كتاب > روايات ومقالات

مراجعة كتاب: (المكتبة في الليل): عن المكتبات الخاصة والعامة.

يُعد (ألبرتو مانغويل) قارئًأ عتيدًا إذ صدر له عددٌ من المؤلفات التي تتحدث عن القراءة والكتب والمكتبات منها: (تاريخ القراءة)، و(فن القراءة)، وقد لازم في فترةٍ من حياته الأديب الأرجنتيني (خورخي لويس بورخيس) فقد كان يقرأ له الكتب بعد أن فقد الأخير بصره، وقد أصدر (مانغويل) كتابًا عن تلك الفترة بعنوان (مع بورخيس).

يصف (ألبرتو مانغويل) في كتاب (المكتبة في الليل) مكتبته وارتباطه بها وبالكتب التي تحتويها، ومن خلالها يحكي لنا عن عالم المكتبات عبر التاريخ، ويحاول أن يجيب على السؤال المُحيِّر، لماذا نحن مولعون بجمع المعلومات وحفظها، من كل اتجاه؟ ويقول "فقد قررت أن أبدأ بالكتابة، لا كي أصنّف تاريخًا آخر للمكتبات، أو أضيف مجلدًا آخر للمجموعة الواسعة وسوعًا مرعبًا في علم المكتبات، بل كي أسجل فقط وقائع دهشتي."

ويتضح لنا منذ بداية الكتاب أنه يحب أن يعرف تاريخ المكان فيقول مثلًا "حجرة المكتبة التي جمعتُ فيها لوقتٍ طويل كتبي، أبصرت النور كأنها حظيرة ماشيةٍ في وقت ما من القرن الخامس عشر" تخيّل أن تبحث عن تاريخ مكان سكنك أو حجرة مكتبتك حتى القرن الخامس عشر! أمرٌ مُدهش حقًا أن تعرف تاريخ تطوّر المكان.

ثم ينتقل بنا من قصة مكتبته وكيفية شكلها السابق إلى أسطورة برج بابل الذي عاش البشر في ظله دون حدودٍ لغوية، وقد كان وجوده دليلًا على وحدة العالم، ومنها إلى مكتبة الإسكندرية التي أراد الملك  بطليموس الأول جعلها مكتبةً كونية وفي سبيل ذلك كتب إلى ملوك الأرضِ جمعيهم وحكامها يرجوهم أن يبعثوا أيَّ نوعٍ من الكتب لأي نوعٍ من المؤلفين لوضع كل الكتب الممكنة في المكتبة.

ثم نذهب معه من المكتبات التاريخية وأساطيرها إلى طرق ترتيب الكتب في المكتبة متنقلًا من مكتبته التي اعتمد في ترتيب كتبه فيها على أحجام وارتفاعات تلك الكتب تيمنًا بالمؤلف الإنكليزي (سامويل بيبيس) "الذي صمم رفوفًا مائلة بارتفاعات قليلة تناسب كتبه الأصغر حجمًا، إذ تطابق قمة الكتاب بخطٍ أفقي دقيق."، وأما الكاتب (فاليري لابو) اعتمد في ترتيب كتبه على الألوان فقد كان يُجلّد كتبه بألوانٍ مختلفة، فمثلًا خصص اللون الأزرق للروايات الإنكليزية، واللون الأحمر للروايات الإسبانية وهكذا. تلك الطرائق قد تكون نافعةً في المكتبات الشخصية، ولكنها لاتنفع في المكتبات العامة؛ لأنها يجب أن تتبع ترتيبًا مفهومًا لرواد المكتبة جميعهم فلا يجوز مثلًا الاعتماد على ألوان الكتب أو أطوالها في ترتيبها، ولو حدث ذلك لعمت الفوضى في المكتبة، ولصعُب على القارئ إيجاد الكتاب الذي يريده، ولا تخلو المكتبات العامة من الترتيبات الغريبة، ففي مكتبة الكونغرس توجد فئاتٌ غريبة طريفةٌ مثل: بحث الموز، الجزمات والأحذية في الفنون، مياه البواليع: الأعمال الكاملة ...إلخ

وعلى الجانب الآخر ناقش (مانغويل) عملية تحويل الكتب الورقية إلى إلكترونيةٍ لا سيّما الكتب النادرة التي لا توجد نسخٌ منها إلا في المكتبات الوطنية، ويرى أن تلك العملية قد تؤدي إلى إتلاف الكتاب بدلًا من المحافظة عليه، ففي عملية التحويل تلك قد تسقط سهوًا صفحاتٌ عديدةٌ من النسخة الإلكترونية، وقد تغري عملية التحويل تلك بإتلاف النسخ الأصلية من الكتب أو عدم الاهتمام بها والمحافظة عليها بحجة وجود نسخةٍ إلكترونية منها، ويرى أن القراءة الإلكترونية لا تعوّض عن القراءة من كتاب ورقيٍّ يمسكه بين يديه.

سيجد كلُّ قارئٍ للكتاب ما يُمتعه ويرضي شغفه عن المكتبات عمومًا وعن مكتبة ألبرتو مانغويل وقصص كتبه خصوصًا. هل قرأتم لـ (ألبرتو مانغويل) من قبل؟ وما رأيكم في أعماله؟

معلومات الكتاب: