الفنون البصرية > عالم السينما والتلفاز

مراجعة فيلم لا تنظروا إلى الأعلى Don’t Look Up

لا تنظروا إلى الأعلى، فقد ترون خطراً يقترب شيئاً فشيئاً، لا تقرؤوا الأبحاث الموثوقة، فقد تؤكد اقتراب الخطر، لا تستمعوا إلى من يصرخون، فهم يصرخون بالحقيقة، والأهم من كل هذا.. أكرر، لا تنظروا إلى الأعلى!

ففعل النظر بحد ذاته، ببساطته وسهولته وعفويته، قادر على تبديد أوهام وأكاذيب من يصب في مصلحتهم ألّا تتبدد هذه الأوهام والأكاذيب، فعل النظر هذا، يستعصي على أغلبنا، فنحن نفضل الوهم المريح على الحقيقة المرة.

يحاول عالمان إنذار العالم من خطر داهم يواجه كوكب الأرض، ليواجها في طريقهما استغلال السياسيين، وتشكيك العامة، وألاعيب الإعلام، لا، إنه ليس واقعنا الحالي، بل هو فيلم (لا تنظروا إلى الأعلى-Don’t Look Up) الذي أصبح الأكثر مشاهدة على منصة نيتفليكس (Netflix) في أسبوع عرضه الأول.

الفيلم -كما تستعرض المقدمة- من كتابة آدم مكاي (Adam McKay)، وإخراج آدم مكاي وإنتاج آدم مكاي، الأمر الكفيل بأن ينبئنا بأن هناك سياسة، ووقائع نفضل عدم مواجهتها، وقصة شائقة وكثير من الكوميديا التي قدمتها كوكبة من أبرز نجوم هوليوود وأكثرهم شعبية، نجوم لم نعتد مشاهدتهم بأدوار كوميدية، لكن هذا لم يمنعهم من تقديم أداء متماسك، يوازن بين جدية الفكرة وكوميدية الطرح، ابتداءً ببطلي الفيلم، الأوسكاريين ليوناردو ديكابريو (Leonardo Dicaprio) وجينيفر لورانس (Jennifer Lawrence)، بدوري عالمي فضاء، إلى الغنية عن التعريف ميريل ستريب (Meryl (Streep بدور رئيسة الولايات المتحدة، والنجم الشاب تيموثي شالاميه (Timothée Chalamet) شاب يهوى التزلج، إضافة لكيت بلانشيت، وتايلر بيري، وجوناه هيل، وأريانا غراندي وعدد كبير من الأسماء والوجوه المألوفة في أدوارهم الثانوية؛ الأمر الذي اعتدناه في أفلام مكاي، فقد جمع كوكبة مماثلة في فيلم (Vice)، وجعل سيلينا غوميز ومارغو روبي يشرحان لنا الاقتصاد في (The Big Short)، لكن ما يجعل هذا الفيلم مختلفاً عن أعماله السابقة، هو أن الأفلام التي ذُكرت، تناولت وقائع حقيقية تمنينا لو كانت أحداث خيالية، أما هنا فيروي لنا مكاي قصة خيالية نتمنى لو لم تكن الحقيقة، فعلى الرغم من قالبه الكوميدي، إنه قد يستعصي عليك الضحك، وعند شعورهم بالذعر والإحباط والعجز، ستعيش المشاعر نفسها، وتحاول خلال معظم الفيلم منع نفسك من الصراخ أو تحطيم شيء ما، وأنت مدرك كل الإدراك أنه هناك مئات المذنَّبات التي تواجه كوكبنا الأزرق الان، وأنهم يتعاملون معها بالطريقة ذاتها، وسنعيش المصير نفسه على الأرجح، فمع أنه ليس هناك رئيسة تدعى أورلين، فإننا سمعنا خطاباتها من أفواه قادة عدة، وعلى الرغم من أنه ليس هناك برنامج ذا ريب، فإننا نُميز المذيعين جيداً، ولم تصرخ ديبياسكي بالحقيقة على شاشة تلفازنا، لكن آخرون صرخوا، وتحولوا إلى "ميمز" نتناقلهم بين هواتفنا.

لكن الفيلم يذهب أبعد من الإشارة إلى أن صفاتنا البشرية المتفوقة التي أدت إلى نجاتنا واستمرارنا، هي ذاتها العيب المأساوي الذي سيؤدي بنا إلى الانقراض، فما يحاول مكاي قوله، إنه على الرغم من حتمية هلاكنا، علينا أن نسعى ونحاول ونبذل ما نستطيع لإنقاذ أنفسنا، فحتى عند فشلنا، نحن نملك بعضنا، وهذا كل ما نحتاج إليه فعلياً، فأن نرحل ونحن ممسكون بأيادي بعضنا، هي نهاية لا بأس بها.

ما رأيك قارئنا الشغوف؟ هل ترى أن الفيلم يحاكي واقعنا؟ وأن هلاكنا حتمي؟ أم أن هناك طريقة لتفادي هذا المصير؟ 

شاركنا رأيك ووجهة نظرك في هذا الفيلم في التعليقات..

معلومات الفيلم:

تدقيق لغوي: بشرى البعلي