الفيزياء والفلك > فيزياء

الشبكة الكمومية قد تكون الساعة الأكثر دقة حتى الآن

تعدّ الساعات الذريّة من أدقّ الساعات المستخدمة في وقتنا الحالي ويعود ذلك لاعتمادها على الأمواج المكرويّة أو فوق البنفسجيّة من الطيف الذريّ كمعيار ترددي.

نظراً للدقة الكبيرة التي تتمتع بها هذه الساعات تستخدم كمعايير أوليّة للتحكم بتردد موجات البثّ التلفزيوني، إضافة إلى العديد من التطبيقات الأخرى.

ولكنّ العلماء لم يقفوا يوماً عند حدٍّ معين وسعوا دائماً إلى معايير أكثر دقّة. ومن هنا انطلق الفيزيائي Eric Kessler وزملائه في جامعة هارفرد وقدموا لنا مفهموم الشبكة الكمومية في بحث علمي نشر في الخامس عشر من حزيران 2014 في المجلة العلمية Nature Physics.

وفي التفاصيل يقترح هؤلاء الباحثون بناءَ شبكةٍ عالميّة من الساعات الذرية بالاعتماد على مبادئ وحيل الفيزياء الكموميّة، لتغدو هذه الساعات أكثر دقة بكثير من أي ساعة موجودة في وقتنا الحاضر.

وسوف تمكن هذه الشبكة العالمية كل البلدان من مزامنة معايير وآليات تحديد الوقت وتحسين الملاحة الفضائيّة، كما يمكن أن تساعد في استكشاف مفاهيم الفيزياء الأساسيّة التي طال انتظارها مثل الأمواج الثقاليّة.

بالرغم من عدم إمكانية التطبيق المباشر لهذه الفكرة على أرض الواقع يقول كيسلر: " جميع الأفكار أصبحت واضحة مبدئيّاً ".

الوقت المتشابك:

إن فكرة الشبكة الكمومية والوقت المتشابك يعتمد على مفهومين أساسيين:

1- الساعات الذرية التي أصبحت أكثر دقّّة مع تطوير العلماء لطرق قياس الذبذبات الفائقة السرعة في الحالات الطاقية للذرات أو للجسيمات المشحونة.

2- التشابك الكمومي والذي ترتبط فيه أزواج من الجسيمات مع بعضها البعض، فيمكننا حينها تحديد خاصيات أحد الجسيمات المرتبطة إذا عرفنا خاصيات الجسيم الآخر.

يقول كيسلر: " لنتخيل مجموعة مؤلفة من عشر أقمار صناعيّة تدور حول الأرض، وكل منها يحمل الساعة الذريّة الخاصّة به. يبدأ التشابك الكمومي بين هذه الساعات عن طريق تشابك جسيمات الساعة المركزيّة، ليتمَّ التشابك بعدها مع القمر الصناعي المجاور، ولينتشر التشابك في نهاية المطاف خلال المجموعة كلها رابطا ًَ الأقمار الصناعية في شبكة كموميّة واحدة."

من الميزات الإيجابية للتشابك الكمومي تحسينه لدقّة الساعة الذريّة. لذلك تقدّم الساعات المرتبطة مع بعضها البعض في هذه الشبكة أداءً أفضل مما تقدمه كل ساعة بمفردها. يقول كيسلر: " تتصرف الساعات كما لو أنها تمتلك بندولاً مشتركاً عملاقاً مما يعطينا دقّة أفضل ".

كما أنًّ مشاركة المعلومات يجعل الساعات أكثر استقراراً. حيث أن كلّ ساعة ضمن الشبكة الكموميّة تمكّن هذه الشبكة من ضبط أدائها العام عن طريق إرسال تحديثات أو معلومات حول مدى سوء أو جودة الحفاظ على الوقت. لذلك فإن وجود ساعات أكثر في الشبكة يعني أداءً أفضل.

بحسب الباحثين فإن الحفاظ على الوقت بدقّة أكبر يقدم لنا العديد من الإيجابيات في مختلف مناحي الحياة، فهي تمكن الأسواق الماليّة العالميّة من العمل في تزامن شبه مثالي. كما يمكن استخدام الشبكة الكمومية لتحسين أداء الأقمار الصناعيّة الخاصّة بنظام تحديد المواقع العالمي(GPS)، والذي يعتمد على معايير زمنية دقيقة جداً.

بالإضافة لذلك يمكن لهذه الشبكة أن تقدم الكثير من الفوائد على مستوى الفيزياء النظريّة مثل استكشاف آثار النظرية النسبيّة العامة وكشف التغيرات الدقيقة في الزمان والمكان.

بحسب James Thompson ، فيزيائي في JILA in Boulder في كولرادو فإن هذه الورقة البحثية ذات أهميّة بالغة لأنها توضح لنا كيف يمكن للتشابك الكمومي أن يحسن من وسائل القياس.

أما فيما يتعلق بتطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع فقد بيّن الباحثون وجود صعوبات كبيرة في هذا الأمر الذي قد يحتاج إلى الكثير من الوقت على الرغم من تمكنهم من بناء بعض أجزاء الشبكة في المختبرات. حيث أنَّ دقّة الارتباط التي تمّ الحصول عليها في المختبرات أقلّ بكثير من الدقة التي نحتاج إليها في كل ساعة من ساعات الشبكة.

" لا يوجد هناك شك بأن هذا الاقتراح مستقبليّ ، مازال لدينا طريق طويلة لنجتازها " كيسلر...

المصدر:

هنا

Kómár، P. et al. Nature Phys.