الفيزياء والفلك > علم الفلك

كيف نقيس المسافات في علم الفلك

يعتمد علماء الفلك على عدة تقنيات في قياس الأبعاد الفلكية بعضها يستخدم أفكارًا قديمة بتقنيات حديثة، والآخر يستخدم النظريات الفيزيائية التي تطوَّرت مؤخرًا عن طبيعة كوننا، وسنشرح هنا الطرائق الأساسية ومبادئها:

- اختلاف المناظر: إذا مددت يدك للأمام ورفعت إبهامك وقارنت مكان إبهامك مع الأجسام التي خلفه ستجد مكانه يتغير كلما حركت رأسك، وبالطريقة نفسها فإن مكان النجوم القريبة يختلف بالنسبة للنجوم البعيدة خلفها بتغير مكان الأرض أثناء دورانها حول الشمس؛ إذ تعتمد هذه الطريقة على أن نرسم مثلثًا رأسه هو النجم المطلوب والقاعدة هي الخط الواصل بين مكان الأرض في شهر كانون الثاني -مثلًا- ومكانها المقابل بعد ستة أشهر -أي تموز-، وبحساب زاوية رأس المثلث يمكننا معرفة بُعد النجم عن شمسنا، ويمكننا استعمال هذه الطريقة من أجل النجوم القريبة نسبيًّا من الشمس وقد تضاعفت قدرة هذه الطريقة عشرات المرات بعد إطلاق القمر الصناعي هيبراكوس عام 1989، وبعد أن أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية البعثة (غايا) في تشرين الأول 2013 ازدادت هذه القدرة لتتمكن من قياس أبعاد تبلغ عشرات آلاف السنوات الضوئية.

- المصابيح العيارية (الشمعات العيارية): فإذا عرفنا مقدار ضياء مصباح ما -تمامًا- عند وجوده على مسافة محددة فيمكننا أن نعرف مدى بعده في أي وقت لاحق عند وضعه في أمكنة مختلفة البُعد، ولحسن الحظ فهناك نجوم تشبه هذه المصابيح ندعوها المتغيرات القيفاوية نسبة لكوكبة (مجموعة) قيفاوس التي اكتُشفَت فيها هذه النجوم أول مرة، وتتميز هذه النجوم -بنوعَيها الكلاسيكي والنمط 2- بأنها متغيرة اللمعان بسبب تغيرات سريعة تطرأ على حجم النجم وهناك علاقة مباشرة بين مقدار لمعان النجم والفترة التي يتكرر فيها اللمعان، وتسمح لنا هذه العلاقة بمعرفة كم يجب أن يكون لمعان النجم لو كان على بُعد معين، وبمقارنة هذه القيمة مع لمعانه الحالي يمكننا معرفة بُعده الحالي عن كوكبنا، ويمكن بهذه الطريقة قياس مسافات تصل إلى 20 مليون سنة ضوئية، ويمكن تطبيق الفكرة نفسها أيضًا على بعض أنواع انفجارات السوبرنوفا كالتي تنفجر عند بلوغها كتلة معينة ومن ثم يمكن تحديد ضيائها الفعلي واستخدمها في قياس المسافة.

- الانحراف نحو الأحمر وثابت هابل: عندما تمر بقربك سيارة إسعاف فإنك تلاحظ أن صوتها عندما تقترب مختلف قليلًا عن صوتها عندما تبتعد، وسبب هذا الاختلاف هو أنَّ تردد الصوت يختلف بين اقتراب المصدر وابتعاده، ويعتمد مقدار الاختلاف على مدى سرعة السيارة في الاقتراب والابتعاد ويُعرَف هذا المفعول بمفعول دوبلر، وقد بينت نتائج الرصد أنَّ الكون يتوسع وكل المجرات المحيطة بنا تبدو لنا وكأنها تبتعد عنا، وبسرعتها ترتبط بمدى بعد هذه المجرة؛ فكلما كانت المجرة أبعد كانت سرعة ابتعادها أكبر وترتبط السرعة بالمسافة بعلاقة وضعها عالم الفلك إدوين هابل تربط المقدارين بعدد ثابت سمي ثابت هابل.

فالطيف الصادر عن مجرة معينة يكون مختلفًا قليلًا عن الطيف العادي لأنَّ هذه المجرة تبتعد عنا، كاختلاف صافرة السيارة الثابتة عن صافرة السيارة المبتعدة، ويمكن من حساب هذا الاختلاف حساب سرعة ابتعاد المجرة من علاقة تأثير دوبلر ومن ثم حساب بُعدها من علاقة هابل، ويُذكَر أنَّ بَعد المهمة الأخيرة للمسبار بلانك فقد حُددَت القيمة الأدق حتى الآن لهذا الثابت.

بعض المصادر: هنا

هنا

حقوق الصورة: Tim Jones/Damond Benningfield