الفنون البصرية > أيقونات فنية خالدة

مارلين ديبتيك: أيقونة مارلين مونرو

تبدو لوحة مارلين ديبتيك (Marilyn Diptych) للفنان الأمريكي آندي وارهول (Andy Warhol) -للوهلة الأولى- أيقونة دينية، إلا أن وارهول انتقى شخصيتها من الحياة الشعبية وخلدها في أيقونة فنية تنتمي للحياة المعاصرة والفن الحديث (1). 

تكشف هذه اللوحة عن شخصية وارهول الفنية، والتي لم تتأثر بحركة الفن الشعبي Pop art فقط، إذ أخذت تبرز في نيويورك منذ أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، كذلك بتاريخ الفن عمومًا وبفناني الحركة التعبيرية التجريدية Abstract Expressionism. (1)

لقد أُنتِجت هذه اللوحة بطريقة غير تقليدية؛ إذ لجأ آندي وارهول إلى استخدام الشاشة الحريرية لطباعة صورة فوتوغرافية تكرارًا للفنانة الأميركية مارلين مونرو (Marilyn Monroe) على قطعتين من الكانفاس المطلية باللون الفضي متصلتين، لتُشكلا ديبتيك Diptych (نوع من اللوحات التي غالبًا ما تكون عبارة عن أيقونات دينية قابلة للطيّ، مثل الكتاب. إذ يبقى محتواها محميًا من الغبار وعوامل الجو، ولا تُرى إلا عند فتح اللوحة لمشاهدتها (1). 

تتكرر الصورة المطبوعة خمسين مرة في مجموعتين، تتكرر خمساً وعشرين مرة بالألوان في اللوحة الموجودة على اليسار، وخمساً وعشرين مرة باللونين الأبيض والأسود في اللوحة الموجودة على اليمين، وتنتظم كلاً من المجموعتين في تشكيلة مكونة من خمس صور طولًا وخمس صور عرضًا، وتتكرر الصور ضمن هاتين المجموعتين برعايةٍ ونظامٍ يكاد يكون متطابقًا. وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بين كل مثال والآخر، فإنَّ هذه الاختلافات ناتجة عن اختلاف في توزيع الحبرفي أثناء الطباعة بيد الفنان أو حتى مساعديه وليس عن قصد الفنان. ويُذكر أن جامعَي الفن بورتن تريمين (Burton Tremaine) وإميلي تريمين (Emily Tremaine) هما من اقترحا على وارهول في أثناء زيارتهما له جمع اللوحتين لتشكلا لوحة ديبتيك (1,2). 

بدأ وارهول بالعمل على هذه اللوحة بعد وفاة مارلين مونرو في 5/ آب/ 1962. أخذ وارهول هذه الصورة من صلب الثقافة الشعبية آنذاك، واختار صورة ترويجية لمارلين مونرو من إعلان لفيلم نياغارا (Niagara) الذي صدر في عام 1953، وحوَّل تلك الصورة إلى قوالب رسمٍ استخدمها في إنتاج هذا العمل المكون من لوحتين بألوان متباينة، عكسَ فيه حياة مارلين مونرو مابين الأضواء والحياة الفنية العامة وحياتها الشخصية (2). 

قال وارهول "كلما نظرت إلى الشيء نفسه، اختفى المعنى، وشعرت بشعور أفضل وأكثر فراغًا"، ففي تكرار صورة مونرو، معتمدًا تقنية الشاشة الحريرية، والتي كانت تقنية تجارية في تلك الفترة، يؤدي هذا الجمع بين ميكانيكية العمل وبين التكرار الرتيب إلى تفريغ الموضوع من حيويته، محولًا الوجه الذي حرك مشاعر الجماهير إلى وجه غريب وغير مألوف؛ إذ أن هذه التقنية في إنتاج العمل تنقل الموضوع من إنسانة ذات وجهٍ ثلاثي الأبعاد إلى شبح وجهٍ مجرد، عالقٍ في عالم ثنائي الأبعاد، وهذه العملية -في الوقت نفسه- تحول الفنان إلى ما يشبه آلة ميكانيكية توزع الحبر على مساحات متساوية هندسيًا بطريقة آلية تستند على قوالب متطابقة، إذ يمكننا أن نرى في هذا العمل دعوة للنظر في عواقب الدور المتزايد لوسائل الإعلام واسع النطاق في حياتنا اليومية (1,3).

المصادر:

1. Modern and contemporary art Warhol, Marilyn Diptych [Internet]. Khanacademy.org. [cited 6 July 2021]. Available from: هنا

2. Marilyn Diptych’, Andy Warhol, 1962 | Tate [Internet]. Tate. 2021 [cited 6 July 2021]. Available from: هنا

3. Dupêcher N. Andy Warhol | MoMA [Internet]. The Museum of Modern Art. 2019 [cited 6 July 2021]. Available from: هنا