الفنانة يوديت لايستر ولوحة حفلة موسيقية

حياة الفنانة يوديت لايستر المبكرة

ولدت يوديت لايستر (Judith Leyster) في مدينة هارلم الهولندية (Haarlem) وتم تعميدها في الثامنة والعشرين من شهر يوليو/تموز، عام 1609م. كان والدها يان فيلمش (Jan Willemsz) يمتلك مصنع للجعة يدعى لايستر (Leyster) ومنه أخذت العائلة لقبها.

قلما يعرف عن تفاصيل تدريبها الفني المبكر لكنه من الواضح أنها صنعت اسماً معروفاً لنفسها في عمر مبكر جداً، تم ذكرها كفنانة نشطة في وصف الوزير الهولندي صموئيل أمبزينج (Samuel Ampzing) لمدينة هارلم والذي نشر عام 1628م وحينها كانت تبلغ التاسعة عشر من عمرها فقط (1).

*صورة شخصية "بورتريه" للفنانة يوديت لايستر (Judith Leyster).

لم يمضي وقتٌ طويل بعد ذلك حتى انتقلت العائلة إلى مدينة فريلاند (Vreeland) بالقرب من أوترخت مدينة (Utrecht)، مما جعلها تتأثر في الحركة الفنية "أوترخت كارافاجيستي" (Utrecht Caraviggisti)*؛ مع ذلك فإنَّ التأثيرات الدرامية غيرالمباشرة للإضاءة المصطنعة التي يوظفها هؤلاء الفنانون لا تشبه إلى حد ما أسلوبها في لوحاتها.

بحلول شهر سبتمبر من عام 1629م، قام والدا لايستر بالانتقال إلى مدينة زاندام (Zaandam) بالقرب من أمستردام (Amsterdam ) ولكن من غير المؤكد كم بقيت معهما هناك قبل العودة إلى هارلم وكانت عودتها المؤكدة إلى بلدتها الأصلية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني عام 1631م. وفي عام 1636م تزوجت من جان مينس مولينير (Jan Miense Molenaer) (1).

لايستر وتفاصيل تدريباتها الفنية

كما هو حال العديد من الفنانين، تتلمذت لايستر مع أساتذة مختلفين، لكنَّ الأدلة الوثائقية التي تخص تدريباتها الفنية نادرة. لم توجد سجلات تثبت أن الفنانة درست مع الفنان فرانس هالز (Frans Hals) لكنَّ عدداً من أعمالها تظهر أنها كانت واحدة من أقرب وأنجح أتباعه. فضلاً عن تأثرها أيضاً بأعمال شقيق فرانس، ديريك هالز(Dirck Hals) (1).

نجاح لايستر المهني

في السنوات التي تلت عودتها إلى هارلم، حققت لايستر نجاحاً مهنياً كان ملحوظاً لمرأة في عصرها. إذ بحلول عام 1633م أصبحت عضوة في نقابة القديس لوقا (Saint Luke’s) في مدينة هارلم، وكانت أول امرأة اعتُرف بها يمكن الاستشهاد بعملها (1).

لايستر وأسلوبها الفني

من ناحية الأسلوب تشابه الكثير من أعمالها أعمال الفنان فرانس هالز؛ ضربات ريشتها كانت طليقة وعفوية تماماً وقد فضلت نفس أنواع الموضوعات والتراكيب لاسيما المشاهد الحية التي تصور شخصية أو أثنتين وغالباً أطفالاً يقومون بنشاطات مرحة، كما رسمت أيضاً لايستر مشاهد الحياة اليومية، يصعب التمييز بين أعمالها المبكرة وأعمال زوجها لأنهما غالباً ما كانا يتشاركان نفس النماذج وربما عملوا على لوحات بعضهم البعض.

انتقل الزوجان إلى أمستردام حيث عاشا حتى عام 1648م. ومن الجدير بالذكر أن لايستر رسمت القليل جداً بعد زواجها. اشترى الزوجان منزلاً في هيمستيد (Heemstade) في أكتوبر من عام 1648م بالقرب من هارلم (Haarlem) لكنهما استمرا في القيام بزيارات منتظمة إلى أمستردام حيث ابتاعا هناك منزلاً. توفيت لايستر سنة 1660 ودفنت في (Heemstade) في العاشر من فبراير (1).

لوحة الحفلة الموسيقية (The Concert)

مع مشاهد الحانات ومشاهد الحياة المحلية المألوفة، تُكرر يوديت لايستر رسمها لمشاهد العروض المسرحية. صوّرت لايستر في هذه اللوحة العناصر بدقة مثل الكمان الباروكي المصنوع بلا مسند ذقن والمثبت على صدر الشاب بالإضافة إلى كتاب الأغاني الذي يظهر في يد المغنية (2).

من المحتمل أن تكون العناصرهنا صوراً شخصية مبنية على أفراد متشابهين في رسوم لايستر الأخرى، حدد الأكاديميون هوية الأشخاص في الصورة، حيث أن المغنية هي الفنانة نفسها وعازف الكمان زوجها وعازف العود صديق العائلة. على الأعضاء الثلاثة أن يعملوا مثل جميع الموسيقيين معاً كمجموعة متكاملة "في الحفلة" مما قاد بعض الكتّاب إلى القول بأن المشهد يرمز إلى قوة الانسجام (2).

غالباً ما كانت لايستر تضع عناصرها على سطح أملس وخلفية أحادية اللون وبالتالي لا شيء يصرف الانتباه عن العناصر والتي تظهر جميعها في حركات متنوعة مثل الركوع أو دندنة الأوتار أو القرع . تضيف بعداً ثالثاً إلى اللوحة من خلال حركة حمل العود التي تضيف فيها عمقاً إلى التكوين. كما نلاحظ اتجاهات نظرات الموسيقيين المختلفة فتعطي المشاهد نقاط تركيز مختلفة (2).

• أُنجِزَت اللوحة بالألوان الزيتية على قماش.
• رُسمت في عام 1633م.
• موجودة في المتحف الوطني للمرأة في الفنون (National Museum of Women in the Arts) في الولايات المتحدة الأمريكية.
• الأبعاد  60.9 × 86.9 cm.

* أوترخت كارافاجيستي (Utrecht Caraviggisti): وهي حركة فنية انتشرت في أوروبا يقوم فنانوها بمحاكاة جوانب من أسلوب الفنان الإيطالي كارافاجيو (Caravaggio) وتقنياته واختياراته لموضوعات لوحاته (3).

المصادر: