛ منها العلاقة بين المدخلات والمخرجات (1).

تحتوي شريحة "النظام المدمج" على وحدة ذاكرية تكون مسؤولة عن حفظ أنظمة التشغيل والبرامج الخاصة بهذه الشريحة (1).

يختلف عمل كل شريحة وفقًا للغرض الذي بُنيَت من أجله، ولكن يمكن شرح طريقة عملها الأساسية وفق ثلاث مراحل:

1- مرحلة تجميع البيانات:

في هذه المرحلة تُجمَع البيانات من البيئة المحيطة بواسطة المستقبلات أو الحساسات، وذلك من أجل الحصول على المعلومات التي يحتاجها النظام (5).

2- مرحلة تحويل البيانات:

تُستخدَم عملية تحويل البيانات على البيانات المجمّعة من أجل إمكانية العرض والإرسال وبناء قرار التحكم على البيانات، فعلى سبيل المثال: عند استخدام الحساسات للحصول على البيانات من البيئة المحيطة، يجب تحويل الإشارات التشابهية التي يرسلها الحساس إلى إشارات رقمية يستطيع المتحكم التعامل معها.

ويمكن إجراء عمليات تحويل أخرى -مثل الضغط/ فك الضغط- لتقليل مساحة التخزين أو التحكُّم بسرعة النقل (5).

3- مرحلة التحكم:

في هذه المرحلة تُعطَى أوامر التحكم وفقًا للبيانات المحوَّلة التي حصلت عليها الشريحة، وتُعطَى أوامر التحكم  للمشغلات أو المرسلات التي تتعامل مع البيئة المحيطة بعد أن تُولَّد بحسب نوع المشغل أو المستقبل (5).

الأنظمة المدمجة في الوقت الحقيقي (Real-time embedded systems):

يُقصَد بمصطلح "الأنظمة المدمجة في الوقت الحقيقي" تلك الأنظمة التي تنفّذ الوظيفة المطلوبة منها ضمن الزمن المقيّدة فيه، ويُعدّ هذا النوع من "الأنظمة المدمجة" مهمًّا للغاية في تطبيقات عدة يكون عامل الزمن فيها حاسمًا للغاية مثل:

أنظمة معقدة كالصواريخ ومحطات الطاقة النووية.

أو أنظمة بسيطة كالمعالج الدقيق الذي يتحكم بمحرك السيارة (6).

علمًا أنه يمكن أن يؤدي تأخُّر الاستجابة الزمنية للنظام في مثل هذه التطبيقات إلى كوارث ضخمة قد تصل إلى خطر الموت (6).

ولضمان تنفيذ أوامر النظام ضمن الزمن الحقيقي؛ طُوِّرت عدة تقنيات منها خوارزميات خاصة تؤمّن التزام جميع المهمات الدورية بالمواعيد النهائية لها وتوفر وقتَ استجابةٍ كافٍ للمهام المتعددة (6).

المصادر :