التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

هل يمكن للمصاب "بالإيدز" ممارسة الجنس دون نقل العدوى؟!

لعلّ أبرزَ ما تعلّمناه عن فيروس نقص المناعة البشري -في المدرسة وفي كل مناسبةٍ للحديث عنه- أنه ينتقل بالاتصال الجنسي بين مصابٍ أو مصابةٍ بالفيروس وشخص سليم، إضافة طبعًا إلى طرائق الانتقال الأخرى. هذا الأمر صحيح لكنه لا يمثل الحقيقة كاملةً، إذ تستطيع الأدوية المضادة لهذا الفيروس «كبت» انتساخه في الجسم ليصل إلى مستوياتٍ منخفضة للغاية، وبذلك يصبح المصاب بالفيروس غير ناقلٍ له في خلال الاتصال الجنسي.

تابعوا المقال الآتي لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع ..

يُحاط فيروس نقص المناعة البشري (HIV) بعددٍ كبيرٍ من التساؤلاتِ والمخاوفَ، إذ يظنُّ الكثيرون أنه حكمٌ بالموت. وتنتشر المعلومات المغلوطة عن سُبُل انتقاله، ويُعاق الحديثُ عنه بالخرافات والإحراج والاتهامات.

ولعلّ أبرزَ ما تعلّمناه عن الفيروس -في المدرسة وفي كل مناسبةٍ للحديث عنه- أنه ينتقل بالاتصال الجنسي بين مصابٍ أو مصابةٍ بالفيروس وشخص سليم، إضافةً طبعًا إلى طرائق الانتقال الأخرى، وهذا الأمر صحيح لكنه لا يمثل الحقيقة كاملةً.

ينتقل فيروس نقص المناعة البشري من خلالِ الدم والمفرزات المهبلية والسائل المنوي والمفرزات الشرجية، إضافةً إلى الانتقال بين الأم والطفل في خلال الحمل أو الولادة أو الإرضاع، وينتقل عند مشاركة الأدوات الشخصية والمحاقن الملوثة أيضاً (1). وحالما تُكتشَف الإصابة بالفيروس لدى شخصٍ ما، تُوصف الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة البشري، وتُسمى هذه المعالجة الخاصة بـ «المعالجة المضادة للفيروسات القَهقرية» أيضاً (Antiretroviral Therapy)(2). 

يعني الوصول إلى كبت الفيروس أو الحِمل الفيروسي غير القابل للكشف أن الجهاز المناعي للمصاب يسيطر على الفيروس في الوقت الحالي، فيعيش الفرد حياةً طبيعية ويحافظ على صحته (2). يصل المصاب إلى هذه الحالة عندما يلتزم بتناول الأدوية الموصوفة يوميًا، مع متابعة الفحوص الدورية لمراقبة حالة الفيروس في الجسم. ويجب أن يعرف المصاب أنّ الفيروس يبقى موجودًا في جسمه حتى عندما تكون مستوياته غير قابلةٍ للكشف، لذا لا بدَّ من الاستمرار بتناول الأدوية الموصوفة وإجراء الفحوصات الدورية لمراقبة الحمل الفيروسي باستمرار(3).

تسمح المعالجة المضادة للفيروسات القهقرية للمصاب بعيش حياةٍ صحية، وتقلل انتشار الفيروس على نحوٍ كبير(2)، فقد أظهرت أدلة وافية أن المصابين بفيروس HIV  الذين يتناولون أدويتهم بانتظام ويخضعون لفحوصات المراقبة الدورية ويحافظون على مستويات فيروسية غير قابلة للكشف لا ينقلون الفيروس لشركائهم الجنسيين خلال الجنس المهبلي أو الشرجي أو الفموي(2).

لقد جاءت تلك النتيجة من الدراسات الكبيرة التي أُجريت على العلاجات الحديثة المضادة لفيروس HIV  والتي تابعت آلاف الأزواج (امرأة ورجل أو رجل ورجل) التي يكون فيها أحد الشريكين مصابًا بالفيروس والآخر غير مصابٍ به على مدى سنوات، فتبين أن وجود فيروس HIV في حالة الكبت الفيروسي لا يترافق بانتقال العدوى من الشريك المصاب إلى الشريك الآخر. مما أثبت فعالية المعالجة المضادة للفيروسات القهقرية في الوقاية من عدوى الشريك طالما أن المصاب يجري التحاليل بانتظام ويتناول الأدوية ويحافظ على مستويات فيروسية غير قابلة للكشف (3).

ولا تتوقف الفوائد هنا، فالمعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية تخفض خطر انتقال الفيروس من الأم إلى طفلها في أثناء الحمل أو المخاض أو الولادة أيضاً. ولتحقيق ذلك، يجب أن تتمكن الحامل من تناول الأدوية المضادة للفيروس مثلما هو مطلوب طيلة فترة الحمل، وأن تُعطى الأدوية المضادة للطفل خلال أربعةٍ إلى ستة أسابيع بعد الولادة، وبهذا يصبح خطر عدوى الطفل 1% أو أقل من ذلك (3). أما خلال الإرضاع، فلا يمكن استبعاد خطر الانتقال، إذ لا توجد أدلة كافية بعد، لكنَّ الخطر ينخفض عند تناول الأدوية على النحو المطلوب (2,3).

يمكن أن ينخفض خطر العدوى بفيروس HIV بطرائق الانتقال الأخرى مثل استخدام المحاقن الملوثة مثلًا. لا توجد بعد أدلة كافية على أن الحمل غير القابل للكشف أو الكبت الفيروسي يمنع الانتقال بالمحاقن أو الأدوات الأخرى الثاقبة للجلد، ولكن من المتوقع أن ينخفض خطر انتقاله في مثل هذه الحالات (3). ومع ذلك، من الضروري استخدام محاقن جديدة وعدم مشاركة الأدوات الشخصية مثل أدوات الحلاقة مع الآخرين. 

إن عدم الالتزام بتناول الأدوية وفق التعليمات أو التوقف عن تناولها يسمح للحمل الفيروسي بالارتفاع بسرعة، وحينها يصبح انتقال الفيروس عن طريق الجنس محتملًا، في هذه الحالة يجب التحدث مع الطبيب لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ولا بدَّ من اتباع وسائل إضافية للوقاية من انتقال الفيروس إلى الشريك مثل استخدام الواقي الذكري أو اتباع ممارسات جنسية أكثر أمانًا أو الاستفادة من المعالجة السابقة للتعرض إلى أن يعود الحمل الفيروسي إلى المستويات غير القابلة للكشف (3).

المعالجة المضادة للفيروسات القهقرية تحمي صحة المصابين وسلامة المجتمع، ووصولها إلى كل من يحتاجها يحصن العالم من الفيروس الذي شَغَله طويلًا وما زال يشغله. وتبقى وسائل الوقاية من الأمراض المنتقلة بالجنس الطريقة الأمثل لحمايتك وحماية شريكك من الأمراض الأخرى المنقولة بالجنس، فالمعالجة التي تناولناها في هذا المقال تحمي من فيروس HIV فقط (3).

المصادر:

1.HIV Transmission | HIV Basics | HIV/AIDS | CDC [Internet]. Cdc.gov. 2020 [cited 21 November 2021]. Available from: هنا;

2.HIV Treatment as Prevention | HIV Risk and Prevention | HIV/AIDS | CDC [Internet]. Cdc.gov. 2021 [cited 21 November 2021]. Available from: هنا;

3.HIV Treatment as Prevention [Internet]. HIV.gov. 2020 [cited 21 November 2021]. Available from: هنا