بالدليل العلمي الموثوق؛ سورية تحتل المراتب الأخيرة في معدل قبول المجتمع لَقاحَ فيروس كورونا

نشر مجموعة من الأطباء والباحثين السوريين دراسة مقطعية ذات نتائج مهمة قد تكون مفتاحية في توصيف موقف عينة ضخمة من السوريين تجاه لقاحات الكوفيد.

نُشر المقال في مجلة عريقة وهي BMC Public Health تحت عنوان "مدى تقبل المجتمع السوري للقاح فيروس كورونا".

 استهدفت هذه الدراسة المقطعية المجتمعَ السوري في مختلف المناطق ليستجيب قرابة 10 آلاف شخص للاستبيان، وبعد أخذ معايير الإدخال والاستبعاد بعين الاعتبار واحتساب الإجابات الكاملة فحسْب أصبح حجم العينة النهائي 7531 (وهي العينة ذات الحجم الأكبر والتي خضعت لدراسة مقطعية من هذا النوع في سورية، وفقًا لنتائج بحث في الأدب الطبي) (1).

أما عن تجانس العينة؛ فقد حرص الباحثون على قدرة العينة التمثيلية لنوايا المجتمع السوري تجاه تلقي اللقاح، فقد اتُّخِذت عديدٌ من الإجراءات في أثناء تصميم البحث وإجرائه، منها:

1- تحقيق حجم عينة كبير نسبيًّا  مما قد يزيد قوةَ البحث، ويحترم نسب التوزيع الديموغرافي العمري أكثر في عيّنة البحث، ويجعلها أقرب لما هو عليه في المجتمع.

2- تعزيز الوصول إلى شرائح المجتمع السوري المختلفة من خلال نشر الاستبيان على منصات التواصل الاجتماعي، وتوزيعه ورقيًّا حتى لا تُقصى الشرائحُ التي قد لا تستخدم الإنترنت سواء لأسباب اقتصادية أو بسبب التقدم بالعمر أو لأسباب أخرى، فمن المتوقع نتيجة سبر واقع المجتمع السوري أنَّ معظم مستخدمي الإنترنت أصغر عمرًا ولديهم القدرة الاقتصادية المقبولة لاستخدام الانترنت (1).

أما عن  نتائج البحث المنشورة، فكان أهمها: 

• تحتل سورية واحدة من المراتب المتأخرة في معدل قبول المجتمع لَقاحَ؛ إذ إن 37% من المشاركين فحسْب يرغبون في أخذ اللَّقاح (1) مقارنةً بمعدلات أعلى على نحوٍ ملحوظ بدول العالم الأول مثل (الصين 80%) و(الولايات المتحدة 79%) و(بريطانيا 72%)، مع معدلات مُقارِبة لما هو عليه في سورية عند بعض الدول العربية (الأردن 37.4%) (2-4).
• تنوعت أسباب رفض أخذ اللَّقاح؛ إذ كان الخوف من الآثار الجانبية المحتملة السبب الرئيس (62.4%)، تلاه عدم الثقة من تركيبة اللقاح (58.8%) ومن ثم عدم الثقة بسرعة تطويره (46%) (1). 
• نصف المشاركين (50.3%) كانوا غير واثقين من أن اللقاح سيَقيهم من المرض، وأكثر من نصفهم (66.2%) قالوا إنهم لا يملكون معلومات كافية عن اللقاح لاتخاذ قرار مستنير بشأن التطعيم من عدمه (1).
• بالنسبة لمصادر المعلومات الطبية عند المشاركين كان العاملون في المجال الطبي مصدرَ المعلومات الرئيس (50.9%)، ثم يليهم الحصول على المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي (46.3%)، وأخيرًا المنظمات الصحيّة الرسمية كوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية (43%) (1).
• ارتبطت نية التطعيم ارتبطًا كبيرًا بالجنس والإقامة والوضع المالي والمستوى التعليمي والأصل الجغرافي (1). 

يؤسفنا القول إن نتائج هذا البحث أضاءت على واقعٍ قد يكون مظلمًا، فالفجوة المعرفية كبيرة، كما أن انتشار كثير من الخرافات والمعلومات المحرفة والمغلوطة عن اللقاح وفيروس كورونا دون استناد على دليل علمي أسهم في تردد جزء كبير من الناس بأخذ اللقاح وضعف إقبال الناس لأخذه مقارنةً بباقي الدول، مما قد يكون مؤديًا إلى زيادة انتشار الوباء وخسارة كثير من الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها، ويطرح الحاجة الملحّة إلى التوعية الشاملة التي يحتاجها المجتمع للتغلب على هذه المشكلة.   

أما عن حلها، فيكون بدعم التوعية ونشر المعلومات الصحيحة من المصادر الموثوقة (كالهيئات الصحية والعلمية المؤهلة ومنظمة الصحة العالمية) والاستجابة لحملات التلقيح.

اللَّقاح وسيلة فعّالة وآمنة لتحمي نفسك وعائلتك من الفيروس الذي يتسبب في خسارة بشرية هائلة كثيرة كل يوم، ولتاريخ كتابة هذا المنشور حُقن أكثر من 8 مليارات جرعة لقاح حول العالم؛ إذ تلقى أكثر من 4 مليارات إنسان جرعةً أولى على الأقل من اللقاح فيما أخذ التطعيم أكثر من 3.5 مليار إنسان بجرعتين (5).

أخيرًا تفخر شبكة "الباحثون السوريون" بأعضائها (موسى الشيباني وعبد الفتاح مهندس وتميم السليمان وأنجي موكي) مع حفظ الألقاب، لكونهم من الباحثين المشاركين بإنجاز هذه الورقة البحثيّة ونشرها ولدورهم الدائم في نشر العلم والمعرفة المبنية على العلم الحقيقي و المصادر الموثوقة. 

المصادر: