الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع

أطفال متروكون للمجهول .. ما السبب؟!

خلال هذه الفترة ظهرت العديد من الأخبار التي تتداول حالاتٍ يُعثر بها على أطفالٍ أو رضَّعٍٍ تُخليَّ عنهم في الطرقات لأسباب اقتصادية؛ مما جدّد النقاش عن مشكلة الإنجاب غير المسؤول وضرورة اللجوء لإجراءات تحديد النسل وخصوصًا الإجهاض المتعمد الذي يرفضه كثير من الناس بدافع "لا لقتل النفس البشرية" وهي ما تزال جنينًا ويعدونه أمرًا لا أخلاقيّاً. ولكن هل من الأخلاقي إنجاب هذا الطفل والتخلي عنه لحياة التشرُّد لعدم القدرة على تحمل مسؤوليته؟!

 أصبحَ هناكَ اهتمامٌ عالميٌّ متزايدٌ بتحديد النسل نتيجةً للتزايد السكاني؛ بوصفه حلّاً لهذه المشكلة، ولكن ظهرت مشكلات عدة لكون تحديد النسل لا يشمل وسائلَ منع الحمل فحسب بل يشمل سهولة الوصول إليها أيضًا، مما أدى إلى ظهور بعض الإشكاليات الأخلاقية وكان أبرزها عن الإجهاض كونه وسيلةً لتحديد النسل، وبدرجةٍ أقل النقاشات القائمة حول مشروعية وسائل منع الحمل (1).

إلا أنَّ المشكلةَ تكمن في رفض بعض المجتمعات إجراءات تحديد النسل، وعدِّها في بعض الأحيان وصمًا مجتمعيًا وخصوصًا إذا تعلق الموضوع بالإجهاض المتعمّد، مما يدفع الفتيات والنساء إلى استخدام وسائل منع الحمل التقليدية والقديمة. ففي دراسةٍ استقصائية أخرى في 2006، تبين أنَّ 45% من النساء في سورية يستعملن الطرائق التقليدية لمنع الحمل؛ التي بدورها تكون معرضةً للفشل، بينما صرح قرابة 25% منهم أنهن يستعملن حبوب منع الحمل (2).

ما هي أسباب عدم اللجوء إلى تحديد النسل؟

تكمن المعضلة في كيفية مُقاربة الأعراف الاجتماعية التي تؤثر مباشرةً في تنظيم الأسرة، ولُخِّصتْ أهمُّ الجوانبِ الاجتماعية ذات التأثير كالآتي:

1- اتخاذ القرار بالحمل: ففي العديد من العلاقات، يُهيمن الرجال على صنع القرار عن تنظيم الأسرة ومنع الحمل. إذ تعدُّ معارضة الذكر لوسائل منع الحمل سببًا رئيسًا في عدم اللجوء لتحديد النسل. وفي كثيرٍ من الأحيان، تؤدي  أُسر الأشخاص دورًا في هذا القرار دون مناقشة الموضوع مع الأشخاص المعنيين بالأمر، ودون أن تشمل عملية صنع القرار الفتيات والنساء أنفسهن في بعض الحالات (3). 

2- قلة الخبرة عند النساء: الفتيات قد يتخذن القرارات دون مناقشة الموضوع وذلك لأسباب متنوعة مثل نقص الخبرة أو عدم الشعور بالراحة في التحدث عن القضايا الحساسة (3).

3- الخوف من العنف الأسري: إذ إنَّ دراساتٍ في بعض البلدان أكّدت أنّ استخدام موانع الحمل سراً أو ضدّ رغبات الزوج يُمكن أن يؤدي إلى عنفٍ أُسريٍ ضد المرأة أو الانفصال عنها (3).

4- الزواج المُبكّر: يجد بعض الباحثين أنّ انتشار الزواج المبكر مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بانخفاض استخدام موانع الحمل وزيادة نسب الحمل غير المرغوب فيه والإجهاض غير الآمن. يزيد من هذه الظاهرة التطلعات المجتمعية المرتبطة بالأعراف التقليدية والدينية إضافةً إلى الضغوط المالية (3).

5- الصور النمطية السلبية لتحديد النسل: إذ إنَّ الوصمَ الاجتماعيَّ بشأن منع الحمل والجنس يحدّان من استخدام وسائل منع الحمل وخاصة بين الشباب والشابات (3).

ما فوائد تحديد النسل (Family Planning)؟

كيف يمكن مساعدة المجتمع في تنظيم الأسرة وتحديد النسل؟

يلزم وجود تدخل حكومي ولذا يمكن للسياسيين ومديري البرامج التنموية اتّخاذ الخطوات الرئيسة الآتية لضمان توفّر خدمات منع الحمل وإمكانية الحصول عليها لجميع من يريدونها (4).

إن عدم استخدام وسائل منع الحمل أو عدم توفرها وندرة برامج التوعية في الشرق الأوسط يؤدي مباشرةً إلى حالات الحمل غير المقصود؛ لذلك لا نستغرب عند معرفة أنَّ المرأة اليمنية تلد ستة أطفال في المتوسط. لهذا السبب؛ ينادي المدافعون عن صحة المرأة بتحرير المرأة من قوانين منع الإجهاض وتقييده وإلغائها حرصًا على سلامة المرأة وصحتها النفسية والجسدية، مستدلين بتجربة جنوب أفريقيا التي حررت قوانين الإجهاض فأدَّى ذلك إلى انخفاض نسبة الإجهاض غير الآمن بنسبة 90% بين عامي 1994 و2001 (2).

المصادر:

1. Hagenfeldt K. Ethics and family planning. Advances in Contraception. 1991;7(2-3):159–63.  هنا

2. Dabash R, Roudi-Fahimi F. Abortion in the Middle East and North Africa. Washington, D.C: Population Reference Bureau; 2008 p. 1-8. Available from: هنا

3. Herbert S. Social norms, contraception and family planning [Internet]. Applied Knowledge Services. GSDRC; 2015. Available from: هنا

4. Health benefits of family planning [Internet]. World Health Organization; 1995. Available from: هنا