الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

تطوَّر الإنسان وتحضَّر.. في تعذيب الحيوانات!

ظهرت فكرة حقوق الحيوان في القرن الثامن عشر، ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي ما تزال قضيةً تشغل المفكرين وفلاسفة الأخلاق والسياسيين، فالفيلسوف جيريمي بينثام (Jeremy Bentham 1748-1832) صاحب نظرية الأخلاق النفعية (Utilitarianism) طالب بوضع قوانين حقوق الحيوان، ورأى أنه من المهم أن تحظى كل الكائنات بحياة جيدة، وأن لها الحق في الحرية، والذي يعطيها هذه الحقوق ليس قدرتها على التفكير أو الكلام، بل قدرتها على الشعور بالسعادة والألم، وطالما أن الحيوانات تشعر بالألم والمعاناة فهي تشبهنا ولها حقوق أخلاقية مثلنا (1,2).

على الرغم من ذلك؛ فإنه لم يدعم فكرة الحقوق الطبيعية للكائنات كما تحدث عنها الفيلسوف السياسي جون لوك (John Locke 1632-1704) التي تشير إلى أن الكائن يحق له أن يفعل ما يريد في البيئة الطبيعية، لكن هذه الحقوق الطبيعية قد تتعارض مع بعضها، وتحد من الحريات المطلقة للكائنات؛ ولذلك نحن بصفتنا بشرًا أنشأنا الحكومات التي تنظم حق الأفراد في الحرية والملكية (1).

وقد ناقش البروفيسور توم ريغن (Tom Regan 1932-2017) فكرةَ الحقوق الطبيعية على أنها يجب ألّا تقتصر على البشر وحدهم بل يجب أن تشمل أقرباءهم الحيوانات من مقياس تطوري (1).

لكنَّ التحرر والحقوق هي مفاهيم بشرية ترتبط بكونهم كائناتٍ أخلاقيةً تحتاج الأخلاق لتنظِّم حياتها، خلافًا للحيوانات التي لا تطالب بالتحرر ولا تخضع لمحاكمات عن جرائمها وأخطائها، وهي تعيش في البيئة الطبيعية القاسية المليئة بالقتل والموت (1).

كما أنَّ استخدام الحيوانات يعود علينا بفوائد كثيرة كالغذاء والنقل وصناعات الأدوية، ولم تكن حضاراتنا لتزدهر لولاها، فهل يبرر ذلك استخدام الحيوانات لأغراضنا البشرية (3)؟

يختلف الفلاسفة الأخلاقيون في الإجابة عن هذا السؤال، ولكنهم جميعًا قد تناولوا قضية تعاملنا مع الحيوانات من وجهة نظر تتصف بالمركزية البشرية (Anthropocentrism)، والتي تعطي صفات بشرية للكائنات غير البشرية، وتدَّعي أن تفكيرنا بالضرورة لا يمكن إلا أن يكون من منظور بشري، ومن خلالها نحاول أن نفهم الحيوانات (4).

فإن كان فهمنا للحيوانات بشريًّا فإننا عندها نحاول أن نفهم كائنات غير موجودة؛ كحصان بشري، أما إن توقفنا عن محاولة فهم الحيوانات من منظور بشري فقد نفقد تعاطفنا معهم، وقد يكون الخيار الأمثل والمتاح لنا أن نحاول فهم الحيوانات من منظورنا البشري لكن بطريقة خاضعة للنقد (4).

وإن كوننا كائنات بشرية أخلاقية يمنحنا حقوقًا خاصة بنا كحق الحرية والملكية، وفي الوقت نفسه قد يمنحنا أهمية أعلى من الحيوانات، لكن كوننا كائنات أخلاقية هو ما يجب أن يدفعنا إلى أن نعامل الحيوانات بطريقة أخلاقية ليس لأنها لا تمتلك حقوقًا مثلنا، بل لأنها كائنات حساسة تشعر بالسعادة والألم.

برأيكم بعد هذا النقاش الطويل عن حقوق الحيوان، ما مبرر استمرار الإنسان في تصرفاته الأنانية كصيد الحيوانات للتسلية؟ أو استخدامهم بطريقة مؤلمة لغايات بشرية سخيفة (1)؟

المصادر:

1. Machan TR. Do Animals Have Rights?. Public Affairs Quarterly. 1991;5(2):163–173. Available from: هنا

2. O'NEILL O. Environmental Values, Anthropocentrism and Speciesism. Environmental Values. 1997;6(2):127-142. Available from: هنا

3. Cohen C, Regan T. The Animal Rights Debate. Oxford: Rowman & Littlefield Publishers; 2001. Available from: هنا

4. Karlsson F. Critical Anthropomorphism and Animal Ethics. Journal of Agricultural and Environmental Ethics. 2012;25(5):707-720. Available from: هنا