الفنون البصرية > تعرف إلى فن

مراجعة فيلم الحرب والدراما 1917

الصمتُ مدقع والسماءُ صافية والأزهارُ ملونة بالأصفر والأبيض، لكن الألوان شاحبة، والصمت يخلو من الطمأنينة، جوٌّ تغلب عليه الكآبة، ثم نسمع فجأة صوتًا ينادي "بلايك! بلايك!"، لتبدأ بعدها رحلة يومين وليلة مليئة بالأحداث الشائقة لشابين مجندين في الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى.

نحكي اليوم قصة فيلم "1917"، تلك القطعة الفنية التي شارك في غزْلها عدد كبير من الأشخاص منهم:

- المخرج Sam Mendes (1)

- الممثلون مثل Dean-Charles Chapman وGeorge MacKay 

- السينماتوغرافر Roger Deakins (2)

 كلهم عملوا بهدف واحد ألا وهو توصيل رسالة أو حتى مشهد فني مميز من هذا العمل.

فيلم الدراما والحرب "1917" -الذي رُشِّح لعشر جوائز أوسكار(3)- يسرد لنا أحداث رحلة العريف "جوزيف بلايك" (Dean-Charles Chapman) وصديقه العريف "وليام سكوفيلد" (George MacKay)؛ إذ يُطلب منهما توصيل رسالة إلى الفرقة الثانية بقيادة العقيد ماكنزي (Benedict Cumberbatch) تنطوي على ضرورة إلغاء الهجوم على الألمان لأنه يمكن أن يسبب سفك كثير من الدماء.

أعدَّ وجه تشابمان الطفولي وصوته المرح، إلى جانب مكاي حاد الملامح والرصين، مزيجًا أضفى كيمياء مميزة على علاقة الشخصيتين مع بعضهما وعلاقتهما مع الجمهور، وذلك تحت إدارة وتوجيه المخرج البريطاني سام ميندز (Sam Mendes)، الذي ساهم أيضًا في كتابة النص إلى جانب (Krysty Wilson-Cairns)، مثبتًا من جديد أن قدراته لا يمكن حصرها في نوع أو صنف محدد، فلا يمكن جمع أفلامه ضمن فئة واحدة، إذ إن منها الكوميدي، والأكشن، والدراما، مثل American Beauty وAway we go وskyfall، الشيء الوحيد الذي يجمع هذه الأفلام هو الطرح المتكرر، لكنَّ هناك تجددًا في الأسلوب وفي المنظور لفكرة المنزل نراه أيضًا في هذا الفيلم، في حماس بلايك لرؤية أخيه، وتجهُّم ملامح سكوفيلد عند ذكره.

عيْنُ روجر ديكنز Roger Deakins الخبيرة، ورؤية سام ميندز العميقة للقصة والشخصيات جعلتا تقنية اللقطة الواحدة (One Shot) أداة في خدمة القصة أكثر منها للتباهي البصري، مضيفة جوانب جديدة ومحسنة من تجربة المشاهد، فنحن نعيش حياتنا في لقطة واحدة مستمرة، بلا قطع أو مونتاج، وهكذا أرادنا المخرج ميندز، أن نعيش ساعتين برفقة الجنديين، وأن نخوض ما خاضاه، كما خاضاه، لكن ما ميَّز هذا الفيلم ليس فقط الاستخدام الباهر للتقنية، بل استغلالها، والتلاعب بها للتلاعب بنا، فالسينما ليست فقط عما نراه عبر الشاشة، بل هي كذلك عما لا نراه، عما تخفيه عنا الكاميرا وما ينتظرنا في الاتجاه المعاكس، هكذا حرص ميندز على أن يبقينا على حافة مقاعدنا، فنحن نرى سكوفيلد يعبئ المياه، ونسمع صراخًا، ثمة شيء يحدث، ثمة خطر، ونحن على بعد حركة كاميرا منه.

لكنْ لم يكن فيلم "1917" أول فيلم يتناول أهوال هذه الحرب، حتى إنه لم يكن من ضمن أول مئة فيلم عنها، فقد سبقته أفلام كثيرة تناولت معارك وصراعات شتى، صراع للتغلب على العدو، وصراع للفوز بالمعركة والفوز بالحرب، لكن في هذا الفيلم الصراع الحقيقي كان لإيصال رسالة، لإيقاف معركة، لإيقاف الموت، وإنقاذ الأرواح ولو ليوم.

فلم يكن هناك شرير حقيقي في الفيلم، لا القائد الذي أَوكل إليهم المهمة، ولا ماكينزي الذي يوشك على إرسال آلاف الجنود إلى حتفهم، وحتى الألمان، فجميعهم بشر، على الرغم من اختلاف رتبهم وبدلاتهم وألسنتهم، يخوضون المآسي ذاتها، يحاولون النجاة وسط الموت، ويتخبطون في حالة ذعر وقلق وعدم يقين، العدو هنا لا وجه له أو اسم، يأخذ أشكالًا عدة يصعب التنبؤ بها، يأخذ شكل جندي مصاب، أو حفرة طين، أو شمس توشك على الشروق.

أخيرًا، قارئنا الشغوف، هل شاهدت الفيلم؟ هل أعجبك أم إن بساطة القصة غلبت على التقنيات الموجودة فيه فأحسست بالملل؟ شاركنا رأيك في التعليقات.. 

معلومات الفيلم:

العنوان: 1917

المخرج: Sam Mendes

الكتَّاب: Krysty Wilson-Cairns وSam Mendes

سينماتوغرافي: Roger Deakins

سنة إنتاج الفيلم: 2019

لغة الفيلم: الإنكليزية

مدة الفيلم: 1 ساعة، 59 دقيقة

تدقيق لغوي: بشرى البعلي 

المصادر:

1. Sam Mendes [Internet]. Nealstreetproductions.com. [cited 8 September 2021]. Available from: هنا

2. Roger A. Deakins - Filmography [Internet]. Rogerdeakins.com. [cited 8 September 2021]. Available from: هنا

3. 92ND OSCARS® NOMINATIONS ANNOUNCED [Internet]. Oscars.org | Academy of Motion Picture Arts and Sciences. 2020 [cited 8 September 2021]. Available from: هنا