علم النفس > القاعدة المعرفية

هل علينا أن نتحدث عن المرض النفسي؟ وكيف نفعل ذلك؟

ليس التحدث عن عالمنا الداخلي سهلًا! وحين نشعر أن عالمنا هذا مختلف إلى حد كبير، يصبح البوح عما يدور فيه أصعب ربما. لكن ما الأفضل؟ أن نواجه الأمر وحدنا أو أن نستعين بالآخرين؟

في الحقيقة، لا جواب واحد لهذا السؤال، يمكنك أن تُبقي الأمر لنفسك أو أن تخبر الجميع، هذا قرار عائد تمامًا إليك: الخيارات كلها صالحة.

الاضطرابات النفسية منتشرة في العالم كله، لكنها تتزايد تزايدًا ملحوظًا في الأماكن غير المستقرة والأزمنة الصعبة (1,2)، وتستهدف الفئات العمرية كلها فلا تستثني اليافعين أو الأطفال (3). يتجنب الناس عمومًا والشباب واليافعون خصوصًا الحديثَ عن المرض النفسي تفاديًا للإحراج والوصمة، وخشية تغير نظرة الآخرين لهم، إضافة إلى مسائل متعلقة بالسرية والثقة، ويعوق القلق والخوف التحدث وطلب المساعدة فيؤخران الحصول عليها، في حين يساعد الدعم الاجتماعي والتشجيع على المضي قدمًا (3).

إذًا: التردد والتأخر في الحديث يؤخران الحصول على المساعدة في كثير من الأحيان.

فما إيجابيات التحدث عن المرض النفسي؟

هناك كثيرٌ من النتائج الإيجابية المتوقعة، إليك بعضها:

من أخبر؟

قد يكون الأمر مقلقًا في البداية؛ لذا تذكر أن التحدث و/أو طلب المساعدة يشكل الخطوة الأولى على طريق التعافي والنمو، وننصحك بالتحدث إلى شخص تثق به، هذا الشخص (4):

- يحبك ويحترمك، وتحبه وتحترمه.

- يمكنك التشاور معه وإخباره بأفعالك وقراراتك بثقة.

- يستمع إليك في الأوقات الحلوة والمرة.

- يحترم رغبتك بالحفاظ على الخصوصية.

- لا يطلق الأحكام أو الانتقادات ولا يسبب الإزعاج لك عندما تعبر عن نفسك.

- ينوي العمل معك لوضع خطة في الأوقات الحرجة.

- يريد مصلحتك ويمنحك النصيحة الحسنة.

وقد تضيف إلى حياتك مزيدًا من هؤلاء الأشخاص وبذلك تبني شبكة الدعم الخاصة بك.

كيف أتحدث؟

ليس هناك طريقة صحيحة وطريقة خاطئة للتحدث ولكن من المفيد وضع خطة، ستساعدك الخطوات الآتية على تجهيز نفسك للإفصاح عن مرضك النفسي:

1. احرص على أن تكون جاهزًا، لا حاجة للعجلة، فيمكنك أن تبدأ على نطاق صغير بإخبار شخص واحد مقرب (5).

2. اكتب مشاعرك: لبناء صورة أوضح وتنظيم أفكارك قبل بدء الحديث (6).

3. اختر التوقيت المناسب: يُنصح باختيار توقيت تكون فيه المشكلة تحت السيطرة، وتجنب الحديث في خلال الأزمات، سيساعد التحدث في وقت آمن وهادئ على تفهّم الشخص الآخر، وسيجري الحديث بالإيجابية (5).

4. الاستعداد: ما الذي تود الحديث عنه تحديدًا؟ يمكنك التشاور مع أحد المقربين أو أحد المتخصصين في الصحة النفسية والاستماع لنصائحهم في هذا الشأن، ويمكنك الاستفادة ممن مروا بتجارب مشابهة أيضًا (5).

5. وضّح أهمية الأمر: من المفيد إعلام الشخص المراد إخباره بأهمية الموضوع قبل الانخراط بالحديث، قد تقول له: «أود إخبارك بأمر مهم»، أو «أرجو أن تكون صبورًا ومتفهمًا؛ لأن الأمر صعب بالنسبة إلي» (5).

6. يمكنك أن تتحدث على مراحل، ولا حاجة للإفصاح عن الأمر كاملًا في جلسة واحدة، خذ وقتك (6).

7. كن واضحًا، وإن أردت طلب المساعدة فاطلبها على نحوٍ واضح (5).

8. لا تقلل من حدة مشاعرك وأعراضك، ووضح جدية الأمر، مثلًا: «أجد صعوبة بالغة في النهوض من الفراش» (6).

9. تحدث بإيجابية: أخبر الآخر بوضعك الحالي، مثلًا: «أتبّع العلاج منذ فترة وبدأت أشعر بالتحسن» (5). 

ماذا لو لم تحصل على رد الفعل الإيجابي؟

الناس لا يعرفون بالفطرة كيفية التصرف والاستماع لشخص ليس على ما يرام، وقد يبدون ردود فعل غير مرغوبة دون قصد منهم كأن يقلقوا قلقًا زائدًا، أو يحوروا الحديث ليصبح عنهم أو يلوموا أنفسهم بأنهم سبب المشكلة. 

توقع حدوث ردود كهذه ولا تجعلها تضايقك، وابتسم وتخطى الأمر، واطلب من الشخص مجدًدا أن يصغي إليك (5)، وإذا وجدت أن المستمع لا يتفهم الأمر الآن أعطه بعض الوقت؛ لأن هذا قد يتغير لاحقًا، وفي حال استجاب الشخص بطريقة سيئة عن قصد، أخبر شخصًا آخر، لا تسمح لتجربة واحدة أن توقفك (6).

كلمة لليافعين

قد يبدو إبلاغ الآخرين بمشاعرنا وأفكارنا أمرًا مخيفًا، لكن الفوائد المرجوة تفوق المخاطر. يشعر كل الأشخاص ببعض التوتر والقلق إزاء البوح بالمشكلات، ولكن هذا ضروري لتتلقى المساعدة التي تحتاجها، ولا ينبغي أن تواجه الأمر وحدك فأنت تنتمي إلى مجتمع فيه كثير من الوسائل التي ستساعدك. اختر شخصًا بالغًا تثق به وتجده لطيفًا وداعمًا ومتفهمًا كأحد الوالدين أو الأخوة الأكبر سنًا، أو تحدث مع معلم أو مرشد نفسي في المدرسة أو صديق للعائلة أو أحد الأقرباء أو طبيب أو معالج نفسي، تشجع وأخبره واطلب المساعدة، ولا تتوقف قبل أن تجد شخصًا قادرًا على تقديم العون (6).

نصيحتان أخيرتان:

1. التحدث إلى أصحاب التجارِب المماثلة أمر داعم للغاية، لكن احذر الذين يفرطون في التشاؤم والسلبية؛ لأن هذا الأمر سيؤثر في سلامتك النفسية (6).

2. لا تفرط بالمشاركة، ولا تجعل صحتك النفسية موضوع كل حديث (6).

وانتبه إلى ضرورة التحدث فورًا إذا شعرت أنك تمر بأزمة تشكل خطرًا عليك، أي إذا (6):

· راودتك أفكار انتحارية.

· كنت تخشى إيذاء نفسك أو إيذاء الآخرين.

· شعرت أنك في خطر من أي نوع.

المصادر:

1. Twenge J, Joiner T. U.S. Census Bureau‐assessed prevalence of anxiety and depressive symptoms in 2019 and during the 2020 COVID‐19 pandemic. Depression and Anxiety [Internet]. 2020 [cited 15 November 2021];37(10):954-956. Available from: هنا

2. Santomauro D, Mantilla Herrera A, Shadid J, Zheng P, Ashbaugh C, Pigott D et al. Global prevalence and burden of depressive and anxiety disorders in 204 countries and territories in 2020 due to the COVID-19 pandemic. The Lancet [Internet]. 2021 [cited 15 November 2021];398(10312):1700-1712. Available from: هنا

3. Gulliver A, Griffiths K, Christensen H. Perceived barriers and facilitators to mental health help-seeking in young people: a systematic review. BMC Psychiatry [Internet]. 2010 [cited 15 November 2021];10(1):113. Available from: هنا

4. For People With Mental Health Problems [Internet]. mentalhealth. 2017 [cited 15 November 2021]. Available from: هنا

5. Bonvissuto D. Coming Out About Mental Illness [Internet]. WebMD. 2021 [cited 15 November 2021]. Available from: هنا

6. Jacobson R. How to Talk About Mental Health Issues - Child Mind Institute [Internet]. Child Mind Institute. 2021 [cited 15 November 2021]. Available from: هنا