هل يسبب تسخين الأكياس البلاستيكية السرطان حقَّاً؟

تستخدم الأكياس البلاستيكية لنقل الأطعمة وحفظها لأنها عمليَّة جدَّاً ومتوفرة بكثرة، وقد تكون هذه الأطعمة ساخنة أحياناً؛ والمثال الأقرب إلى حياتنا اليومية هو استخدامها في عملية تغليف الخبز وحفظه؛ إذ يوضع الخبز الساخن في الكثير من الأحيان داخل هذه الأكياس، والسؤال الأهم هنا؛ هل المواد التي تصنع منها هذه الأكياس آمنة صحيَّاً؟

قبل الإجابة على هذا السؤال؛ دعونا نتعرف على التركيب الكيميائي لهذه الأكياس.

تصنع الأكياس من مادة تدعى بولي إيثيلين (PE) وهو عبارة عن بوليمر؛ والبوليمرات هي مواد ذات وزن جزيئي عالٍ تتكون من سلاسل طويلة ومتكررة من الجزيئات.

وأتى اللفظ "بوليمر" من اليونانية ويعني "متعدد الأجزاء"؛ فتعني Poly- "متعدد" وmer-  "جزء"، وبالنظر إلى البولي إيثيلين "متعدد الإيثيلين" فإن الجزيء المتكرر هو الإيثيلين الذي يمتلك الصيغة (CH2=CH2).(1,2).

توجد أنواع عدة للبولي إيثيلين؛ نذكر منها:

1. البولي إيثيلين المنخفض الكثافة (Low Density Polyethylene) أو (LDPE)، وهو بوليمر شديد التشعب بفروع جانبية من سلاسل قصيرة أو طويلة، ويعد مجال انصهاره منخفضاً نسبيَّاً (105 - 115 درجة مئوية).

2. البولي إيثيلين العالي الكثافة (High Density Polyethylene) أو (HDPE)، وهو بوليمر خطي مع القليل من التفرع؛ لكنه أكثر بلورية من البولي إثيلين المنخفض الكثافة، ما يجعله أكثر صلابة وأقل شفافية، ويتراوح مجال انصهاره بين (128-138 درجة مئوية) (3).

يُستخدم (HDPE) في تطبيقات مشابهة لـ (LDPE)، ولكن بسبب امتلاكه خصائص حجز أفضل من (LDPE) وصلابة أكبر؛ يستخدم في الأواني المُقَوْلبة بالنفخ لحفظ الحليب والمشروبات الأخرى، وفي حاويات تخزين الطعام أيضاً. ويتميز (HDPE) بدرجة حرارة مُستخدَمة أعلى من (LDPE)؛ قد تصل إلى قرابة 100-120 درجة مئوية؛ مما يجعلها مناسبة لتطبيقات التعبئة الساخنة و البسترة (4).

ولعلنا نذكر تحذيرات الناس سابقاً من استخدام البلاستيك للتسخين بالميكرويف؛ بسبب الاعتقاد بأنه يطلق مواد كيميائية مسرطنة في الطعام تدعى الديوكسينات، وهنا يجب أن نعلم أنه توجد العديد من العبوات والأغلفة البلاستيكية التي صُنفت من قبل FDA على أنها آمنة للاستخدام بالميكرويف، ولم يثبت تسببها بالسرطانات؛ وذلك لأن البلاستيك لا يحتوي الديوكسين؛ بل هي مواد تنتج من احتراق أو ذوبان البلاستيك والمواد الأخرى.

إذاً؛ ما هو الديوكسين؟

الديوكسين هو اسم عام لمجموعة كبيرة من المركبات الكيميائية ذات البنية المتشابهة والخصائص المميزة، وهي ملوثات بيئية عضوية يشار إليها -أحياناً- على أنها أكثر المركبات سمية التي صنعت من قبل الإنسان!

يشير مصطلح الديوكسين -عموماً- إلى المركب الأكثر سمية في هذه المجموعة؛ وهو 2،3،7،8-رباعي كلورو ثنائي بنزو-بارا ديوكسين (TCDD). يسبب التعرض إلى الديوكسينات العدَّ الكلوري (Chloracne)؛ وهو شكل حاد من أمراض الجلد، بالإضافة إلى تأثيرات على الإنجاب والنمو وتلف الكبد والسرطانات (8-5).

هل الديوكسينات هي المركبات الوحيدة التي يجب القلق منها على غذائنا؟

للأسف؛ لا!

إذ توجد مركبات أخرى تدعى الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات Polycyclic Aromatic Hydrocarbons (PAHs)؛ وهي من أكثر الملوثات انتشاراً في الطبيعة والغذاء، وثبت أن لبعضها خواص مسرطنة ومُطفرة وسامة للمناعة. يُعزى وجود الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات في المنتجات الغذائية إلى التلوث بأشكاله المختلفة (الهواء والماء والتربة)، بالإضافة إلى إمكانية تشكلها في عمليات التصنيع التي تضمن معالجات ذات درجات حرارة عالية؛ كالشوي والتدخين والقلي، في حين لوحظ انخفاض في محتوى الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات عند استخدام عبوات البولي إيثيلين (9).

والآن؛ كيف تُتَجنَّب هذه المواد؟

ينصح بعدم تعريض الأكياس البلاستيكية إلى درجات حرارة عالية؛ كي لا تتشكل هذه المواد أو تمتص وتنتقل إلى الطعام بعملية الهجرة الكيميائية (Chemical Migration)، وينصح بعدم استخدام الأكياس أكثر من مرة واحدة أيضاً (9-7).

وفي النهاية؛ نتمنى لكم دوام الصحة والسلامة.

المصادر: