الموسيقا > موسيقيون وفنانون سوريون وعرب

الراحلة الباقية؛ ميادة بسيليس

 حياة السيدة (ميادة بسيليس) يرويها الأستاذ (سمير كويفاتي) بمقابلة مع الباحثون السوريون.

ولدت ميادة بسيليس في مدينة حلب، لعائلةٍ بسيطةٍ جدًا، درست في مدرسة التطبيقات المسلكية الحكومية. وفي عمرٍ صغير حصلت بصوتها المميز على مرتبةِ رائدةٍ على مستوى القطر في مجال الغناء . 

المسيرة الفنية:

كيف كانت بدايتها الفنية؟ وكيف كانت بداية المسيرة مع حضرتكم أستاذ سمير؟ وما العقبات التي واجهتموها؟ وكيف يمكن أن نختصر العلاقة المهنية والأسرية بين حضرتكم والسيدة ميادة؟

عندما كان عمرها 10 أعوام، أدت دور صولو في كورال المطران هيلاريون كابوتشي ضمن مدرسة الورود، حيث التقيت بها عندما كان عمري17 عامًا، وبدأ بيننا حبٌ نقي أبدي منذ الطفولة، وكنت دومًا أرافق الكورال لعزف البيانو حتى أرى ميادة وأسمع غناءها العذب.

في المدة اللاحقة التحقتُ بالخدمة العسكرية، لكن على الرغم من المسافات بقي الحب يربطني بها. وفي نهاية الدراسة الثانوية لميادة كُنا نمضي وقتنا في الحديقة نغني ونعزف.

بعد أن أنهت ميادة الدراسة الثانوية، كُنت أراها في قمة السحر والتميز، فتزوجنا عام 1987 وفي تلك اللحظة خطينا خطوتنا الأولى حبًا وفنًا.

ما هو أول عملٍ خاص بالسيدة ميادة سُجِّل  ونُشر؟

كانت ميادة شغوفةً بالغناء وظل ذلك يوجهها نحو أيِّ مكان أو احتفالٍ أو مسرح، ثم بدأت تلك المسيرة الفنية المشتركة بيننا بالإشراق، فكان أول عملٍ لنا أغنية "لحظة" 

الأغنية من كتابة وتلحين الأستاذ (سمير) وغناء السيدة (ميادة) فكانت أولَّ عملٍ خاص بهذا الثنائي العاشق! 

أرسلت هذه الأغنية لـ(زياد الرحباني) فأبدى إعجابه الشديد جدًا بِحِرَفية العمل وتميزه. فأعطانا دافعًا كبيرًا للاستمرار، وكان لدينا هاجسٌ بهوية الموسيقا الرحبانية وكان لدينا حُلمٌ بإنشاء هويةٍ مميزة للأغنية السورية.

ما مصدر الإلهام الفني الأساسي للثنائي ميادة بسيليس وسمير كويفاتي؟

كان الإلهام الأول لـ(ميادة) هو الطرب الأصيل، أما إلهامي أنا (سمير) فكان نابعًا من الموسيقار (عاصي الرحباني) .

ظلَّ هذا التأثير في ميادة، إذ يطلق عليها الجمهور لقب (فيروز الشام) ما جعلها تشعر بمسؤولية كبيرة تجاه ما لقبها به الجمهور.

ما تفاصيل الهوية الخاصة بأعمال السيدة ميادة بسيليس؟

من العوامل المساهمة في الهوية الموسيقية لنا: البداية، فقد كان بيتنا الزوجي الأول صغيرًا بسيطًا جداً دافئًا مليئاً بالحب والفن. وأمضينا الليل والنهار في العمل على مشروعنا الفني المشترك الذي بدأ في هذا المنزل البسيط بأدواتٍ أبسط ولكن مع عزمٍ وإصرار وحب عميق للفن واحترام ومحبة بيننا.

- فالعمل المشترك بين الأستاذ (سمير) والأداء المميز للسيدة (ميادة) قدم لنا إرثًا فنيًّا يتألف من 90 أغنيةً  و14 ألبومًا اتسمت بسمات الأغنية السورية الرومانسية ذات الهوية الخلابة. 

وفي أثناء مسيرتها الفنية حصلت ميادة على عددٍ كبير من الجوائز

فنالت جائزة الأورنينا الذهبية عن أغنيتها (حنين) في مهرجان الأغنية السورية الثالث عام 1996.

نالت جائزة (أورنينا) لأفضل أداءٍ وحضور مسرحي في مهرجان الأغنية السورية الرابع عام 1997.

نالت الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة عن أغنية (كذبك حلو) الشهيرة عام 1998 في يوم ميلاد ابنتنا الصغرى نغم.

نالت جائزة (الأورنينا) عن أغنية (كذبك حلو) لأفضل أداءٍ وحضور مسرحي في مهرجان الأغنية السورية الرابع عام 1998.

نالت جائزة (الأورنينا) الذهبية عن أغنية (يا غالي) في مهرجان الأغنية السورية الخامس عام 1998.

نالت الدرع التذكارية على أغنية (حنينة) في مهرجان عيد الأم في عمّان في الأردن عام 1999.

نالت (الأورنينا) الذهبية عن أغنية (هوى تاني) ونالت الأغنيةُ ذاتها جائزة (الأورنينا) لأفضل لحنٍ حديث في مهرجان الأغنية السورية السادس عام 2000. 

نالت أغنية (خليني على قدي) جائزة أفضل لحنٍ حديث في مهرجان الأغنية السورية السابع.

نالت الجائزة الذهبية لأفضل أغنية مصورة (فيديو كليب) في مهرجان البحرين عن أغنية (هوى تاني) عام 2001.

نالت أغنية (أجراس بيت لحم) الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة عام 2002 التابعة لمجموعة الأغاني الوطنية بعنوان (أجراس بيت لحم) . 

نالت الجائزة الفضية في القاهرة عن أغنية (من يقرع بعدي) عام 2003.

نالت أغنية (أجراس بيت لحم) في تونس الجائزة الثانية في مهرجان ربيع الحمامات للأغنية العربية عام 2003.

نالت الجائزة الأولى في القاهرة عن الأغنية الصباحية عام 2003.

نالت أغنية (طيب خليك) (الأورنينا) الذهبية في مهرجان الأغنية السورية التاسع عام 2003.

نالت الجائزة الأولى عن أغنية (يا رجائي) في مهرجان الأغنية العربية في الدار البيضاء في المغرب عام 2004.

بالإضافة إلى مشاركتها في عديدٍ من المهرجانات وإحيائها عديدًا من الحفلات في سوريا والوطن العربي وخارجه. 

مرض السيدة ميادة بسيليس وأبرز أحداث أيامها الأخيرة؟

"خُلق الفنان ليبعث الفرح بين الناس لا لينشر تعبه أو ألمه بينهم". هذه كانت مقولة السيدة (ميادة) المعتادة في مرحلة مرضها رغم الآلام الشديدة التي واجهتها بقوةٍ وإرادة صلبة دون أن تُشعِر أحدًا بآلامها أو تستسلم، وقد أقامت عديدًا من الحفلات في دار الأوبرا السورية في أثناء مرحلة العلاج لتقف على المسرح وتنشر الفن والحب بين جمهورها دون أن تضعف للحظةٍ واحدة.

كان لديها قناعةٌ شديدة بأن المرض موجودٌ في عالمنا لا تختلف أنواعه، وأن مرضها كأيِّ مرضٍ آخر قد يصيب أيَّ أحدٍ. 

استمر مرض السيدة ميادة بسيليس بالسرطان من 2011 حتى وفاتها في 17 آذار من عام 2021 . بدأ السرطان في العظم وتحول إلى نقائل بالكبد والرئة، ثم إلى المعدة والأحشاء؛ ما اضطرها للحصول على 90 جلسةِ أشعةٍ وثلاثة كورساتِ علاجٍ كيميائي. وعلى الرغم من الآلام الشديدة إلا أنها كانت تُخبر عائلتها دائمًا أنَّ صحتها على ما يرام، ولم تضعف أو تحزن إلا خوفًا على حزن أسرتها. 

 كُنا ممتنين لهذه السنوات العشر فعلى الرغم من المرض إلا أن الحصول على العلاج، منحنا القوة والصبر، والقدرة على العمل والغناء ومتابعة العمل الفني، فقضت المرحلة الأخيرة ونحن حولها بحبٍ وفن.

آخر حفل أقامته كان حفلًا خاصًا بشهداء الإعلام في دار الأوبرا السورية عام 2019.

بقي صوت السيدة ميادة الملائكي مرافقًا لها منذ طفولتها وحتى وفاتها، لتقدم لجمهورها آخر رسالةٍ فنية بصوتها وهي أغنية (الوصية الأخيرة) فما هي تفاصيل العمل الأخير للسيدة ميادة؟

قبل وفاتها ب 9 أيام وعلى الرغم من آثار المرض الشديد الذي وصل بها إلى الشلل من بداية العام 2021 بالإضافة إلى فقدان البصر في المرحلة الأخيرة منه انتقلت إلى منزلها في حلب لتختتم أيامها في مدينتها، وعند وصولنا تلقينا خبر وفاة أبيها؛ ما أدى إلى نقلها إلى المستشفى نتيجة تدهور حالتها الصحية، لتطلب وهي على فراش الموت مني أن تسجل أغنية الوصية الأخيرة بإصرارٍ شديد. وعلى الرغم من صوتها المنهار إلا أنها سجلتها بصوتها العذب المتعب لتكون الوصية الأخيرة التي حرمها الموت من سماعها

فهي فعلًا رسالتها الأخيرة لنا التي تثبت حقيقة: "ما أحلاك عم تضحك لو قلبك زعلان ما هي أول مرة بيعاندنا الزمان" 

المصدر:

تم إجراء هذه المقابلة مع الأستاذ سمير كويفاتي