الهندسة والآليات > مهندسون مبدعون

صدفة اكتشاف الأشعة

مثلما كان سقوط تفاحةٍ على رأس العالم نيوتن صدفةً أدت إلى اكتشاف الجاذبية، كان اكتشاف الأشعة السينية في مختبري الخاص عن محض الصدفة أيضًا. أنا المهندس الألماني Wilhelm Röntge مُكتشِفُ الأشعة السينية بلبسه وعظمه، وإليكم القصة باختصار:

تركَّزتْ تجاربي على ظواهر الضوء والانبعاثات الأخرى الناتجة عن تفريغ التيار الكهربائي في أنابيب تُسمى "أنابيب كروكس"، وهي مصابيح زجاجية تعرِضُ توهجًا فلوريسنتيًا (لون من درجات الأخضر) عند مرور تيارٍ عالي الجهد من خلاله؛ إذ كنت مهتمًا على نحو خاص بأشعة الكاثود وتقييمِ مداها خارج الأنابيب المشحونة هذه (1).

لكن في الثامن من نوفمبر عام 1895، لاحظتُ شيئًا غريبًا عندما غلَّفتُ الأنبوبَ بكرتون أسود ثقيل، فقد تسبب الضوءُ الفلوري الأخضر في توهج شاشة البلاتينو باريوم platino barium التي كانت على بعد تسعة أقدامٍ عن استجابة أشعة الكاثود المعتادة (1)!

توصَّلتُ -بعد تفكير طويل- إلى نتيجةٍ مهمة، وهي أن الفلورة ناتجةٌ عن أشعةٍ غير مرئية نشأت من أنبوبِ كروكس الذي كنت أستخدمه لدراسة أشعة الكاثود (التي حصل التعرف عليها لاحقًا على أنها إلكترونات)؛ إذ اخترقت هذهِ الأشعةُ غير المرئيةِ الورقَ الأسود المعتم الملفوف حول الأنبوب (1).

كشفتْ تجاربي الأخرى أن هذا النوع الجديد من الأشعة قادر على المرور خلال معظم المواد، بما في ذلك الأنسجةَ الرخوة في الجسم، إلا أنه يُبقي العظامَ والمعادنَ مرئيين (1).

لم أعرف ماهية تلك الأشعة، لذا أطلقت عليها اسم "X"، أي أشعة "غير معروفة"، ولم نستطع حينئذٍ معرفةَ فيما إذا كان العظم مكسورًا، أو إذا كان هناك ورمٌ ما أو أي شيء مبتلع دون جرح المريض (2).

غيّراكتشافي -الأشعة السينية- في عام 1895 فَهمَنا للعالم المادي على نحو ثوري. وكانت الجمعية الفيزيائية الطبية أولى من وصلتهم أخبار الأشعة الجديدة (3).

وسرعان ما وصلت أخبار اكتشافي إلى كل أنحاء العالم، بدايةً استُخدمت الأشعةُ على نحو واسع  وغير مقيد، إذ قدّمت متاجر الأحذية أشعةً سينيةً مجانية كي يتمكن الزبائن من رؤية العظام في أقدامهم (2)!

نفهم اليوم -على نحو أفضل بكثير- المخاطرَ المرتبطة بالأشعة السينية، وطوَّرنا بروتوكولاتٍ لتقليل التعرض غير الضروري لها إلى حد كبير. تبقى الأشعة السينية حجر الزاوية في الطب الحديث، إذ مهّد اكتشافي الطريقَ لتطوير طيفٍ واسعٍ من تقنيات التصوير في يومنا هذا، بما في ذلك التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، والموجات فوق الصوتية وغيرها من التقنيات التي يتجنب بعضها استخدام الإشعاع نهائيًّا (2).

تدقيق لغوي: Fouad Fadel

المصادر:

1-Chodos A, Ouellette J. November 8, 1895: Roentgen's Discovery of X-Rays [Internet]. Aps.org. 2001 [cited 23 January 2022]. Available from: هنا

2-History of Medicine:Dr. Roentgen’s Accidental X-Rays [Internet]. Columbiasurgery.org. [cited 23 January 2022]. Available from: هنا

3-Assmus A. Early History of X Rays. Beam Line [Internet]. 1995 [cited 23 January 2022];25(10):10-24. Available from: هنا